رياضة

بعد ثلاث جولات من التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال قطر … ملاحظات عديدة وآمال واسعة ومنتخبنا بحاجة إلى الدعم والاهتمام

| ناصر النجار

على الأغلب فإن الأحلام لا تتطابق مع الواقع، والأداء الجيد ليس بالضرورة دائماً أن ينتهي بانتصار كبير ومدو، كرة القدم تلعب على التفاصيل الصغيرة، ومن الممكن أن تنهيها أخطاء بسيطة، وهذا ما يميز الفرق المحترفة الكبيرة عن الفرق التي تحاول اللحاق بركب الكبار.

ونحن لا نريد أن نطير بأحلامنا بعيداً عن الواقع والإمكانيات والثقافة الكروية التي تحكمنا، ولا نريد البحث عن الأسباب لنبرر الخسارة، فالمنطق والواقع يعتبران أن الخسارة مع كوريا الجنوبية وقبلها مع إيران أمر طبيعي ومنطقي، هذه كرة القدم وهذه قواعدها.

عندما تفوز على هذه الدول نسميها مفاجأة وقد تكون طفرة، التاريخ والعراقة يصب في مصلحة المنتخبات الكبار ونحن دائماً ضيوف في هذه المناسبات الكبيرة نحاول الخروج منها برأس مرفوع وسمعة طيبة.

منتخبنا قدم ما عنده وزيادة ولاعبونا بذلوا جهدهم ليقارعوا الكوريين في عقر دارهم ولكن علينا ألا نغالي بطموحنا ونفتح عداد السرعة للأحلام الوردية والأماني الطيبة لنصطدم بعدها بواقع حزين فلا نجد سوى العبارة الشهيرة: هذه حدودنا!

وكيف نخرج من هذه الحدود؟

الثقافة الكروية العفنة المعششة في قلوبنا وعقولنا هي التي تجعلنا ندور في حلقة مفرغة.

منتخبنا الوطني اليوم يدفع ضريبة عدم الاستقرار فحين نرى المنتخبات في أغلب دول العالم تحافظ على مدربيها وتقدم لهم كل وسائل الدعم، نجد أن منتخبنا يشبه أنديتنا فإما اختيار المدرب مستعجل وغير صحيح وإما أن نقيل المدرب ونصرفه عند أول خسارة، لذلك تاه منتخبنا بين المدارس الكروية المختلفة فكل فصل وكل عام لدينا مدرب جديد نجرب به ويجرب بنا، ومنذ التصفيات الماضية تناوب على تدريب منتخبنا فجر إبراهيم في فترتين وأيمن حكيم والألماني شتانغة والتونسي نبيل المعلول، خمسة مدربين من مدارس مختلفة تولوا تدريب المنتخب في أربع سنوات بينها سنة كروية مشلولة على مستوى العالم.

هؤلاء المدربون لم ينجحوا مع منتخبنا، فبعضهم كان يريد بناء مجد شخصي لنفسه، فبحث عن النتيجة ونسي البناء، وبعضهم أراد تمضية وقت ليس إلا، وبالمحصلة العامة كان منتخبنا يدفع الضريبة وحده، ولو اخترنا مدرباً جيداً في هذه السنوات السابقة لكنا قد حصلنا على ما نريده في هذه التصفيات، لأن الثبات يمنحك منتخباً ناضجاً متوازناً قادراً على تجاوز المطبات التي تعترضه مهما كان شكلها وحجمها.

مهما حصل مع منتخبنا في هذه التصفيات رغم أننا ما زلنا نتأمل منه الخير حتى اللحظة فالحفاظ على المنتخب وطاقمه الفني يعتبر أولوية، ونحن هنا لا نتكلم عن الطاقم الإداري.

المنتخب الحالي وجدنا منه بصيص أمل إن استمر العمل معه على هذه الشاكلة، أن تخسر مع إيران وكوريا الجنوبية على أرض الخصم بفارق هدف هذا أمر جيد، أن تفرض أسلوبك على المباراة أمر يبشر بالخير، ألا تكون لقمة سائغة وأن تحسب لك كل الفرق ألف حساب هو يدل على أن المنتخب يسير في الطريق الصحيح، وأنا لا أؤمن بالقول إن المنتخبات التي لعبنا معها ليست في أحسن حالاتها، فهذه المنتخبات بما تملك من عراقة وتاريخ وإمكانيات وثقافة كروية احترافية عالية قادرة على الفوز علينا بأي تشكيلة تلعبها، أحلامنا يجب ألا تبعدنا عن الواقع وعن الحقيقة، من الجميل أن نحلم ولكن من غير المنطقي أن نبتعد كثيراً في هذه الأحلام عن الواقع الكروي المر الذي نعيشه.

حظوظ مخيبة

علينا أن نعترف أن الحظ لم يحالفنا في المباريات الثلاث وكرة القدم تحتاج إلى التوفيق والحظ، والمباريات الثلاث كان بالإمكان بقليل من الحظ والتوفيق أن نحقق النتائج الأفضل، فثلاثة من الأهداف التي دخلت مرمانا كانت بأخطاء دفاعية ساذجة، فضلاً عن ضياع شلال من الفرص الكثيرة.

لا يمكننا الدخول بعمق التفاصيل الفنية والسبب أن منتخبنا لم ينضج بعد والعثرات والعقبات ما زالت تعترضه في كل مباراة يلعبها، فالتشكيلة المثالية لم يحصل عليها المحروس (على سبيل المثال) لنقول إن وسطنا لم يقم بدوره كاملاً في المباراة، فغياب العثمان محمد والعثمان إياز كان لهما تأثير على منتخبنا شئنا أم أبينا وتهيئة البديل المناسب على صعيد كرة القدم لا يتحقق بين يوم وليلة.

نتكلم بهذا الأسلوب لأننا نرى بوادر عمل صحيح في المنتخب ونلمس تحسناً واضحاً على مستوى التنظيم والأداء والمنتخب ما زال يعاني آثار التخريب الممنهج الذي مارسه المعلول في المنتخب، ونحن بحاجة إلى وقت طويل لنحقق ما نريد، بحاجة إلى تدريبات ومباريات قوية لنصل إلى الشكل والأسلوب الذي نريده، في هذه الفترة البسيطة اكتشف منتخبنا لاعبين جدداً قادرين على فعل إضافة جيدة، وللأسف كانوا غائبين عن فكر كل المدربين السابقين، وأمامنا مجموعة أخرى من اللاعبين بحاجة إلى بعض الوقت لتبرز موهبتهم وليأخذوا فرصتهم، ولو استطعنا استقدام بعض المحترفين الذين بمستوى الويس لكان وضع منتخبنا أفضل.

هناك الكثير من اللوم إدارياً وتبين أنه لم يرتق إلى مستوى الجانب الفني، ونحن ندرك أن العمل الإداري لا يقل أهمية عن العمل الفني، فمهما كانت التبريرات فإن التقصير بموضوع غياب اللاعبين عن مباراة كوريا الجنوبية خطيئة لا تغتفر، الفشل باستقدام لاعبينا المحترفين من الخارج يرفع إشارات استفهام عريضة حول اللجنة التي لم تستطع مد المنتخب باللاعبين وهذا التقصير يجعلنا نصدق ما يقال في الشارع الرياضي إن هذا التقصير مقصود حتى لا يأخذ اللاعبون المحترفون الجدد مكان بعض اللاعبين المدللين!

نحن مطمئنون على العمل الفني ونأمل الاجتهاد إدارياً حتى لا يقع منتخبنا بالإرباك وحتى نحقق المطلوب فنجاح كرة القدم هو نتاج عمل جماعي، ونأمل في ألا نجد من يضع العصي بعجلات المنتخب.

أمل جديد

منتخبنا لم يخسر إلا أمام فريقين كبيرين هما المرشحان الرئيسيان للتأهل وهما بوضع أفضل من منتخبنا وهو أمر طبيعي، والنتائج المختلفة المحققة من بقية المنتخبات وضعت المنتخبات التي تتنافس على المركز الثالث في مستوى واحد، فالإمارات والعراق ولبنان يسبقوننا بفارق نقطة، أي إن منتخبنا لم يبتعد عن المنافسة وما زال يملك الأمل، وضمن هذه المعطيات يجب أن نتعامل بجدية مع مباراتنا القادمة مع لبنان ومع مباراتنا الأخيرة بالذهاب مع العراق، والفوز في هاتين المباراتين أمر وارد ومطلوب وطبيعي، والإياب سيكون بمصلحة منتخبنا لعدة اعتبارات، منها أن منتخبنا سيبلغ حد النضوج، ومنها أننا سنواجه إيران وكوريا الجنوبية خارج أرضهما وهي نقطة يجب أن نستفيد منها.

من غير المستحسن أن نكون جلادين للمنتخب وعلينا أن نصبر عليه، ومن الضروري بعد مباراة لبنان وضع النقاط على الحروف بشأن الأخطاء الإدارية حتى لا نقع بشر أعمالنا، ومن الواجب تعزيز صفوف منتخبنا ببعض اللاعبين المحترفين لأن ذلك سيكون بمصلحة منتخبنا وكرتنا على وجه العموم.

نتائج الجولة الثالثة

المجموعة الأولى: فوز أستراليا على عمان 3/1 والسعودية على اليابان 1/صفر والصين على فيتنام 3/2.

المجموعة الثانية: فوز إيران على الإمارات 1/صفر، وكوريا الجنوبية على سورية 2/1، وتعادل العراق مع لبنان بلا أهداف.

ترتيب المنتخبات

المجموعة الأولى: أستراليا والسعودية تسع نقاط اليابان وعمان والصين ثلاث نقاط وفيتنام بلا نقاط.

المجموعة الثانية: إيران 9 نقاط – كوريا الجنوبية 7 نقاط – الإمارات والعراق ولبنان نقطتان- سورية نقطة واحدة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن