ثقافة وفن

خيوط وألوان مشغولة بأوتار القلب ومحاكة من الذهب … نهاد العيسى لـ«الوطن»: أجسد سورية فهي ولّادة بالخير ومنتصرة بالمحبة

| سارة سلامة

الرسم بالخيوط نوع من أنواع الفنون التطبيقية يحتاج إلى أدوات خاصة مسامير وسطح «خشبي» أملس لتربط بينها خيوط ملونة، وتحتاج إلى فنان يصوغها.
وإذا ما رجعنا إلى أساس ذلك الفن فهو يعود إلى نهاية ستينيات القرن الماضي حينها تحول إلى حرفة زخرفية عبر جهود عدد من الفنانين ليأخذ أشكالاً عديدة تميل أغلبها إلى الأسلوب التعبيري. ونرى اليوم الفنان نهاد العيسى من الفنانين القلائل الذين عملوا بهذه المهنة والفن وحافظوا عليها إلى اليوم رغم حاجتها الكبيرة إلى الوقت والجهد، هذا إضافة إلى أنها أصبحت مكلفة في ظل ما نشهده من ارتفاع للأسعار، فهو يستخدم الخشب والمسمار والخيوط الملونة والمتعددة كالمقصب والحريري وأخرى من نوع «دي أم سي».

لنجده يقيم معرضه التشكيلي الخامس، حيث استضاف المركز الثقافي العربي في «أبو رمانة» بدمشق، لوحات معرض «خيط ولون من وتر القلب» والتي كانت مزيجاً بين الرسم والعمل اليدوي، لتغلب على لوحاته مواضيع عدة أغلبها من «البورتريه» والنباتات والحيوانات والطبيعة السورية، مستخدماً الخيوط الوترية في تكوين اللوحات التي حملت له التفرد.

أعشق الأرض السورية

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» بين الفنان نهاد عيسى أن فن الخيوط الوترية هي حالة بدأت منها كهواية لأطورها فيما بعد وقال: «أصبحت عندي حالة احترافية، واستطعت من خلال الخشبة والخيط والمسمار تجسيد مواضيع استقيتها من الواقع السوري، لأن الفنان لا بد له من الذوبان في عشق الطبيعة السورية وآثارها لتكون منبراً لأعماله».
ذلك الفن حقق له الانتشار وذاع صيته وجعله يلمس محبتهم وتشجيعهم له: «لاحظت أن الناس تحب هذا النوع من الفن لأنه غريب وليس من الفنون المطروقة، ربما لأنه يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين حيث إن بعض اللوحات تحتاج إلى 3000 مسمار وذلك بشكل غير عبثي إنما المقصود أن نوصل فكرة من توزيعها ورسالة أو عبرة، ولكن هذا التعب ينجلي كلياً عندما تكتمل اللوحة مكتنزة بسحرها، هذا الإنتاج لطالما يجعلني في سعادة كبيرة وإحساس جميل».

الرسالة التي يريد أن يوصلها هي: «رسالتي هي تعليم الأطفال والأولاد والشباب والمنظمات الشعبية والشبابية هذا الفن، لنعمل على انتشاره وخشية من اندثاره، وأتمنى إقامة معهد خاص لأعلم أبناء سورية من جميع المحافظات هذا الفن».
موهبته بدأت منذ القدم بأيام الكشاف والرحلات والمشاركة مع المنظمات الشعبية التي علموهم كأطفال مبادئ هذا الفن ليأخذه يعمل به مبيناً: «اشتغلت على شيء أحببته وتعلقت به، فقمت بإحضار عدة ألبومات، أما الآن في زمننا ومع وجود الإنترنت أصبحت الأمور أكثر سهولة، حيث كنا نبحث بشكل كبير سابقاً لنحصل على صورة، أما اليوم فهناك آلاف الصور للنسج ما نشاء وبشكل متقن أكثر».

أما أهم المواضيع التي احتلت حيزاً في موضوعاته فكانت المرأة التي قال عنها: «المرأة موجودة عندي وحاضرة بقوة في أكثر من لوحة، لأن المرأة بحد ذاتها مصدر للجمال، وحاولت أن أجسدها بألوان زاهية، وتضع الحلي وفي لوحة أخرى ألبستها قبعة أي أعمل على إظهار جمالها من خلال تبرجها».

كما أن سورية لم تغب عن أعماله فهو: «في كل مناسبة وطنية أقيم معرضاً مثل أيام «8 آذار و7 نيسان و6 أيار»، أحب أن أجسد سورية المنتصرة وفي جميع حالاتها الوطنية والقومية وهناك لوحة لحذاء العسكري الشريف مزينة بباقة ورد إجلالاً وتقديراً لتضحياته، ومهما قدمنا لسورية فسنبقى مقصرين، فهي ولّادة بالخير ومنتصرة بالمحبة».
كذلك نرى لوحات تحمل حيوانات قال عنها: «هذه الحيوانات رمز للبيئة القروية وفي سورية نرى الديك في كل مكان، وباللوحة عندي نراه متعدد الألوان ويظهر بكامل جماليته».
وبالنسبة للصعوبات التي تحكم هذا النوع من الفن أوضح عيسى: «المشكلة أن المواد والأدوات التي استخدمها مكلفة جداً، وخاصة أنني أدخلت أدوات جديدة، مثل استخدام الحطب كإكسسوار، وأتمنى أن يأتي اليوم الذي أستطيع فيه تغطية تلك التكلفة».

هذا عدا الوقت الذي نقضيه في العمل حيث قال: «كل لوحة تأخذ شغل قرابة عشرة أيام، ومستمر بالعمل وقدمت لوحات عن مارلين مونرو وشارلي شابلن الذي أضحك الملايين، على حين جسدته بحالة حزن وقدمت مارلين مونرو بأكثر من شكل، كما جسدت المرأة باعتبارها آلهة الخصب ومصدر الحياة، وجسدت صورة شجرة جذر في الأرض وساق في العالي وذلك دليل على أنها بمرتبة عالية، والمرأة السورية هي التي ضحّت بأولادها ليستشهدوا فداء لسورية وأعتبرها الأم الحقيقية أكثر من أي أم في العالم».

يذكر أن الفنان نهاد العيسى أقام العديد من المعارض ولاسيما خلال سنوات الحرب على سورية، إضافة إلى أنه يكتب القصة القصيرة الملتزمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن