اقتصادالأخبار البارزة

وزير الصناعة لـ«الوطن»: إحالة ملفات الفساد إلى هيئة الرقابة والتفتيش وتقويم الشركات لم يكن مزاجياً

أكد وزير الصناعة كمال الدين طعمة إحالة معظم ملفات الفساد والهدر في الوزارة إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، مشيراً إلى أن عملية التقويم مستمرة ولن تقف عند تاريخ معين، ما دام الأداء والتقييم مستمرين، وأن الاجتماعات ليست هي نهاية المطاف إنما هناك تقويم دائم وتقويم ربعي ونصف سنوي يجري على مدار السنة.

وفي حديث لـ«الوطن» بيّن الوزير طعمة أن غاية التقويم ليست الضجة الإعلامية أبداً، وإنما غايته الوقوف على نقاط القوة لدى الشركات الصناعية ليتم تعزيزها ونقاط الضعف لتلافيها. فمن خلال التقويم يتم التعرف إلى مواطن الخلل وكشف أماكن الفساد الإداري إن وجد، الأمر الذي يتطلب اتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة حياله.
ويؤكد أن أهم ما في عملية تقويم أداء الشركات والمؤسسات الصناعية الذي تم مؤخراً أنه كان تقويماً رقمياً يستند إلى بيانات من واقع الشركات ومن سجلاتها ومما قدمه المديرون العامون والفرعيون من معلومات، وكان دور الوزارة ربط المؤشرات الاقتصادية بنقيضها.
أضاف: «وجدنا أن بيانات الموازنة الجارية والإنفاق الفعلي الحاصل في بعض الأماكن غير متناسب مع ما ينفذ فعلياً من الخطة الإنتاجية، ولاسيما للبنود المرتبطة بالإنتاج، فهناك ضمن الموازنة الجارية بنود تتعلق بالاتفاق الثابت هي التكاليف التي توقعها المنشأة سواء في حالة إنتاج أو متوقفة مثل الرواتب والأجور ونفقات الكهرباء ونقل العاملين وغيرها، وهناك تكاليف متغيرة ترتبط حصراً بالإنتاج فلا يجوز أن يكون هناك إنفاق ضمن التكاليف المتغيرات ولا يكون مقابله إنتاج».
ويتابع: «إذا وجدنا هناك انفاقاً ضمن النفقات المتغيرة ولم يكن هناك إنتاج يقابل فهناك مشكلة لأن النفقات المتغيرة يجب أن تتناسب مع كميات الإنتاج الفعلي المتحقق وبالفعل لمسنا هذا في بعض الشركات الأمر الذي يؤكد أن الاجتماعات التي جرت مؤخراً كشفت بعض حالات الخلل الإداري والفساد أحياناً».
وعما قامت به الوزارة إزاء ذلك قال الوزير طعمة: «تم إجراء مراجعة وتدقيق على واقع بعض الإدارات وتم تغيير العديد من الإدارات وأولاها إدارة معمل شركة الألبان حيث تبين أن هذه الإدارة قامت بإبرام عقود لتأجير المستودعات بأسعار غير حقيقية وقام بعض المستأجرين بفتح مسلخ للفروج في حرم الشركة فتم تغيير الإدارة وإلغاء العقود المبرمة مع القطاع الخاص»
وأضاف: «تبيّن أيضاً أن إدارة معمل مياه الفيجة تقوم يومياً بتصغير عداد الآلة كي لا تظهر كميات الإنتاج الفعلي اليومية ووجدنا نقصاً في عبوات البيرفورن بما يزيد على مليون قطعة، وهذه من الممكن أن تكون قد صنعت وبيعت في السوق بسعر لا يقل عن 30 مليون ليرة سورية، كما وجد أن هناك ترهلاً فنياً في معدلات تنفيذ الخطة لا يتجاوز 30% وفي بعض الإصلاحات الفنية وتم رفع المعدل إلى 70% فتم إعفاء الإدارة وأحيل الملف للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش».
وفيما يخص إسمنت طرطوس قال طعمة: «وجدنا أن الإنفاق على قطع التبديل والخامات الرئيسية والوقود والزيوت غير متناسب مع معدلات الإنفاق الجاري في الموازنة الجارية للعام الماضي، فمعدل تنفيذ الموازنة 90% والخطة الإنتاجية لم تصل إلى 70% وهذا بالتأكيد يستدعي الوقوف عنده، وبناء عليه تم عقد اجتماع في مقر الشركة العامة لإسمنت طرطوس وتم إيضاح نقاط الخلل أمام المعينين في المحافظة وتمت إحالة الملف للرقابة والتفتيش».
ومن الإجراءات التي تم اتخذها أيضاً «إعفاء المدير العام لشركة الدبس للصناعات النسيجية وتعيين إدارة جديدة لعدم الكفاءة الإدارية والإنتاجية، كما تم تعيين إدارة جديدة للشركة الخماسية وشركة سيرونكس وشركة كنار للمحارم الورقية، وإعفاء إدارة الشركة الأهلية للمنتجات المطاطية وتغيير مديري الإنتاج والفنيين لأخطاء فادحة تم ارتكابها وتم تدارك حالات فساد من الممكن وقوعها، وتم تغيير إدارة الشركة العامة للمغازل والمناسج وتعيين إدارة جديدة كفوءة، وتم تغيير إدارة شركة حمص للغزل والنسيج والصباغة».
ويتابع الوزير طعمة حديثه عن ملفات الفساد قائلاً: «وأظهرت نتائج التقويم ضرورة إعادة النظر بصناعة السكر حيث تبين أن هذه المؤسسة خاسرة منذ تأسيسها ولاسيما بعد تدني إنتاج الشوندر السكري الذي وصل عام 2014 إلى 41 ألف طن وفي عام 2015 يتوقع 27 ألف طن وهي لا تكفي لعمل أكثر من 10 أيام، ويجري إعداد دراسة لدمج المؤسسة العامة للسكر مع مؤسسة الصناعات الغذائية كما تجري دراسة لدمج المحالج وتسويق الأقطان مع المؤسسة النسيجية ومن الممكن في القريب العاجل نقل بعض المحالج إلى شركات الغزل بالمنطقة الساحلية ونقل بعض شركات الزيوت لتطبيق عملي لفكرة العناقيد الصناعية حيث يتم نقل الأقطان المحبوبة إلى المنطقة الساحلية وحلج غزلها لتصنيع الزيوت من البذور».

خلل في هيكلة الوزارة
وبيّن وزير الصناعة أن نتائج التقويم كشفت أيضاً وجود خلل في الهيكلة الإدارية للوزارة، حيث لا توجد مديرية مالية تعنى بشؤون المؤسسات وتدرس الميزانيات وتحصي النتائج، لذا تم إحداث مديرية التكاليف والتحليل المالي والموازنة كما تم تحويل مديرية الشؤون العلمية إلى المديرية الفنية وسيتم رفدها بعدد من المهندسين لتقوم بدراسة دفاتر الشروط وخطوط الاستبدال والتجديد وكل ما يتعلق بالوزارة والشركات التابعة، إضافة لذلك تم دمج مديرية الإنتاج مع مديرية الهيئة والتخطيط مع التعاون الدولي الأمر الذي أدى لوجود نظائر لمديريات في المؤسسات والشركات التابعة في وزارة الصناعة تشير إلى أن المديرية المالية بالوزارة بوضعها السابق تدار من قبل محاسب إدارة يتبع إلى وزارة المالية بشؤون الوزارة كطابع إداري.
ومن نتائج اجتماعات التقويم التي جرت مؤخراً تحدث الوزير عن عملٍ جارٍ لدراسة التكاليف الفعلية ووضع تكاليف معيارية تبين أن بعض الشركات قد توقفت عن الإنتاج بسبب تراكم المخزون لديها الناجم عن ارتفاع سعر التكلفة وبالتالي سعر البيع كما هي الحال في شركتي العرق في السويداء وحمص.
كما يتم إجراء دراسة تحليلية للتكلفة تبين أن الإدارة المالية في تلك الشركات عمدت إلى تحميل كميات الإنتاج المتدنية كامل النفقات الثابتة السنوية ما أدى إلى ارتفاع نصيب وحدة المنتج من التكاليف الثابتة إلى أضعاف مضاعفة وبالدراسة والتحليل والتنسيق مع اللجنة الاقتصادية تم إصدار توصية تقضي بتوزيع النفقات الثابتة السنوية على كمية الإنتاج والمخطط ومن ثم يتم احتساب تكلفة المنتج بإضافة التكاليف المتغيرة وتصل إلى تكلفة منطقية أدى ذلك إلى تسويق المنتج وإعادة الشركة إلى العمل والإنتاج حيث تمكنت الشركة من تسديد الديون المترتبة عليها والتأهب لموسم عام 2015.
ولفت طعمة إلى أن اجتماعات التقويم كان لها مناح إيجابية عديدة، حيث تم تلافي الكثير من مواطن الخلل الإداري، مؤكداً أن عملية التقويم مستمرة وفق أسس علمية اقتصادية لا مزاجية فيها ولا آراء شخصية كونها تركز على الرقم والرقم صادق وبالمقابل الرقم أصم وبحاجة إلى تحريك، وذلك من خلال ربطه بمؤشرات اقتصادية ليعطي مدلولاً يتم من خلاله التعرف على حقيقة الشركة.
وبحسب الوزير طعمة تبين أن أرباح الشركات كانت من خلال إعادة تقويم المخزون لأن معدلات تنفيذ الخطط لم تصل إلى نقطة التعادل فكيف تربح الشركة، ومن خلال التقويم تم احتساب هذه النقطة لكل شركة وأصبحت الإدارات تستطيع أن تعرف نفسها في أي لحظة إذا كانت في وضع الربح أو الخسارة من خلال مقارنة ومعرفة كمية الإنتاج الفعلية مقارنة مع نقطة التعادل.

رؤى صناعية
وحول خطة الوزارة للنهوض بالصناعة الوطنية قال طعمة: «نحن كوزارة للصناعة نسعى للتوسع في الصناعات التي تعتمد على مواد أولية متوافرة محلياً لتحقيق قيم مضافة وعالية ونرى أنه من الخطأ الفادح تصدير المادة بشكلها الأولي».
وأضاف: «الأهم من ذلك العمل على التوسع في الصناعات التي يمتلك فيها ميزة فنية ولها استهلاك محلي كبير ويتم من خلالها توفير القطع الأجنبي الذي يصرف على الاستيراد ولاسيما للصناعة الدوائية».
وحول حماية الصناعة الدوائية التي تعتبر مطلباً حكومياً قال: «إن أسعار المنتج المحلي لا تزال رخيصة، أسعار الصناعة الدوائية معقولة تتمتع بمواصفات عالية الجودة ونحن في القطاع العام نالنا من الضرر في الصناعات الدوائية ما لم تنله أي شركة أخرى، فقد تم تدمير شركة تاميكو بالكامل وبجهود متميزة استطعنا فتح فرع جديد لها في باب شرقي ونسعى لإقامة معمل للسيرومات في اللاذقية، ويتم تجهيز منطقة في السويداء التي حصلنا فيها على مقسم لإقامة بعض خطوط إنتاج الدواء، مع مساع لإقامة خط الشراب الجاف والتوسع بالطاقات الإنتاجية فخطوط الكبسول والأقراص التي ينتج من خلالها زمر متعددة لمضادات الالتهاب والمسكنات والأدوية المختلفة».

أسطوانة التشاركية
وفيما يخص موضوع التشاركية في شركات القطاع العام قال وزير الصناعة: «نعمل على تأهيل الشركات التي أصابتها أضرار جزئية ونجحنا في ذلك ونحن مع مبدأ التشاركية بشكلها المضبوط الإيجابي الذي يحقق مصلحة الدولة ومصلحة المواطن ومصلحة الشريك.. فالعقد المتوازن يكتب له النجاح لذلك نسعى إلى تشاركية متوازنة وقد قمنا بتجربة التشغيل للغير في مجال الصناعات النسيجية للحلج والغزل وحققنا إرادات مقبولة ومن الممكن الاستمرار في هذه التجربة ضمن رؤى أكثر إيجابية، فالتشاركية المتوازنة المنضبطة يمكن أن نعتمدها في الشركات المتعثرة من خلال تشاركية مع شريك إستراتيجي يمتلك الخبرة الفنية والملاءة المالية وخاصة أننا في مرحلة إنهاء العقود السابقة».
وأكد أن التشاركية يجب أن تقوم على المحافظة الكاملة على ملكية القطاع العام للدولة وعدم التفريط بأي شركة، والقضية الأهم أن حقوق العمال مصونة ولا يمكن المساس بها بأي شكل من الأشكال.

نوايا تثبيت العمال
وحول إعادة إعمار بعض الشركات التي أصابها الضرر قال الوزير: «إن الوزارة تعمل على تأهيل الشركات المتضررة وتقديم الدعم المالي لها وآخرها كانت شركة كابلات حلب التي لم تدخل بالكامل بالعمل والإنتاج ولكن تم إنجاز الصالة الأولى فيها وتم البدء بالإنتاج وأصبح منتجها في الأسواق ويلبي حاجة وزارة الكهرباء والجهات الأخرى».
وحول موضوع العمال المياومين والمشكلات التي يتعرض لها أفاد الوزير أن جميع العمال ذوي الطبيعة الدائمة والذين مضى عليهم سنوات أي قبل عام 2013 بإمكان إدارة شركتهم أن تتقدم بطلب إلى الوزارة التي بدورها تقوم بتحويله إلى اتحاد العمال ومن ثم إلى رئاسة مجلس الوزراء لإبرام عقود سنوية مع هؤلاء العمال حالما تتوافر الشروط المطلوبة، وهي أن يكونوا عمالاً على خطوط الإنتاج حصراً.
وعن مصير العمال الذين هم في حكم المستقيلين قال: «إذا قدم هؤلاء العمال الثبوتيات التي تبين أسباب غيابهم فسوف يتم النظر فيها ومن ثم ترفع إلى مكتب الأمن الوطني ومجلس الوزراء وبضوء الثبوتيات يتم إعطاء القرار».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن