من دفتر الوطن

وسام التفاؤل!!

| عبد الفتاح العوض

من الصعب الآن أن أكتب قصيدة مديح بالتفاؤل لكنني سأغامر..
في ذروة الأزمات تجد هناك من يقوم بمبادرات أهلية، ومثل هذه المبادرات ربما لا يكون لها تأثير اقتصادي حقيقي، ومن الظلم أن نحملها أكثر مما تحتمل، هي مجرد محاولات تعبر عن واحدة من طرق التفكير الإيجابي.. محاولات لها معنى معنوي أكثر مما يكون لها مفعول مادي.
لكن وجود هذه المبادرات هو فعلاً واحدة من العلامات المميزة في مجتمعنا، وهنا يمكن أن نتحدث عن قصيدة غزل بالمجتمع الذي اشتغل في الجمعيات الخيرية على مستوى سورية، وفي كل المناطق، وتحت كل العناوين، فقد استطاعت هذه الجمعيات أن تقدم خدمات مهمة على المستوى المعيشي للفئات المحرومة والأكثر فقراً.
هؤلاء هم صناع التفاؤل.. أصحاب المبادرات المجتمعية وأهل الأعمال التطوعية والخيرية يستحقون أن يحصلوا على وسام التفاؤل، لأنهم فعلاً يقدمون شيئاً مميزاً يقدم صورة طيبة عن المجتمع السوري.
أهمية صناعة التفاؤل تأتي من «التوقيت»، فعندما تكون الأمور سيئة تطغى الألوان القاتمة، فإن وجود إضاءات هنا وهناك تستمد قيمتها من ناحيتين:
الأولى ندرتها وصعوبة التشجيع عليها.. فالمتفائلون في هذه الحالة قلة القلة، والناحية الثانية: الحاجة إليها، ففي هذا الوقت يكون المجتمع بحاجة إلى إشارات إيجابية وإلى خلق حوافز للأمل.
فعندما يحصل ذلك ويقوم أفراد أو مجموعات بنوع من نثر الأمل وإشاعة التفاؤل فإن هذا العمل يستحق التقدير.
بالمقابل فإننا نتحدث عن آخرين يشيعون التشاؤم ويحبطون الناس مرة بعد مرة.
لا أتحدث عن طبائع بشر لديها ميزة تصدير «الاكتئاب»، لكن أتحدث عن أشخاص لديهم مواقع مسؤولة يحبطون الناس من خلال مجموعة من السلوكيات التي تبث التشاؤم.
عندما نتحدث عن مسؤول يقدم وعوداً ولا ينفذها ومرة بعد مرة فإن ذلك يحبط الناس ويثير السخط.
وعندما تتكرر الأزمة نفسها في وقته فإن هذا المسؤول يقول للناس بشكل عملي أنا غير قادر على حلها.
عندما يتحدث مسؤول بخطاب طويل ولا تستطيع أن تحصل منه على نتيجة فإن ذلك يثير الإحباط والتشاؤم.. الناس تقول له: «مرتا.. مرتا تقولين أشياء كثيرة والمطلوب واحد».!!
عندما تتكاثر أسئلة الناس وتصبح إشارات الاستفهام غابة من القلق على المستقبل ولا يكلف المسؤول نفسه للخروج على الناس والحديث فإن مثل هذا السلوك هو صناعة تشاؤم بامتياز!!
وفي الحالتين.. عند صناع التفاؤل وكذا عند صناع التشاؤم ثمة من يركبون الموجة بطريقة تستحق الازدراء..!
فهناك من «ركب» قطار المبادرات، وأصبح يتحدث بطريقة تسيء لهذه المبادرات، كأولئك الذين أصبحوا يتحدثون عن دعم «التاتو والتجميل» وكذلك فإن من صناع التشاؤم من يزيدها علينا فهو مسؤول ويجب أن يتحدث عن الحل لكنه يشرح لنا «مصيبتنا» ويوصف لنا مرضنا من دون أن يقدم الدواء والحل.
مثل هؤلاء فعلاً يستحقون أيضاً وساماً لكن.. وسام التشاؤم!!
فإنه من الأكثر فائدة أن نحاسب المسؤولين الذين لم يتمكنوا من حل المشكلات وكذلك من أولئك الذين يقدمون وعوداً ولا ينفذونها وأظن ثمة نماذج كثيرة تستحق المحاسبة.

أقوال:
إن لم تستطع أن تفعل أشياء عظيمة فافعل أشياء صغيرة بطرق عظيمة.
إنّ التفاؤل دفاع جيد ضد التعاسة.
وإذا ما أظل رأسك همٌّ قصِّر البحث فيه كي لا يطولا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن