من دفتر الوطن

حكومة الظل!!

| عبد الفتاح العوض

هي حكومة غير رسمية دورها أن تنصح وتنتقد الحكومة الرسمية.
ولن أدخل في تفاصيلها لأن ما أنوي التحدث عنه هنا ما يعرف باقتصاد الظل.. أو حتى بحياة الظل.
الآن في سورية يشكل اقتصاد الظل معظم الاقتصاد السوري، وفي كل المناحي تقريباً وليس لأحد أن يجادل في هذا الموضوع، فالقاعدة العامة لدينا هي اقتصاد الظل، والباقي وهو الاقتصاد الرسمي الذي يدخل في قيود نظامية ويعيش في أجواء صحية, حضوره قليل.
لكن كما هي العادة نسعى دوماً لتسمية الأشياء بغير أسمائها ونجتهد في ذلك ونعتبر أن ذلك هو القاعدة.
يعني في بلدنا لا نذكر أسماء رجال الأعمال والصناعيين وحتى التجار والباعة الذين يخالفون ويسرقون الناس، ونكتفي بذكر عدد المخالفات كما لو كانت تعبر عن «النشاط» الحكومي، بينما في الواقع يجب أن نذكر كل الأسماء المخالفة ويصبح لدينا قائمة سوداء للأشخاص والسلع التي تغش وتسرق الناس.
هذا الموضوع يشكل عقاباً أشد قسوة من مجرد الغرامات المالية التي يعرف الجميع أنها باتت تشجع على الغش وتشجع على الفساد.
أيضاً عندما تصدر هيئات الرقابة الرسمية تقارير عن فساد في هذا القطاع أو ذاك فإننا نكتفي بنشر الأحرف الأولى من الأسماء، هذا إن فعلنا ذلك، لأن القانون لا يسمح به حتى يصبح قرار الإدانة مبرماً على حين من حق الناس الحصول على المعلومة أولاً بأول منذ بداية الاتهام وحتى الوصول إلى نهاية الحكم وبظني أن ذلك يشكل رادعاً مهماً لمنع استسهال الخطأ سواء من تقارير الرقابة أم من أحكام القضاء.
حتى الجرائم الجنائية وضبوط الشرطة يحصل «المتهمون» على حصانة عدم ذكر أسمائهم.
أيضاً عندما يتم رفع سعر سلعة يقال عنها: «تعديل» أسعار وكأن هذه التسمية قادرة على تغيير الحقيقة.
اقتصاد الظل واحد من هذه التسميات التي نحاول فيها تجميل الواقع.. فهو اقتصاد عشوائي وغير منظم ويفتح كل أبواب الفساد وفي هذه الحرب وأي حرب في أي بلد يزيد وينتعش ويصبح الكثير من شخصيات الظل مثل نجوم المجتمع.
ولعل ما ساعد على اقتصاد الظل في سورية موضوع «الدعم» الذي آن له أن ينتهي مقابل أن يكون هناك مظلة اجتماعية للأكثر فقراً.
هذا الموضوع هو الذي يجعل كل فترة يقدم المسؤولون «أفكاراً» تجعلهم يغرقون أو يغروقننا أكثر في مستنقع الدعم.
والآن ومعظم الاقتصاد أصبح «حراً» بالظل فإن الوقت ملائم جداً لإنقاذ الاقتصاد السوري من دوامة الدعم.
الكل يعرف كيف يجري الاقتصاد في الظل، لهذا لا يكون للقرارات الحكومية تأثير كبير لأنه يجري خارجها.
في الحالات الطبيعية كل قرار رسمي على الأقل يجب أن يحسن الأوضاع ولو جزئياً وحتى تصريحات المسؤولين الاقتصاديين وخاصة حاكم المصرف المركزي من المفترض أن يكون لها أثر مهم… أحياناً تلميحات حكام المصارف المركزيين لها أثر مهم ترفع وتخفض، على حين لا يحدث هذا الأمر في اقتصادات الظل لأنها خارج تأثيرات القرارات الرسمية.
طبعا لا أحد ينكر دور اقتصاد الظل في حالات الحرب.. يشبه الحل البديل .. لكن يبقى اقتصاد الظل بلا حكومة ظل!!

أقوال:
ارم قرشك وامش في ظله.
تحبين المطر ولكنك تحملين مظلة.
تحبين الشمس وتختبئين في الظل.
تحبين الصباح وتستيقظين في الظهر.
تحبين المساء لكنك تخافين الظلام.
إذا أردت أن تسقط التفاحة فهز الشجرة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن