ثقافة وفن

الأكثر مهارة في الكره هم أولئك الذين يعظون بالحب! … للحب يوم.. ولنبض الأرض دهور

| إسماعيل مروة

للحب والوطن

هو: عيون ترقب كل شيء
تدور عيناه في كل مكان.. يلتقط التماع العيون التي ترقبه
تلتقي عيناه بابتسامة
ابتسامة تجاوزت أثر كل العيون اللامعة
احتوت ابتسامتها كل الألق.. كل الأرق
ومن ابتسامتها صعد بنور عين خافت إلى لوحة آسرة
إلى الوجه والعينين.. وكانت العينان بعيدتي الغور
بحاجة إلى زمن ممتد.. إنها شام بهضابها ووديانها
ببياضها وسمرتها.. بحكايات الصوفية وتكاياها
شعر أنها تودّ الشكر ولا تفعل
شعر أنها تهمّ بالسجود للتراب فرفعها بيديه
احتاجت عشرة آلاف سنة قبل أن تدلف
تناوله دمعة عين
ورقة كتبت عليها عبارات
وكانت ورداتها تشبه دمعها
وانسربت.. ومع غياب شام غاب النور
واحتاجت عشرة آلاف سنة
حتى تجرأت أن أهمس للشام وأقول لها:
هل هناك متّسع لعابد يدلف إليك؟
أومأت برأسها
تعال إلي يا ولدي
فأنا أرقب وأترقب
عشرة آلاف سنة يا شام وأنا أرنو
واليوم أحتويك
بقوتي.. بضعفي..
لا أخاف نهاية.. ولا أخشى موتاً
وانهمر ليتحول كل يوم إلى عيد للحب
قد يكون اليوم.. قد يكون غداً.. قد لا يكون
لكنه بحث عن حب مشتهى
عن قمة ترتجف لنشوة الحب
عن مغارة تستوعب كل شيطنات العابد
لا تبتعد المغارة
ولا يخرج العابد
إلا وقد غسل روحه بماء ينزّ من جدرانها المقدسة
وبكل التفاصيل يصبح كل يوم عيد حب

الوطن يمنح مجده
هي: تضع يدها على خدها
تبتسم بهدوء
تبتعد عن كل ما يحيط به
ترقبه وترحل قبل أن يتمكن من رؤيتها
وكلما ادلهمّت الدنيا في عينيه
احتاج رؤية شام
ترقب.. تهرب
احتاجت عشرة آلاف سنة
احتاجت وقتاً حتى تيقنت
فأعطته ورقاً وقلماً
الورق مملوء بالعذب من الكلام
لكنه يتّسع لكلامه
هكذا أحبك يا ولدي
لوني لك.. عطري لك
مغاوري لك
لا تجعل أحداً يدرك حبك
تعال إليّ في مغاوري.. في كهوفي
في ودياني.. في هضابي
في كل زاوية
بأمان أنت مع عمامة الشيخ الأكبر
من محيي الدين إلى الشيخ رسلان
من بولس إلى حنانيا
في كل زاروب أنت بأمان
قرأ كلماتها
التهم عينيها
افتداها لأنها تستحق
شرب دمها حين نزفت
ضمّدت رأسه حين تشظى
قطرت لعينيه حين غابت الرؤية
أسندت ظهره حين أتعبه المسير
لم يشأ أن يبتعد لحظة عنها
مكلومة هي الشام
نور ويكاد يخبو لكنه لن يفعل
في تكايا الصوفية انزرع قالت الشام
أتألم لأجلك فلا تحزن
أتحمل الألم
تمرغ
انزرع
لا تتردد يا ولدي فأنا كل شيء لديك
أزرار سترتك صنعتها
مسامات جسدك من صنعي
إنه الحب يا ولدي
عشرة آلاف سنة وأنا أرتعش
كلما التقى عاشقان في ظل صخرة
تحت جذع شجرة
في كهف مسحور
كلما وكلما
انتظرني على هاوية من حب
هناك تكون الخاتمة
شام: أنا المجرّحة من أطرافها
طفل لا أب له.. أنا أبوه
طفل رضيع لا أم له.. ألقمه صدري
جائع لا لقمة لديه.. أعطيه غذائي
مشرد لا مكان له.. كهفي ملاذه
ملحد لا دين له.. أوجه إليّ وجهه
تائه لا يعرف طريقاً أنير له طريقه
في الشام ينتهي كل شيء
حارس يحميها من أعلى قاسيونها
وجندي معلوم حمل صفة المجهول يرقب ابتسامتها..
وهي نشوى بما زرعت في أبنائها
لا تعرف ما تريد
وتعرف كل شيء
بعد أن مسحت شفتيه سألته:
ألم تصل الغاية؟
بلى وصلتها..! وماذا بعد الغاية؟!
كأي رصيف ظنته
كأي طارئ ظنته
وصل غايته.. ولم تتبين الفرق بين غايته والغاية
الشام سدرة الغاية
بعدها لا غاية.. قبلها لا محطة..
ويلفها الصقيع.. ويغيّر وجهة روحه
لا يريدها أن تدمع
تسع سنوات والدمع يجرّحها
وابنها يقف على الباب.. عينه لا تنام
لا زمهرير
لا حرّ
لا حزن
لا فرح
بهجته أن يلتقط ابتسامتها العذبة
غايته أن يرشف من مائها
أن ينطمر في ثلجها

الحب في الشام أعياد
الحب: واليوم للحب عيده وللشام أعياد
لا ينتهي الحب في الشام
لنحتفل بالحب فيها
كل يوم هو للحب
قديسة كانت، وقديسة تبقى
وقداديس الحب للقديسين تقرع
صوفية كانت
والدرويش يدور حولها
وللصوفي سكرة النشوة
يدور بتنورته ويدور
والحب ينسرب في طرقات محبوبته
يرحل الآبقون
يتجذر المنتمون
وتبقى شام على حافة الحب تشدو
التصق بي يا بني
أمنحك عبودية مطلقة
كما منحتني تقديساً مطلقاً
كل عام وأنت الحب بكل علاماته وإشاراته
أنت يا سيدة الأكوان
إن بلغت الغاية
وإن حرمتها
وللحب نحيا

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن