اقتصاد

عائدات استثمار التمويل

| عامر إلياس شهدا

في زاوية سابقه بـ«الوطن» بتاريخ ٣/٢/٢٠٢٠سألنا السؤال التالي:
هل جرت دراسة لربط التمويل بالتصدير، أي بقدر ما يحققه الصناعي المصدر من موارد قطع يمكن تمويله بالقطع لاستيراد المواد الأولية واستيراد مواد أخرى، مع زيادة هامش معين على ما يحققه التصدير من قطع؟
وكان رد مصرف سوري المركزي أن أصدر القرار رقم 261/ ل إ تاريخ 9/2/2020 والمتضمن السماح لمن يرغب من المصدرين ببيع القطع الأجنبي الناجم عن التصدير وفق السعر التفضيلي مضافاً إليه حوافز دعم تصدير مقدارها 15 بالمئة، إضافة إلى منح المصدر الذي قام ببيع القطع الأجنبي الناجم عن التصدير إلى المصرف المركزي الأولوية في تمويل مستورداته وبما يعادل ضعفي قيمة القطع الأجنبي الناجم عن التصدير والذي قام ببيعه إلى المصرف المركزي بما لا يتعارض مع أحكام تمويل المستوردات.
أي إنه لا يوجد ما يلزم المصدر بإعادة قطع التصدير سوى لبيعه بـ٨٠٥ ليرات سورية، أي إن المركزي سيمول المواد الأولية لتنتج المصانع مواد تستهلك في أسواق خارجية، ويقر المركزي أنه سيمول ضعف المبلغ الذي يباع من موارد التصدير للمركزي، أي من يقوم بتصدير منتجات بمبلغ مليون دولار ويبيعه للمركزي بسعر ٨٠٥ ليرات، يقوم المركزي بتمويل المصدر بمبلغ ٢ مليون دولار بسعر ٧٠٨ ليرات، أي كل صفقة تصديرية بمليون دولار قد يربح المصدر منها مبلغاً مرتفعاً، هذا يضعنا أمام تساؤلات عدة أهمها.
ما الإجراءات الرقابية التي ستفرض على المنتجات المصدرة من حيث الكمية والنوعية والسعر؟
ما الضوابط التي ستحول دون العودة إلى التصدير الوهمي وتهريب الليرة السورية؟
ما الموارد التي ستغطي تمويل المستوردات؟
هل عدم إلزام المصدر ببيع جزء من قيم صادراته إجراء صحيح؟ وما النتيجة المنتظرة من عدم اتخاذ هذا الإجراء؟ مع الإشارة إلى أن القوة الشرائية لليرة السورية بدأت بالانحدار من تاريخ إلغاء تنظيم تعهدات إعادة القطع، ونطالب بمراجعة التاريخ.
ما الضوابط التي وضعت لضبط كمية الإنتاج بما يتناسب مع كمية المواد الأولية المستوردة؟
في الواقع واستناداً للقرار نحن أمام متوالية عددية ما روابطها التي سترفدها بالزيادة المتتالية؟
نقترح عليكم : أن تدرسوا تخفيض سعر دولار التمويل بمقدار ١٥ بالمئة وربطه بحجم التصدير بهذه الحالة نخلق عوامل ضبط أكبر، ومن ثم نخلق عوامل لتخفيض الأسعار، ونمنع اللجوء لممارسة التصدير الوهمي وتهريب الليرة السورية لسداد قيمة التحويل، ونعتقد بهذه الحالة أننا نستطيع خلق حالة من الرقابة على الكتلة النقدية المتداولة.
أمام هكذا قرار أليس من المهم أن ترفق إجازة الاستيراد ببيان سعر المادة الحقيقي في الأسواق العالمية، إضافة إلى تحديد السعر التصديري للمنتج المعد للتصدير باعتماد سعر وسطي، وذلك لمنع تهريب القطع للخارج بغطاء التصدير والاستيراد.
ما نعيشه اليوم من كثافة قرارات، لا نجد فيها تلك الجدوى التي تحقق المصلحة العامة، وإنما مصالح مجموعة محددة من الأشخاص، هم أنفسهم من تعاظمت رؤوس أموالهم على حساب خزينة الدولة إن كان من القروض التي حصلوا عليها في الأعوام ٢٠١٠ ولغاية ٢٠١٤ لم يسددوها مراهنين على ما راهن عليه أعداء سورية، ففرق سعر الدولار أثراهم، وبالأخص قرار التسوية في عام ٢٠١٨ الذي قضى بدفع ٣١ ليرة سورية فرق سعر الدولار الذي حصلوا عليه بموجب هوية وفاتورة، وتلا ذلك التهرب الضريبي الذي أنهك خزينة الدولة، ثم قاموا بفرض سعر دولار عقودهم عندما تقرر دفعها بالسوري، وكانت الكارثة في رفع وتيرة المضاربة على الليرة السورية، وبعدها أفرغوا القرار ١٦٠٢ لعام ٢٠١٧ الخاص باستقبال وضوابط الحوالات الخارجية، ثم تم العمل على إلغاء القرارين ٥٢ و٢٨ الخاصين بضبط الكتلة النقدية وعمليات التسليف وتم تمرير تسليفات لأشخاص محددين بمليارات الليرات السورية، حتى بات المواطن يشعر أن المصرف المركزي عبارة عن شركة مساهمة تعمل لمصلحة كبار المساهمين فيها، فهناك قرارات ساعدت كثيراً على نقل قوة المال من يد القطاع العام إلى يد الخاص حتى وصلوا لمرحلة فرض الشروط بلهجة التهديد بإيقاف أعمالهم واستيراداتهم، كم كنا نتمنى أن يظهروا لنا ما قدموه للوطن والمواطن غير تنامي ثرواتهم على حساب لقمة الشعب وخزينة الدولة.
إن ما صدر من قرارات تعتبر تنازلات عن دور الحكومة المنوط بها، تتطلب وضع إجراءات رقابية على الكتلة النقدية بالسوري وبالدولار قبل الوقوع بالمحظور والذي يكلف الكثير لإصلاحه، فالابتعاد عن شعبية القرار سيؤدي إلى نتائج وخيمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن