ثقافة وفن

سعدون جابر.. سفير الأغنية العراقية.. صوت شجي ومعان جميلة

| د. رحيم هادي الشمخي

التراث الشعبي العربي، ومنه (العراقي)، تراث غني بمفرداته ومعانيه الشعبية وخصوصية التغني به، وما أكثر الفنانين العرب الذين أثروا بالفرح والحزن، وما بين (دجلة والفرات) شمخ الفن العراقي، ومن هذه الأرض السومرية والبالية ولد فنانو الطرب العراقي، لينقلوا إنتاجهم إلى الوطن العربي والعالم، في مقدمتهم حضيري أبو عزيز، وداخل حسن، ومحمد الكينجي، وناظم الغزالي، وحسن داود، وزهور حسين، ولميعة توفيق، ووحيدة خليل، ونرجس شوقي، ونهاوند، وعفيفة اسكندر، وصديقة الملايا، وغيرهم من فناني الطرب العراقي الأصيل.

ومن جيل السبعينيات برز لفيف من الفنانين العراقيين ومنهم المطرب العراقي الكبير (سعدون جابر) صاحب الصوت الشجي والمعاني الجميلة، وقد اشتهر بأغانيه المبدعة والجميلة، فأحبه العرب ورددوا أغانيه في كل مدن الوطن الأكبر، وكانت أولى أغانيه (يا طيور الطايرة) التي غنّاها عام 1971 وهي من أهم أغانيه التي لحنها (كوكب حمزة) وتقول:
يا طيور الطايرة مرّي بهلي
يا شمسنا الدايرة ضوي لهلي
سلميلي وغني بولاياتنا
آه لو شوكي جزه وتاه وينجمه
آه لو صيف العمر ما ينطي نسمه
بداية الفنان سعدون جابر هذه السبعينية زمنياً -يعني بداية السبعينيات- المستقرة سياسياً واقتصادياً أتاحت له وللملحنين الذين تعاونوا معه أن يختاروا كلمات شكلت فيها الشفافية حيزاً كبيراً، فكان المنتج من الكلمات يحمل قدراً كبيراً من الشفافية والتفاؤل والبقاء على قيد العهد والوفاء والمحبة، فجاءت كلمات الأغاني العراقية، التي غناها سعدون جابر معبّرة عن تلك التجارب الشعبية التي عاشها الناس، مثل أغنية (المطار):
تروح غالي وترد غالي… روحي إلك بالانتظار
مثل ما أودعك أشوفك…إحنه موعدنا المطار
مهما تغيب إنته أعلى بالي… وسلوتي بليل ونهار
آه يا أرض المطار
وكان ثمة بناء للشفافية يربط معظم أغني سعدون جابر، فهناك أغنية:
مشوارك حبيبي أبد ما منه مشوار/ يلي بصوتك نغم وبعيونك أسرار
ويلبحبك حبيبي لازم يغار
وهناك أغان كثيرة مثل: أغنية (أريدك) و(ينجوى) و(وعلى اللـه يا بشيرة) و(يا أمي) و(القنطرة) و(يا بعد أهلنه) وغيرها، وبذلك ينفتح سعدون جابر عربياً على صعيد تعاونه مع الملحنين كما هو شأن التعاون مع الملحن الكبير (بليغ حمدي) وهنا يفتح باباً على المستمع العربي ليصبح سفيراً للأغنية العربية بصورة عامة والعراقية بصورة خاصة، وذلك بسبب شفافية الذي غنّاه وعمقه وجمال الصورة التي يقدمها والتي تنزل إلى عتبة الرجاء والتوسل والعتاب والسؤال الحميم، كما في أغنيته:
ترضون بهيمة تخلوني/ ذبلان الشوك البعيوني
فضلاً عن استمرار صعود خط شروع اللحنية العراقية التي قدمت لحناً شفيفاً لكلام شفيف يمس الهمم مساً ليعمق دائرة الشفافية ويحجم من دائرة القسوة أو بين ينجح المطرب المبدع في أدائها، ولذلك لانعدم وجود أغنية ملحنة لحناً ناجحاً من ملحن واحد، كما في أغنيتي (يم داركم) و(جذاب) اللتين لحنهما الفنان (طالب القره غولي)، بيد أن الشفافية في الكلام المغنى غالباً ما تترك أثراً نفسياً إيجابياً في المتلقي سواء أعلم بذلك أم لم يعمل، وكذلك الأمر بالنسبة إلى اللحن الشفاف الذي يتحول إلى تمثلات أدائية ناجحة بين حناجر المطربين.
وأخيراً، فإن الفنان (سعدون جابر) هو (سعدون جبر اللامي) من مواليد بغداد 1950، أما عائلته فهي تنحدر من جنوب العراق، محافظة ميسان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن