قضايا وآراء

جنرالات إسرائيليون: حرب الغارات على سورية فشلت

| تحسين الحلبي

اعتمدت إسرائيل على عدد من المرتكزات الأساسية منذ عدوان حزيران 1967 لإيهام العرب بأنها القوة العسكرية التي لن تتمكن أي قوة عربية من مواجهتها ومن هذه المرتكزات: التستر والتكتم على خسائرها والقيام بكل الجهود لمنع معرفة القوى المتصدية لها.
ففي أعقاب عدوان حزيران مباشرة أي في تموز من العام نفسه شنت مصر وسورية والمقاومة الفلسطينية حرب استنزاف على القوات الإسرائيلية وكانت أكثر الخسائر البشرية التي تكبدها الجيش الإسرائيلي قد وقعت على جبهة قناة السويس فخلال ثلاث سنوات من تلك الحرب قتل 900 جندي وضابط إسرائيلي وأصيب أكثر من خمسة آلاف بجراح ونجحت إسرائيل في معظم تلك الفترة بإخفاء الإعلان عن خسائرها لكي لا تفقد «قدرة الردع» وأصبح اسم تلك الحرب في سجلها «الحرب المنسية» لأن إسرائيل لم تعترف بفداحة تلك الحرب ضدها إلا في عام 2003!
وحاولت في حرب تشرين 1973 اتباع السياسة نفسها لكنها لم تتمكن من ذلك بالمقدار نفسه بعد تساقط طائراتها القتالية فوق سماء سورية وجبهة سيناء بعد المفاجأة الناجحة في شن الحرب عليها.
وفي الظروف الراهنة وبعد هزيمتها فيما تطلق عليه إسرائيل «حرب لبنان الأولى 1982-2000» وكذلك هزيمتها في «حرب لبنان الثانية 2006» وبعد انسحابها المذل من قطاع غزة عام 2005، لم يعد في مقدورها شن الحروب الواسعة أو الشاملة ولذلك لجأت إلى استخدام «حرب استنزاف» متقطعة على جبهة الشمال بهدف منع الجيش السوري من زيادة قدراته العسكرية واستكمال انتصاراته على المجموعات الإرهابية.
وبدأت تعتمد على سياسة المبالغة في قيمة الغارات الجوية والصاروخية التي تشنها بين فترة وأخرى على مواقع داخل سورية وتصفها بإستراتيجية «المعركة بين الحروب» بموجب اصطلاحاتها العسكرية منذ سنوات، وحاول نتنياهو خلال عام كامل جرت فيه دورتان من انتخابات لم يحقق فيهما النتائج للبقاء في الحكم، تصوير هذه الإستراتيجية على أنها «تحقق أهدافاً تمنع زيادة قوة الجيش العربي السوري وزيادة الدعم العسكري الإيراني له» ولو كان ذلك صحيحاً لما تمكن الجيش العربي السوري وحلفاؤه من توسيع انتصاراتهم في شمال سورية، وتطهير معظم المناطق المحيطة بإدلب من معظم المجموعات الإرهابية.
ما سبق يثبت أن استعراض نتنياهو لسياسة الغارات المتقطعة على الأراضي السورية، هو مجرد محاولة لكسب أصوات المستوطنين المتشددين في ثالث انتخابات برلمانية في الثالث من آذار المقبل، وهذا ما يؤكده عدد من القادة العسكريين المتقاعدين ومن بينهم الجنرال المتقاعد يتسحاق بريك الذي أثار ضجة داخل المؤسسة العسكرية حين ذكر في أكثر من موقع أخبار أن هذه الإستراتيجية لم تحقق شيئاً مما يعلنه نتنياهو وأضاف في موقع «إنتاج المعرفة» الإسرائيلي قبل أيام: «إن الجمهور جرى تضليله بما يعلن عن نجاح لهذه الغارات وهو لا يدري بالأخطار التي تزداد من حول إسرائيل» ويذكر أن الجنرال بريك كان قد وجه انتقاداً لقيادة الجيش الإسرائيلي في عام 2018 وكشف فيه أن الجيش لا يملك الاستعدادات الكافية والمطلوبة لشن حرب وتسبب بجدال واسع داخل المؤسسات العسكرية. وبالإضافة إلى ذلك ذكر رئيس مؤسسة الأبحاث الإستراتيجية بينحاس يحزقيلي في الموقع نفسه، أن إستراتيجية «المعركة بين الحروب» قد تبعد مبادرة الآخرين بشن الحرب أحياناً، لكنها تقرب موعد الحرب في أحيان أخرى» وقلل من جدوى هذه المغامرة التي لجأ إليها نتنياهو لأغراض غير عسكرية.
ويرى الجنرال غيرشون هاكوهين أن هذه الإستراتجية «تشكل توجهاً نحو الفوضى ويكمن فيها خطر التسبب بحرب شاملة حقيقية وقد تخرج نتائجها عن السيطرة»، واستشهد بالخطأ الذي ارتكبته المخابرات العسكرية الإسرائيلية في آذار 1967 قبل ثلاثة أشهر من حرب حزيران 1967 حين وضعت تقديراً ترى فيه عدم احتمال اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل والعرب حتى عام 1970 ثم تطورت الأحداث مع مصر وسورية ووقعت حرب حزيران 1967 التي وضعت نتائجها إسرائيل في مواجهة حرب على ثلاث جبهات من سيناء والجولان والضفة الشرقية»، ويستنتج هاكوهين أن «الغارات التكتيكية الإسرائيلية على سورية لن تؤدي إلى منع وقوع حرب ضد إسرائيل فهذه الغارات فشلت في تحقيق هدفها».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن