ثقافة وفن

أسلوب رمزيٌّ ومبّسطٌ وفق منهجية «الفن البدائي» … لين البطل لـ«الوطـن»: لم ترّحب الصالات بعرض لوحاتي لأنّ فني مختلف عما هو سائد في التشكيل السوري

| سوسن صيداوي

الأزمة السورية والقتل والتنكيل مع مشاعر الخوف للضحية ومشاعر شعور اللذة في زهق الروح عند الطرف الآخر، اضطهاد المجتمع وأوجاع المرأة ومخاوفها والتسلّط عليها سواء من المجتمع أم الرجل، العمارة الدمشقية وجمالها وجذبها للعين في الأحياء القديمة، إضافة إلى ألوان داكنة وزاهية مع زخرفات، كلّها عناصر سخّرتها الفنانة التشكيلية لين البطل برمزيتها المتعمّدة في أعمالها والتي جعلتها تشكيلية تطرق الحداثة بأسلوب خاص مكّنها لتكون مختلفة عن زملائها في الساحة التشكيلية السورية، احتوى معرضها الذي افتتح في غاليري فاتح المدرس بدمشق على أربع وعشرين لوحة متفاوتة الأحجام بين الكبيرة والوسط والصغيرة، وللمزيد حول المعرض نقدم لكم.

تجربة الفنانة

بداية تحدثت الفنانة التشكيلية لين البطل عن معرضها الفردي: «في هذا المعرض قدمت العديد من اللوحات المتباينة بالحجم ما بين الكبيرة والوسط والصغيرة، واخترت نحو أربع وعشرين لوحة، وهي وليدة من عام 2017 وحتى عامنا 2020 الجديد حيث رسمت لوحة واحدة».
وفي سؤال «الوطن» عن انطلاق الزخرفة كمحرك بحث فني للفنانة، أجابت: «وأنا طفلة صغيرة كان لديّ-و مازال-العشق الكبير لكل ما هو زخرفي، وحتى الزخارف القديمة منها والتي كانت تعتمدها الحضارات القديمة كالأنكا والمايا، حتى ما حمله التراث السوري لنا عبر الحضارات المتتالية من مكنون زخرفي رائع الجمال سواء ما قبل الإسلام وحتى الحقبة الإسلامية، فهذه الزخارف كلّها أنا أحبها كثيراً، وأسلوبي هو في أن أُدخلها كتفاصيل صغيرة ولكنها قادرة على إغناء العمل من جهة وتمييز أسلوبي من جهة أخرى».

و حول تركيز الفنانة على الأنثى والعمارة الدمشقية والوجوه وأيضاً مع إظهار بعض جوانب القتل، وفي سؤالنا لها إن تأثرت بالأزمة السورية عقّبت الفنانة البطل: «أنا تأثرت بما حصل للمجتمع السوري من جراء الحرب، وعلى الأكيد الذي يحضر المعرض ويرى اللوحات يمكنه استنتاج ذلك، من خلال أسلوبي الرمزيّ والمبسّط فهذا اسمه(الفن البدائي)، وبالفعل لقد تأثرت كحال أي أحد يحب بلده ولديه غيرة عليه، وعلى الأكيد لقد صوّرت القتل الذي اعتدنا أن نراه بشكل كبير، ولكنني جسدته بطريقة مختلفة ولا يمكن توقعها من حيث الوجوه التي تكون مرعوبة وبرفقتها وجوه تضحك، كي أدل على تبدّل الأخلاق وتأزّم العقد النفسية المجتمعية المتباينة بين السادية والماسوشية، وحتى عن اضطهاد المرأة، والأمر واضح من مخلفات الحرب حيث أصبح هناك تعصب شديد مقابل تحرر ذاهب نحو الفلتان، وهذا الأمر متناقض جداً وهو مرضي ومرعب ويحتاج إلى حلول علاجية كون الأمراض النفسية وحتى الجنسية انتشرت بشكل فظيع، فهذا الاضطهاد واجب الوقوف عنده وإيجاد الحلول لمكافحته وبشكل جدّي».
كما وسلّطت (البطل) الانتباه إلى نقطة مهمة وأيضاً يجب الوقوف عندها والتفكّر بها لإيجاد الحلول أيضاً لمواجهة سياسات صالات عرض الفن التشكيلي التي ترفض التجارب المختلفة عما هو سائد في عموم الحركة التشكيلية السورية، لتقول: «أشكر غاليري فاتح المدرس لثقتها بفني ومنحي الفرصة لتقديم أعمالي، وخصوصاً بأنني قوبلت بالرفض بالعرض في الصالات الأخرى، كون الفن الذي أقدمه مختلفاً ومغايراً لما هو سائد في الحركة التشكيلية السورية، مما قد يؤثر على المبيعات برأيهم وربما لتكون قليلة، أو ربما يخافون من ألا تلقى الأعمال إعجاب الجمهور كون الأسلوب جديداً ومختلفاً، ولا أطلب من الجمهور من أن يحبه ولكن ما أطالب به الصالات أن يفسحوا المجال حتى للمختلف والجديد وترك الخيار للجمهور الذي هو قادر على الحسم، فالانفتاح على الآخر ضرورة ملحة، حتى إنني أُتهم بأن فني ليس سورياً، ولكن أردّ وأقول الفن التجريدي ليس فناً سورياً، كما ويكفيني بأنني أرسم منذ كان عمري خمس سنوات ولدي أسلوبي الخاص وأظن أن هذا أمر مهم، وبالتالي لا يجوز رفض الإبداع».
و أخيراً عن اختيارها لماركة لفلوف وزخروف اليدويتين وحبها للغناء ختمت لين قائلة: ماركة (زخروف) لأنه بإمكاني الزخرفة على كل المواد من خشب إلى زجاج وحتى قماش، أما (لفلوف) فهي لف حبال مثلاً على قماش، واخترت الأسماء كي تكون قريبة على قلب من يسمعها وبنفس الوقت تعني أن المنتج الذي نقدمه يدوي، في حين أنا لست محترفة للغناء ولم أقدم على تسجيل أغانٍ خاصة بي بالإستديو، فالأمر بالنسبة لي هو مجرد تحقيق المتعة، وأنا أحب أن أجلس مع الأصدقاء وأغني، وصحيح أنني أشارك ببعض الحفلات، ولكن الموضوع مرتبط بما أحققه بمتعة لنفسي وأيضاً أغني بعيداً عن أي احتراف».

كلمة أصحاب الاختصاص

من جانبه تحدث الفنان التشكيلي عصام درويش عن تجربة الفنانة لين البطل، قائلاً: «تشتغل الفنانة بما يشبه الأسلوب الرمزي لأنها تحمّل اللوحة الكثير من الأفكار وبواسطة الإشارات يمكن أن تعطي أفكاراً جميلة، وكما أنها تجمع بين الرمزية والتقنية الزخرفية، حيث إنها تستخدم مواد وألواناً جديدة، وهي في الحقيقة فيها شيء مميز عن زملائها بالفن السوري سواء بأسلوب العمل أم بالأفكار أم بالتقنية، عدا عن كونها تقدم دائماً شيئاً فريداً، وأنا أرى أنه من الضرورة أن يستنبط الفنان أشياء جديدة، كي لا يكون هناك تكرار بالأفكار، لأن تشابهها كبيراً في المحترف السوري، هذا وأحب أن أضيف بأن نمط الفنانة جميل ومليء بالأسرار والأفكار ضمن توليفة لونية جيدة، وأخيراً إن المعرض يكشف عن شخصية لين البطل الغنية بالفكر والثقافة وأنا أجد بأنها ستأتي بأعمال مهمة أيضاً من خلال متابعتها الحثيثة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن