رياضة

دوري الدرجة الأولى دون الطموح.. شروط وآليات جديدة لرفع المستوى والأداء

| ناصر النجار

انتهى دوري الدرجة الأولى بمجموعتيه الأولى والثانية وتأهل إلى الدور الثاني فرق الكسوة والمجد عن المجموعة الأولى، والمحافظة وحرجلة عن المجموعة الثانية لتشكل مجموعة الجنوب، وستلعب هذه الفرق فيما بينها دورياً كاملاً من مرحلتين (ذهاب وإياب) ليتأهل الأول والثاني إلى الدور الثاني والحاسم، حيث سيتقابلان مع فريقي الصدارة بمجموعة الشمال على طريقة المقص، ويتأهل الفائزان إلى الدوري الممتاز.
المجموعتان الثالثة والرابعة انطلقت مباريات الإياب فيهما يومي الثلاثاء والأربعاء ولن تنتهي قبل منتصف الشهر القادم، والفريق الذي حسم الصراع حتى الآن هو الحرية، بينما ستكون المقاعد الثلاثة الباقية حائرة بين عدة فرق، والفرق الأربعة المتأهلة ستشكل مجموعة الشمال.

دوري ضعيف
الدوري بمجموعاته الأربع ضم 24 فريقاً انسحب منها جيرود وحرفيي حلب فهبطا إلى الدرجة الثانية، وهبط إضافة إليهما الشعلة عن المجموعة الأولى، وهناك هابط رابع ستقرره مباريات المجموعة الرابعة، على اعتبار أن جيرود هبط عن المجموعة الثانية وحرفيي حلب هبط عن المجموعة الثالثة.

حسن النيات
لا يمكننا أن نعتبر أن هذا الدوري ملبياً للطموح، أو أنه يصلح ليكون رديفاً للممتاز أو منتجاً لدماء جديدة للكرة السورية فالأندية المشاركة بالكاد تدبر أمور نفقاتها وأغلبها غير مؤهل ليصنع فريقاً فاعلاً، فالهم الأكبر هو المشاركة والهروب من الهبوط والقليل من الفرق التي فكرت بالمنافسة واجتهدت لها.
وهذا الأمر كله انعكس على حقيقة المنافسة، وهنا لا أميل إلى نظرية المؤامرة، لكن ما حدث بالمجموعتين الأولى والثانية من تراخ في بعض المباريات يوحي بأن (وراء الأكمة ما وراءها)، وعلى سبيل المثال وجدنا أن النضال فجأة قد انهار بعد أن كان صلباً فأشرك فريق الشباب ليخسر أمام جرمانا 2/5 وأمام حرجلة 1/4، وكذلك حال العربي الذي كان مستسلماً على أرضه أمام حرجلة فخسر 2/6، وفي المجموعة الثانية هل يكفي أن نقول إن النبك فجّر مفاجأة بالفوز على المجد 1/صفر وهو الذي خسر أمامه ذهاباً 1/5 وقبل أسبوع خسر أمام اليقظة صفر/3 على أرضه؟ وهل يكفي إجراء إدارة نادي المجد رداً على الخسارة بحسم جزء من رواتب اللاعبين، ولماذا أخرت إدارة النادي دفع مستحقات اللاعبين لما بعد مباراة النبك؟
وإذا سلمنا بحسن النيات فإن أسلوب الدوري لا يشجع على اللعب بجدية مجرد دخولها خانة الأمان، وهذا يعود إلى الثقافة التي تتمتع بها أنديتنا بطريقة التعامل مع كرة القدم ومع النشاطات، وكأن بعض المباريات عقوبة يجب التخلص منها كيفما كان.

تكليف أم تشريف
عند متابعتنا للدوري علينا أن نتساءل: هل الوصول إلى الدرجة الأولى تكليف أم تشريف؟ باستثناء الأندية العريقة، فإننا نجد أن الكثير من الأندية تعتبر الوصول إلى هذا الدوري تشريفاً، ومهمتها البقاء به دون أن تبذل أي جهد لتطوير ذاتها ورفع مستوى أدائها.
والعقبة الوحيدة التي تعترض هذه الأندية متعلقة بالموجودات المالية، فأغلب هذه الأندية لا تملك واردات أو استثمارات أو ريوعاً تعينها على كرة القدم وخصوصاً أنها تظن أن تطور فرقها يأتي من شراء اللاعبين فقط.
وأبلغ دليل على ما نقول أن الأندية كلها باستثناء ناد أو اثنين رفضت شكل الدوري الذي كان مقرراً بمجموعتين، فصار أربع مجموعات، وأمام هذا الواقع فإن أغلب الأندية هذه اقتصر موسمها على ثلاثة أشهر ولعبت بالحد الأعلى عشر مباريات وهذا لا يصنع كرة قدم ولا يبني فريقاً ولا يؤهل لاعباً.

طريق الإصلاح
من هنا نقول إن إصلاح كرة القدم في الدرجة الأولى يجب أن يسير في اتجاهين اثنين لا ثالث لهما، أولهما يتعلق باتحاد كرة القدم، وهو خفض أندية الدرجة الأولى لتلعب فرقه في مجموعة واحدة لا يتجاوز عددها الـ12 فريقاً، على أن تكون من الفرق القادرة على الإنفاق، وبقية الفرق تلعب بدوري الدرجة الثانية أو الثالثة حسب إمكانياتها.
لذلك فإن التفضيل يجب أن يكون للنادي الذي يملك المؤهلات والمقومات والذي ينوي رعاية كرة القدم بشكل حقيقي ومخلص.
ثانيهما يتعلق بالأندية ذاتها، والفكرة أن هذه الأندية لا ترى كرة القدم بعين الاستثمار والإنتاج، فليس من الضروري أن يكون هدف الأندية كلها المنافسة والوصول إلى الدرجة الممتازة، لأن هناك أهدافاً أكثر نجاعة وهي رعاية كرة القدم من خلال جذب المواهب الصغيرة والشابة وصقلها وتطويرها ومن ثم بيعها للأندية المختلفة، وهذا ما نراه قائماً في كل دول العالم، وهذا الأمر يعود بالنفع على الأندية مالياً وفنياً ويساهم بتطور كرة القدم بشكل عام وبرأيي إن هذا الاقتراح أفضل من البحث عن لاعبين أكل عليهم الزمان وشرب أو عن لاعبي الأحياء الشعبية لتكتمل صفوف الفرق.

الرعاية الكروية
من خلال متابعتنا الجادة للدوري الممتاز نجد أن العديد من الفرق تعاني أزمات عديدة أهمها مالية كالجزيرة والساحل والفتوة وجبلة، وغيرها من الأندية نجد أن كرة القدم تستنزف كل طاقاتها واستثماراتها وجيوب محبيها وداعميها، لذلك علينا أن نتساءل: مَن مِن فرق الدرجة الأولى لديه القدرة على تحمل نفقات الدوري الممتاز، ليظهر بالمظهر الحسن؟
المحافظة قد يملك المؤونة المالية، لكنه لا يقتنع بالعقلية الاحترافية التي تجعل النادي رهن ابتزاز المال وخصوصاً في عقود اللاعبين.
والمجد لا يجد السعة من استثماراته القادرة على الصرف المطلوب، وها هو في الدرجة الأولى يشتكي ويئن من الدفع وفريقا ريف دمشق (الكسوة وحرجلة) لا يملكان الاستثمارات المطلوبة، فهل المحبون قادرون على دفع نصف مليار ليرة كتكلفة وسط للدوري الممتاز؟
أما الحرية فهو غارق في مشاكل مالية وإدارية وهموم لا تنتهي، والجهاد إن عاد فسيعيد قصة فريق الجزيرة، وبقية الأندية لا تملك مقومات وجودها بالدرجة الأولى، فكيف بها بالدرجة الممتازة؟
وأمام هذا الواقع، فإنني أنصح الفرق الطامحة إلى الدرجة الممتازة أن تبحث عن شركة راعية وداعمة لكرة القدم تساهم بنفقات الدوري، وهو الحل الوحيد ولا أرى أنه يوجد حل آخر.
وأتمنى من اتحاد الكرة أن يبادر إلى وضع آلية جديدة كشرط مالي (مثلاً) لمن يريد اللعب بالدوري الممتاز وإذا أردنا أن يكون الدوري ممتازاً ومحترفاً فعلاً، فعلينا أن نضع شروطاً فنية ومالية وتسويقية للأندية التي تشارك بالدوري الممتاز، وهو ما سيؤدي إلى تطوير كرة القدم قولاً وفعلاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن