الأولى

أباطرة العرب

| نبيه البرجي

لتكن لهم، ولو لهنيهة، عينا زرقاء اليمامة…
هل يعلم أباطرة العرب أنهم باتوا على قاب قوسين أو أدنى من العصر الحجري؟
لعلهم أشاحوا النظر عن تقرير صندوق النقد الدولي، بلغة الأرقام، لا بلغة الأوهام، حول نضوب حقول النفط في غضون 15 عاماً، ولعلهم لم يكترثوا بما قاله وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية مايك بومبيو ووزير الدفاع الأميركي مارك إسبر في مؤتمر الأمن في ميونيخ، الرحيل من ضفاف الخليج إلى ضفاف الباسيفيك، هناك الصراع «الميتولوجي» مع التنين.
كاد وزير الدفاع الأميركي يقول: «وهل تبقى أساطيلنا في الشرق الأوسط لتحمي الهياكل العظمية؟».
أين هو الاقتصاد البديل؟ لا إمكانية للاقتصاد البديل إذا كان التاريخ يتوقف عند قدمي شهرزاد أو عند قدمي «إيفانكا ترامب».
ما حدث على أرضنا لا يمكن أن يحدث على أي أرض أخرى، مئات مليارات الدولارات ذهبت هباء، بالشوكة والسكين العرب يلهون بدماء العرب، ماذا فعلوا بسورية، وماذا فعلوا في العراق، وماذا فعلوا في اليمن، وماذا فعلوا في ليبيا؟ تالياً، أين هم الآن، جيوسياسياً، وجيوستراتيجياً، على الخشبة الإقليمية كما على الخشبة الدولية؟
منذ عقود احتار برنارد لويس في وصفهم «أكلة الرمال أم أكلة الدماء؟». لو أنفقت تلك الأرصدة، على بناء المؤسسة الاقتصادية، وعلى بناء المؤسسة العسكرية، وعلى بناء المؤسسة التكنولوجية، في المنطقة العربية، ألم يكن مكاننا في الطبقة العليا من الكرة الأرضية؟
ليس غريباً ألا تهتز تماثيل الشمع حين تجد نفسها تؤدي رقصة التانغو الأخيرة مع العدم، لا مشكلة، حقائبهم جاهزة لكي يلتحقوا بودائعهم في البنوك الأميركية، وفي البنوك الأوروبية، هنا الفاجعة حين لا يدركون أنهم ساعة يتساقطون عن عروشهم، كما القطع الزجاجية، ستقفل أبواب البنوك في وجوههم. مكانكم على الأرصفة!
هؤلاء الذين لا يقرؤون ما يقوله منظّرو النيوعثمانية في تركيا، وحيث الدعوة إلى الانقضاض على ما تبقى من ثروات العرب. بعد ذلك لا حاجة لتلك الجغرافيا الميتة. لذلك التاريخ الميت.
مرة أخرى، هالنا تواطؤ الشاشات العربية، الصحف العربية، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كما لو أن تراب سورية ليس تراب العرب، وكما لو أن عنفوان سورية ليس عنفوان العرب، أحدهم الذي خاطبه منذ سنوات «أدخل إلى دمشق غازياً أو فاتحاً»، ثمة من يسأل الآن «ماذا تنتظر لكي تضرب دمشق؟»، حتى داخل حزب العدالة والتنمية: ماذا إذا انهالت آلاف الصواريخ على اسطنبول، وهي الحاضرة المقدسة لدى السلطان؟
لن يبقى الشرق الأوسط كما هو عليه الآن، هذا ما تناهى إلينا من أصحاب القرار، لندع الفرنسي أوليفييه روا يقول: إن الأميركيين، والإسرائيليين، ومن في ركابهم من العرب، إنما يدورون في حلقة مفرغة.
مثلما حدث في البداية، بداية الأزمة، تضارب في المصالح، وفي الرؤى، وفي الأهداف، كلهم يرحلون وتبقى سورية.
كتابات في تركيا، وتسأل أردوغان: ألا تلعب الآن لعبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ولعبة رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؟ بكل مواصفات دونكيشوت على الأرض السورية، الفقاعات العثمانية إياها، أقصى حدود الكوميديا استثارة الحلفاء في حلف شمال الأطلسي.
أوليفييه روا سأل «… وهل تريد، كما أسلافك، أن تقرع الطبول عند أسوار فيينا؟».
الأميركيون والإسرائيليون يستخدمونه في سورية، بومبيو أعلن وقوفه إلى جانبه، السلطان بدماغ الذبابة، رفاق قدامى له حذروه من أن يكون الضحية في صراع الإمبراطوريات، ولكن كيف له أن يخرج من الحلبة خاوي الوفاض بعد تلك السنوات من الرقص على رقعة الشطرنج؟
… ونقول له: كما انتحبت الدبابات الإسرائيلية على الأرض اللبنانية، الدبابات التركية تنتحب على الأرض السورية!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن