قضايا وآراء

مأزق تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.. انتقالية أم دائمة؟

| أحمد ضيف الله

بعد مرور نحو شهرين على استقالة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، وأكثر من شهر على نهاية المهلة الدستورية لتسمية خلف له. كُلف محمد توفيق علاوي في الأول من شباط الجاري تشكيل حكومة جديدة يُفترض أن تكون انتقالية.
محمد توفيق علاوي الذي يحمل الجنسيتين العراقية والبريطانية، تقلب في انتماءاته بين الـصدر، وحزب الدعوة الإسلامية، وصولاً إلى انضمامه إلى ائتلاف ابن عمه إياد علاوي «الوطنية» في العام 2005. وقد سبق أن كان عضواً في المجلس النيابي في العام 2006، وشغل منصب وزير الاتصالات في العام نفسه، واستقال منه في العام 2007، وعاد نائباً إلى المجلس النيابي، كما فاز بعضوية المجلس النيابي في العام 2010، وشغل مجدداً منصب وزير الاتصالات في العام نفسه، حتى استقالته منه في العام 2012. بمعنى أنه جاء مخالفاً للعديد من المعايير المتداولة بأن يكون المرشح لرئاسة الوزراء غير «مجرب»، و«مستقل» و«غير جدلي»، ومن غير «مزدوجي الجنسية».
وقد شهدت الفترة التي سبقت التكليف مماحكات وأجواء متشنجة من المفاوضات والمناورات بين الكتل السياسية، بشأن الكتلة النيابيّة الأكبر التي يحق لها ترشيح الشخصية المناسبة لرئاسة الوزراء، أملاً بتحقيق إجماع سياسي على الشخصية المختارة، إلا أن علاوي جاء اختياره مخالفاً للسياقات الدستورية التي ساهم بخرقها رئيس الجمهورية برهم صالح، فما من كتلةٍ نيابيّةٍ كبيرة تبّنت هذا الترشيح بشكلٍ رسمي.
كما أنه من بين العديد من الشخصيات السياسية التي رُشحت لمنصب رئاسة الوزراء والتي رفضتها ساحات التظاهر، كان علاوي واحداً من بين خمسة مرشحين تم رفع صورهم من قبل المحتجين في ساحات التظاهر قبل التكليف كخيار يرتضيه المتظاهرون بديلاً من عادل عبد المهدي، مخولين رئيس الجمهورية اختيار أحدهم، وبالتالي فإن خروج تظاهرات رافضة لهذا الترشيح من هذه الساحات بعد ذلك، أمر مريب، يعزز الرأي في وجود قوى داخلية وخارجية تدير المتظاهرين وتدفعهم للتصعيد بهذا الاتجاه أو ذاك لاستمرار الأزمة والفوضى في العراق.
إن المهمة الأساسية لحكومة محمد توفيق علاوي بحسب خطابه، هي «التهيئة لإجراء انتخابات مبكرة»، أي إنها «حكومة انتقالية» محدودة الزمن. إلا أنه في الخطاب ذاته ألزم نفسه بجملة من التعهدات كـ«توفير أكبر قدر من فرص العمل للمواطنين من خلال البدء بمشاريع تنموية وصناعية وإنتاجية وسكنية، وإحداث نهضة استثمارية ووضع الأسس لتغيير منهج الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد استثماري بعيداً عن الاعتماد الكامل على موارد النفط»، و«محاربة الفساد المتفشي» و«حصر السلاح بيد الدولة»، وهي في المجمل مهام حكومة «دائمة»، ولا يبدو واضحاً حتى الآن شكل الحكومة الجديدة، إن كانت «انتقالية» أو «دائمة»، ما يعني أن عمر الحكومة الجديد سيتحدد وفقاً لأدائها، والتوجهات الجدية للقوى السياسية بإجراء انتخابات نيابية مبكرة أم لا.
إن ترشيح محمد توفيق علاوي لرئاسة الحكومة المقبلة، كان خيار تسوية، من قبل «تحالف سائرون» المدعوم من مقتدى الصدر و«تحالف الفتح» برئاسة هادي العامري بشكل أساس، من دون تبنيه رسمياً ليتيح للجميع التخلي عنه وفقاً لأدائه، في أي لحظة، ومن دون أي إحراج، مثلما كان قد جرى قبلاً في اختيار عادل عبد المهدي ومن ثم التخلي عنه بعد عام من تكليفه رئاسة الحكومة.
إن التحدّي الحالي الذي يواجهه علاوي، هو تسمية أعضاء حكومته ونيل ثقة المجلس النيابي، خلال مدةٍ أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ التكليف، وسط اشتراطات متباينة لتمريرها من قبل المكونات الرئيسة للمجلس النيابي. فالكتل النيابية الشيعية تقرن دعمها له بوضع قرار مجلس النواب القاضي بانسحاب القوات الأجنبية من العراق وعلى رأسها القوات الأميركية موضع التنفيذ. في حين تربط الكتل النيابية السنية والكردية تأييدهما بتحديد شكل ومهمة الحكومة، وترى أن إخراج القوات الأجنبية من العراق، وتنفيذ الاتفاقية العراقية – الصينية، هما من مهام حكومة منتخبة جديدة وليست حكومة انتقالية، وتطالبان بما تريانه حصتهما في الوزارة الجديدة وفق استحقاقهما الانتخابي، إضافة إلى إصرار الأكراد على الاحتفاظ بوزارة المالية. وهو ما لا يتفق مع المطالب العامة بتشكيل حكومة بعيدة عن المحاصصة الحزبية، وسط تساؤلات ابن عمه إياد علاوي رئيس «ائتلاف الوطنية» في حديث لبرنامج «المناورة» الذي بثته فضائية «السومرية» في الـ5 من شباط الجاري: «هل يستطيع أن يعمل شيئاً وهو أتى من حزبين سياسيين وبمباركة إيرانية»؟ مضيفاً: «أنا ضد خروج القوات الأميركية من العراق، فإذا خرجوا سنبقى تحت رحمة داعش وإيران وتركيا».
إن محمد توفيق علاوي أمامه مهام صعبة وملفات عديدة بحاجة للمعالجة من أبرزها بسط سلطة القانون وإعادة هيبة الدولة فهل ينجح؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن