رياضة

أمراض السلة الأنثوية وأسبابها والحلول الممكنة لتطويرها في عيون أهل اللعبة

عانت السلة الأنثوية الأمرّين منذ سنوات طويلة، حتى بدت كزهرة من زهرات الخريف لا لون لها ولا رائحة، ودخلت في سبات عميق دون أن يستطيع القائمون عليها إخراجها من سباتها، لا بل تفاقمت أمراضها وتكلست مفاصلها حتى وصلت لحافة الهاوية.

ومع دخول الأزمة التي شهدتها البلاد في المرحلة الماضية ازداد الأمر سوءاً، وشهدت تراجعاً مخيفاً ساهم في اندثارها بعض الأندية بعدما شهدت هجرة كبيرة لأفضل لاعباتها ومدربيها، الأمر الذي أثر عليها بشكل سلبي.

ولم تنفع محاولات الاتحادات المتعاقبة في إصلاح ما أفسده الدهر فيها لتبقى السلة الأنثوية أسيرة الظروف وضعف الإمكانات المادية المتاحة.

لكن لابد للظلمة أن تنقشع، ولابد للشمس من أن تشرق مجدداً على سلتنا الأنثوية بعدما بدأت تظهر مواهب وخامات جيدة من لاعبات متميزات في بعض الأندية التي أعادت النظر في تعاطيها مع متطلبات اللعبة من جديد، لتؤكد سلتنا الأنثوية بأنها تمرض ولا تموت، وبأنها قادمة من جديد للواجهة العربية بقوة.

والسؤال هنا: هل ستشهد السلة الأنثوية نقلة نوعية نحو الأفضل، وما الحلول لإعادة الروح فيها من جديد، وهل الاتحاد الحالي قادر على تطويرها؟

«الوطن» حيال ذلك استطلعت آراء أهل اللعبة والخبرة من خلال الاستطلاع التالي:

مدرب سيدات تشرين إبراهيم الحلبي: «نظام مسابقات جديد»

عانت كرة السلة للسيدات فترة من الضعف والتراجع وذلك نتيجة لأسباب عديدة أحاطت بها، يمكننا أن نلخص أبرزها، أولاً: ضعف الأندية مالياً، ثانياً: عدم إمكانية التخطيط الإستراتيجي لهذه الفئة، وبقاء مشاركات الأندية مقترنة بوجود المال، وفي معظم الأحيان طفرات ما جعل دائرة المنافسة تضيق جداً لدى فرق الدوري، ثالثاً: تركز اللاعبات الجيدات في ناد أو اثنين على أكثر تقدير مما يضعف من مستوى الدوري بشكل عام.

رابعاً: هجرة أعداد كبيرة من اللاعبات خارج البلاد، وخسارتهن كانت مؤثرة جداً على المستوى المحلي من بوابة الدوري والكأس.

خامساً: هناك فجوة عمرية كبيرة موجودة بين فرق الناشئات والسيدات، ففئة الشابات ملغاة تماماً منذ سنوات طويلة، لذلك نخسر في كل عام أعداداً كبيرة من اللاعبات لعدم إمكانية مشاركتهن مع فريق السيدات بعد انتهائهن من فئة الناشئات، وهن لم يلعبن العدد الكافي من المباريات.

سادساً: ضعف دوريات الفئات العمرية وأسلوبها وتوقيتها خلال سنوات طويلة.

سابعاً: غياب طويل عن المشاركات والاحتكاكات الدولية وابتعاد الأندية والمنتخبات عن جميع الاستحقاقات التي كان لها حضور قوي بها وباع طويل لعقود طويلة.

نحن نملك لاعبات وخامات مهمة ومميزة في سورية، ولكنها بحاجة لعمل إستراتيجي للنهوض بالسلة الأنثوية تتمحور حول إطلاق مسابقة الشابات تحت 18 عام أسوةً بالأعمار المعتمدة في الاتحاد الدولي. وإعادة المشاركة وتفعيل دور المنتخبات على المستوى الدولي والإقليمي. واستحداث نظام مسابقات للفئات العمرية يطيل من عمر الدوري، ويعمل على زيادة زخم المباريات.

العمل من خلال النظام الاحترافي على توزيع اللاعبات المميزات على عدد أكبر من الأندية لزيادة دائرة التنافس، ورفع سوية الدوري الذي لم تخرج بطولته من دمشق لسنوات طويلة، وبقيت بين ناديين وهي محسومة تقريباً قبل بداية الدوري وهذا أمر غير صحي.

ويجب العمل على إدخال اللاعبات المحترفات الأجنبيات والعرب إلى دوري السيدات.

مدرب قاسيون هاني الخولي: «تخصص الأندية»

لا أعتقد بأن السلة متراجعة بل أعتقد أنها مظلومة إدارياً وفنياً وحتى إعلامياً، أستغرب أن أنديتنا تُحمّل نفسها أعباء مالية رغم ضعف الإمكانات المادية المتاحة، فلماذا لا نخلق استقراراً مالياً بحيث تختص الأندية باللعبة الأنثوية؟ وهذا من شأنه أن يخلق منافسة أقوى واهتماماً إدارياً وفنياً ومالياً، وكل ناد يأخذ حقه.

السلة الأنثوية في سورية تعد من أهم الرياضات التي يمكن أن تعطي انطباعاً جيداً عربياً وآسيوياً، وممكن أن تنافس على مراكز متقدمة مع قليل من الاهتمام والرعاية.

على سبيل المثال نادي قاسيون يعمل بهذه الطريقة منذ سنوات، وهو منافس قوي على اللقبين، وكل لاعبات سورية تتمنين أن تلعبن له.

المشكلة بشكل عام على صعيد المنتخبات ويجب فتح باب المشاركات بجميع الفئات، لأن السلة الأنثوية هي الواجهة البيضاء لكل الرياضة السورية، ولابد من تغيير نظام المسابقات بما يتماشى مع قوة الأندية واللاعبات المتميزات اللواتي بحاجة لدوري متطور عالي المستوى.

مدربة الاتحاد ريم صباغ: «تطوير دوري الناشئات»

السلة الأنثوية متراجعة والجميع يدرك هذا، لذلك لابد من تطوير دوري الناشئات بأن يقام ليس بصيغة التجمعات، وإنما عبر إقامة دوري كامل ذهاباً وإياباً.

ومع إمكانية زيادة عدد مباريات السيدات، وعدم إقامة مباراتين خلف بعضهما يومي الجمعة والسبت، وإن كانتا مباراتين أن يكون بينهما على الأقل ثلاثة أيام راحة.

أما بالنسبة للمنتخبات الوطنية فلم يقم أي تجمع هذا الموسم، ولا منتخب السيدات، لابد من إقامة معسكرات دائمة وخصوصاً فترة الصيف لتطوير اللاعبات والاحتكاك بمعسكرات خارجية، وإيجاد فترات لتطوير المهارات الفردية للاعبات على مستوى الشبلات لتعليم المهارات الفردية وهي الأساس لتطوير اللاعبات على المستوى الفردي.

مشرفة نادي الوحدة جومانة علوي: «استقرار الاتحاد»

يوجد العديد من الأسباب التي ساهمت في تراجع السلة الأنثوية، أهمها الظروف التي مرت بها البلاد، والتي تسببت في خسارتها لأفضل لاعباتها بسبب الهجرة، إضافة إلى عدم وجود اهتمام بهذا الجيل الذي ظهر أثناء فترة الحرب، ناهيك عن عدم الاستقرار باتحاد السلة في الفترة الماضية، والمطلوب منه أن يأخذ وقته جيداً من أجل تحقيق نقلة نوعية وهو بحاجة لفترة تمتد لسنتين على أقل تقدير، وتقديم الدعم للأندية حتى تتمكن من ضمان الاستمرارية في المشاركة، ولابد للاتحاد من وضع نظام مسابقات يلبي الطموحات ويفيد اللعبة، والعمل على وضع منتخبات السيدات في جميع المشاركات الخارجية بعد غياب طويل.

مدرب الجلاء جان مخول: «ضعف الاهتمام»

لم تعد أغلبية الأندية تهتم بالسلة الأنثوية لكونها تصب جل اهتمامها بسلة الرجال التي تتمتع بالقسم الأكبر من الرعاية والاهتمام والأموال، فنادي الثورة هو الوحيد في كل سورية الذي يهتم بالسلة الأنثوية بشكل جيد، إضافة لعدم وجود نظام مسابقات قوي وجيد، لذلك لابد من وضع نظام يكون مفيداً لجميع الفرق وخاصة الفئات العمرية في جميع الأندية، لأن عدد مباريات دوري الناشئات والشبلات لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وهذه الفرق بحاجة إلى ثلاثين أو أربعين مباراة حتى تنضج اللاعبة ذهنياً وتستوعب ما تتلقاه من مدربها، ويجب إعداد المنتخب وضمان استمراريته على مدار العام وأي توقف قد يعيده لنقطة الصفر، ونحن متفائلون بالاتحاد الجديد بوضع السلة الأنثوية ضمن اهتماماته.

مدرب الثورة عبد اللـه كمونة: «رفع مستوى المدربين»

أثرت الحرب التي شهدتها البلاد على اللعبة، وساهمت في هجرة أغلبية كوادرها من مدربين ولاعبات، إضافة إلى ضعف بعض الأندية مادياً وعدم قدرتها على التمرين لعدم وجود صالة خاصة بها، مع العلم أن هذه الأندية ترفد المنتخب بأفضل اللاعبات، وهناك جيل من اللاعبات حالياً من مواليد ١٩٩٠ إلى ٢٠٠١ يجب الاهتمام به وتقديم كل الرعاية له، ولابد للاتحاد أن يطور مستوى مدربي فرق السيدات لأننا نعاني من نقص المدربين الجيدين، لأن معظم المدربين يبحثون عن الفوز بعيداً عن بناء اللاعبة وصقل موهبتها، ويجب أن يعمل الاتحاد على اعتماد دوري الفئات العمرية بعيداً عن لغة الأرقام، وأن يكون اهتمامه محصوراً في تطوير فكر اللاعبة، ومع إمكانية إقامة دورات خلال فترة الصيف واستقدام مدرب أجنبي، ودعم فرق الفئات العمرية مادياً ومعنوياً، وتأمين مشاركات دائمة للمنتخبات الوطنية.

المستشار الفني لسلة بردى هلال الدجاني: «دوري غير تنافسي»

مستوى السلة الأنثوية بشكل عام مقبول قياساً للأوضاع التي شهدتها البلاد، لكن هناك نقاط ضعف كثيرة تتجلى في عدم توزيع الاهتمام على مستوى مساحة سورية.

وجود المال شيء أساسي ممكن أن ينتج لاعبات على مستوى عال، نرى صعود بعض الأندية لدائرة المنافسة بشكل طفرات، وسرعان ما تتلاشى هذه الأندية بعد أن تبيع لاعباتها بسبب نقص المال وضعف الإمكانات.

نقص الملاعب والصالات والمدن الرياضية يؤثر سلباً على تتطور اللعبة وهو عائق أمام تطورها.

عدد فرق السيدات قليل في الدرجتين الأولى والثانية، ولا يتجاوز عشرين فريقاً وهم موزعون على خمس أو ست محافظات فقط.

الدوري الحالي لا يلبي الطموح، ولا يوجد فيه تنافس، وفيه فوارق فنية بسبب تجمع اللاعبات بعض الأندية، فيجب أن تتنافس ستة أندية على الأقل على اللقب، فيما الوضع الحالي لا يبشر بالخير لكون المنافسة محصورة بين نادين أو ثلاثة.

لدينا انقطاع طويل للمنتخبات الأنثوية عن المشاركات الخارجية، وعند أي مشاركة تنحصر التطلعات في تحقيق النتائج القوية، وتجنيس لاعبات أجنبيات، وهذا شيء خاطئ.

ليس لدينا خبرة في تحضير منتخبات وضمان تواجدها.

أما بالنسبة للحلول فيحب إعادة النظر بنقاط الضعف الموجودة، وزيادة القاعدة والاهتمام بجميع أشكال الدعم، ومن ثم خلق استقرار فني عبر وضع نظام دوري لعدة سنوات يكون فيها توازن بين الأندية ويضمن استمرارية الأندية الفقيرة في المشاركة.

وتحديد أشهر بالسنة من أجل إقامة معسكرات خارجية تساهم في رفع مهارات اللاعبات، والاستمرار بخطة مدروسة لعدة سنوات مع دعمها مالياً وفنياً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن