سورية

رداً على تصريحات أردوغان المُطالِبة بـ«نهج مختلف» لموسكو وقبيل قمة «سوتشي» مع بوتين … روسيا تصعّد غاراتها ضد إرهابيي النظام التركي في إدلب وعفرين 

| حلب - خالد زنكلو - حماة - محمد أحمد خبازي

واصلت روسيا أمس ضغوطها النارية على النظام التركي قبيل القمة المزمع عقدها بين الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في سوتشي في ٢٩ الجاري، إذ عاود طيرانها الحربي استهداف منطقة عفرين المحتلة ثانية، بالتزامن مع تكثيف الغارات ضد الإرهابيين في منطقة «خفض التصعيد» بإدلب، كنوع من رسائل الضغط في سياق ما يمكن تسميته «الحرب الدبلوماسية» التي تنتهجها موسكو إزاء أنقرة، وذلك بعد يوم واحد من مطالبة أردوغان نظيره الروسي باتباع «نهج مختلف» في تعاطيه مع الملف السوري.
أردوغان الذي عاد خالي الوفاض وبخفي حنين من نيويورك بعدما عجز عن أن يضرب موعداً مع الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة للدورة الـ٧٦، لجأ إلى أسلوب التصريحات والمراوغة المعسولة لتحقيق مكاسب وهمية علّها تنقذه من مأزقه السوري خلال مجريات القمة مع بوتين، فأمل بأن «تغير روسيا نهجها» و«أن تسلك نهجاً مختلفاً» حيال الملف السوري، واستجار بكعكة الإغراءات الاقتصادية لموسكو برفع حجم التبادل التجاري معها إلى عتبة ١٠٠ مليار دولار، حسب قول مراقبين للوضع في إدلب لـ«الوطن»، الذين أكدوا أن استجابة موسكو بدت مخالفة كلياً لمطامح أردوغان وتطلعاته، إذ واصلت توجيه رسائل الاستياء من سياسة أردوغان في المنطقة، وكثف سلاح الجو الروسي قصفه لمواقع ومعاقل إرهابيي أنقرة خلال اليومين الفائتين.
وأوضح المراقبون، أن زيادة حدة القصف الجوي الروسي ضد التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة التابعة للنظام التركي، لا تدع مجالاً للشك بأن القيادة الروسية عازمة على فرض تغيير جوهري على سلوك أردوغان في «خفض التصعيد» بعدما حولها إلى ثكنة عسكرية من خلال نقاط مراقبة جيش الاحتلال التركي غير الشرعية فيها، وخصوصاً عند خطوط تماس جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.
وأشاروا إلى أن الهدف من جولة التصعيد الروسي الجوي الأخيرة، الرد على تصريحات أردوغان لخفض سقف توقعاته من المفاوضات المرتقبة مع بوتين، الذي يتوقع أن يتخذ موقفاً متشدداً منه وألا يقبل بأقل من التنفيذ الفوري لبنود اتفاقي «موسكو» و«سوتشي» بوضع طريق عام حلب- اللاذقية المعروف بـ«M4» في الخدمة وفصل التنظيمات الإرهابية عن الميليشيات الممولة من نظام أردوغان من دون إعطائه فرصاً أخرى للتسويف والمماطلة.
وفي هذا الإطار، بينت مصادر محلية في إدلب لـ«الوطن» أن المقاتلات الروسية وجهت أمس ضربات جوية عديدة ضد أهم معاقل مسلحي تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي في محيط بلدة الفوعة شرق مدينة إدلب، حيث شوهدت أعمدة الدخان من مسافة بعيدة، ما يرجح إصابة مستودع للذخيرة عدا جرح وقتل العديد من الإرهابيين.
وقالت: إن سلاح الجو الروسي نفذ طلعات جوية استهدفت موقعاً لمسلحي ما تسمى غرفة عمليات «الفتح المبين»، التي يتزعمها «النصرة»، في محيط بلدة البارة في جبل الزاوية، لافتة إلى أن المقاتلات الروسية شنت أكثر من ١٧٠ غارة ضد أوكار وتحصينات الغرفة منذ بداية أيلول الجاري وتمكنت من إضعاف مقدرة الفرع السوري لتنظيم القاعدة.
وأضافت: إن الطيران الحربي الروسي دمر تمركزاً لمسلحي «النصرة» في الحرش المتاخم لبلدة عين شيب غرب مدينة إدلب، ما خلف دماراً واسعاً في مكان الاستهداف ومقتل وجرح مسلحين منعوا من دخول الأراضي التركية لتلقي العلاج في مستشفياتها.
وبالتزامن، نفذ الطيران الحربي الروسي أربع غارات طالت مستودعات ونقاط تمركز مسلحي ميليشيا «الجبهة الشامية» المنضوية في ما يسمى «الجيش الوطني»، الذي شكله النظام التركي في المناطق التي يحتلها شمال وشمال شرق حلب، وذلك في بلدة باصوفان الواقعة إلى الجنوب الغربي من مدينة عفرين، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف المسلحين، حسب مصادر أهلية في باصوفان تحدثت لـ«الوطن».
وأفادت مصادر محلية في عفرين لـ«الوطن» أن استهداف ميليشيات ممولة من نظام أردوغان في هذا التوقيت وللمرة الثانية منذ احتلاله عفرين في آذار ٢٠١٨، ذو دلالات مهمة تشير إلى حجم الغضب الروسي من النظام التركي.
وعلمت «الوطن» من مصادر خاصة، أن جولة مفاوضات عقدت، أمس، بين الروس والأتراك من جهة، وبين ما تسمى «اللجنة الأمنية في إدلب» للبحث في انسحاب التنظيمات الإرهابية من جبل الزاوية، وتسليم مواقعها.
وحتى ساعة إعداد هذا التقرير مساء أمس لم يرشح أي معلومات عن نتائج هذه الجولة.
أما في البادية الشرقية، فقد بيَّنَ مصدر ميداني لـ«الوطن» أن الطيران الحربي السوري والروسي أغار على عدة مواقع لتنظيم داعش الإرهابي، في مثلث حماة- حلب- الرقة، وما بين باديتي حمص ودير الزور، وأوضح أن الغارات استهدفت مخابئ وتحصينات للدواعش بعمق البادية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن