ثقافة وفن

«الخال أبو رياح» المنتمي إلى جيل الرواد … محمد الشماط.. ارتبط بالشخصية ذات البيئة الدمشقية وكان صاحب الظهور الأول في الإعلانات والكليبات

| وائل العدس

أبت هذه السنة أن تنتهي إلا وهي حاملة مع أيامها الأخيرة فاجعة جديدة ضربت الوسط الفني السوري بأحد عمالقته ورواده العظام.

فبعد أزمات صحية عدة، توقف قلب الفنان الكبير محمد الشماط ففارق الحياة خلال فترة علاجه في الولايات المتحدة الأميركية عن عمر ناهز 85 عاماً، حيث سيدفن هناك بعيداً عن أرض الشام الذي ولد فيها واكتسب نجوميته فيها.

عائلة الفنان القدير ستستقبل واجب العزاء يومي الأربعاء والخميس 29 و30 كانون الثاني في دار السعادة للمسنين الكائنة في المزة من الخامسة وحتى السابعة مساءً للرجال والنساء.

الشماط الذي بدأ معاناته مع الأزمات الصحية سنة 1998 إثر إصابته بجلطة دماغية شفي منها بعد علاج طويل عاد بقوة إلى الدراما ولاسيما الشامية منها وشارك في أغلب أجزاء «باب الحارة» بشخصية الخضري «أبو مرزوق».

شهد اللحظات الأولى لولادة التلفزيون، وهو بذلك يستحق بجدارة الانتماء إلى جيل الرواد، ارتبط بالشخصية ذات البيئة الدمشقية في جميع أدواره لأنه جزء منها وهي جزء منه.

الشامي الأصيل

«أبو رياح» هكذا عرفته الشاشة وهكذا كان يطل على الناس بزيه الشامي الأصيل، وهكذا تواصل مع أبناء جيله العظام من أمثال دريد لحام ورفيق سبيعي ونهاد قلعي وعبد اللطيف فتحي وناجي جبر وياسين بقوش ونجاح حفيظ ليقدموا للجمهور العربي أروع ما أنتج في تلك الفترة من مسلسلات ومسرحيات وأفلام لاقت نجاحاً ليس على الصعيد المحلي فقط، وإنما على الصعيد العربي أيضاً.

هذه الأعمال التي ما زال صداها وتأثيرها إلى الآن والتي تدل على صدق ممثليها وتفاعلهم الحقيقي والمباشر مع هذه الأعمال التي ظلّت بصماتها حية إلى الوقت الحاضر وخصوصاً بعد أن أعُيد عرضها عدّة مرات، وما زال الجمهور مقبلاً على الاستمتاع بهذه المسلسلات الجميلة.

من المسرح للنجومية

ولد الفنان الراحل عام 1936 في حي العمارة بدمشق، وأصبح أحد أهم مؤسسي الدراما السورية وتمتد مسيرته الفنية لأكثر من 60 عاماً بين المسرح والتلفزيون والسينما، وكان من أوائل الفنانين الذين ظهروا على الشاشة الصغيرة أيام الأبيض والأسود.

بدأ كهاوٍ في عام 1953 ثم احترف عام 1958 حين وظف في المسرح العسكري الذي أنجز فيه نحو 14 عرضاً في برامج الأطفال مع تأسيس التلفزيون في عام 1960.

أول عمل شارك فيه كان مع الراحل محمود جبر «مدير بالوكالة» في سنة 1958، بعدها مسرحية «الأيدي الناعمة» لتوفيق الحكيم»، كما عمل مع الأخوين قنوع لفترة طويلة.

عمل في سن مبكرة بالفرق المسرحية الخاصة والنوادي الفنية التي كانت تنشط على الخشبات السورية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وحقق حضوراً لافتاً مع نجوم كوميديا المسرحية السورية أمثال عبد اللطيف فتحي ومحمود جبر ثم انتسب للمسرح القومي لدى تأسيسه في ستينيات القرن الماضي وشارك من خلاله بالعديد من الأعمال وطاف بها سورية وبقي في المسرح 35 سنة منذ عام 1956 ولغاية عام 1995.

بعدها أصبح في تاريخه زهاء خمسين مسلسلاً وسبعة أفلام، والعديد من الأعمال التلفزيونية والإذاعية الأخرى.

الانطلاقة الأبرز في مسيرة الشماط الفنية كانت مشاركته مع فريق مسلسل «صح النوم» بشخصية الخال «أبو رياح» التي تحولت إلى ما أشبه بكاركتر أخذ يكرره في أعماله الأخرى بالتلفزيون والمسرح والسينما.

من أعماله التلفزيونية الأخرى نذكر: «حارة القصر» عام 1970، «ملح وسكر» عام 1973، «وادي المسك» عام 1982، «عريس الهنا» عام 1984، «طرابيش» عام 1992، «ياسين تورز» عام 1996، «الخوالي» عام 2000، «ليالي الصالحية» عام 2004، «أهل الراية» عام 2008، «الغربال» عام 2014 و«شوارع الشام العتيقة» عام 2019.

من أفلامه السينمائية «امرأة تسكن وحدها» عام 1971، «غوار جيمس بوند» و«غراميات خاصة» عام 1974، «عندما تغيب الزوجات» عام 1975، «صد الرجال» عام 1976، «بنات الكاراتيه» عام 1981، «امرأة لا تبيع الحب» عام 1983، «بنات الاستعراض» عام 1987، «سواقة التاكسي» عام 1989.

الاسم الفني

من الملاحظ أن جيل الرواد، طغى فيه الاسم الفني على الاسم الحقيقي، حيث صرح في أحد لقاءاته أن «هذه الأسماء هي أول ما عرفه الناس عنا وأول ما استقبلونا به، لقد كان عدد التلفازات قليلاً جداً، وكانت الحارة كلها تجتمع على تلفاز واحد، وأقولها بصراحة إن وصولها لقلوب الناس وتفاعلهم معها وصدق هذه الأعمال وبساطتها جعلت هذه الأسماء محفورة في أذهانهم، وهناك الكثيرون ممن ألتقيهم يجهلون اسمي الحقيقي ولا يعرفونني إلا باسم «أبو رياح».

وأضاف: «أحياناً الأدوار تفرض نفسها، فمثلاً مسلسلات «حمام الهنا» و»صح النوم» و«الخوالي» و«ليالي الصالحية» و«باب الحارة» كل هذه الأعمال شامية لها ميزة خاصة والملاحظ أن اسم «أبو رياح» قد طغى على الرغم من تسميتي «أبو جمعة» في «الخوالي» و«أبو مرزوق» في «باب الحارة».
‏‏‏

وفي حديثه عن المسلسلات الشهيرة التي مازالت تحظى بمتابعة واسعة أمثال: «صح النوم» و«حمام الهنا» علق: «كانت هذه المسلسلات هي اللبنة الأولى للدراما السورية، وقد لاقت قبولاً واسعاً على الصعيد العربي، فأصبح هناك أناس من الخليج ومصر والمغرب يقلِّدون اللهجة الشامية، وكل هذا بسبب المصداقية التي قدّمت فيها هذه الأعمال، لقد كنّا نمثل بروح عالية بحب لا مثيل له لهذه الأعمال التي أفتخر بها كثيراً».

من قلب الحدث

في أحد لقاءاته تحدث الشماط عن بعض الشخصيات التي أداها وقال: «أي دور يسند لي أدرسه، مثلاً «أبو رياح اللحام» ذهبت إلى اللحام، تعلمت منه كيفية الإمساك بالسكين وفرم اللحم، في «أهل الراية» لعبت دور «مجيد الفرواني» فذهبت إلى أولاد مجيد الفرواني، شاهدت كيفية سلق الفول والحمص ومسك المدق والطحن، أي عمل أؤديه أتعلم ميزاته الخاصة».

في الإعلان

محمد الشماط أول فنان سوري، يعمل في الإعلان، ما أثار حفيظة الكثير من الفنانين، وعن هذه التجربة تحدث: «حين عدت من أميركا، صادفني أحدهم اتضح أنه أحد أصدقاء الدراسة منذ المرحلة الابتدائية، وهو صاحب معمل، عرض علي أن أروج له منتجه بدعاية، في ذلك الحين كنت بعسرة مادية، وفي هوليوود رأيت أن من يقوم بذلك هو الفنان الجيد، ليس في ذلك عيب، فقمت بأداء الدور الإعلاني، الذي انتقدت عليه كثيراً.

وأضاف: «في أميركا الدعاية أساسية، صور الممثلين الكبار تملأ الشوارع، أحقية عمل الدعاية للنجوم، أفخر بأني أديت الإعلان بشخصيتي، فقد أرجعت لي نشاطي، بعد غياب خمس سنوات من العلاج، ثم عملت بعض أغاني الفيديو كليب مع بعض المطربين، على أساس أن يكون لي سيناريو في الكليب، فأنجزت واحداً مع هدى شعراوي وآخر مع ربيع الأسمر، إذاً ما أؤديه له أساس وقيمة».

العلاج بالقرآن

تعرض الشماط لجلطة دماغية كادت أن تودي بحياته، حيث أصيب بشلل رباعي وفقد قدرته على الكلام عام 1995.

وقال في تصريح سابق إن الأطباء قاموا بإخراجه من المستشفى بعد أن فقدوا الأمل من شفائه وقالوا له: «ستظل على هذه الحالة إلى الأبد متل رفيقك «حسني بورظان» في إشارة إلى الراحل «نهاد قلعي».

سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية من أجل العلاج وذكر قصة غريبة حدثت معه، عندما ذهب للعلاج عند أحد الأطباء الذي نصحه بتلاوة القرآن الكريم، وهذا ما فعله وتم شفاؤه من المرض بعد ثلاثة أشهر، حيث لم يترك تلاوة القرآن من ذلك الوقت.

الأم سورية

خلال عام 2018، كرّمت وزارة الثقافة بالتعاون مع نقابة الفنانين الفنان الراحل تقديراً لمسيرته الفنية الطويلة.

وعبّر الفنان الشماط عن تقديره لهذه المبادرة بعد مسيرته الطويلة في الفنّ إلى جانب زملائه الذين ساندوه منذ خمسينيات القرن الماضي، وقال: «إن العمل الدرامي عمل جماعي ولا يتم على يد شخص بمفرده، وأهدي تكريمي هذا إلى الأم سورية».

كما تم تكريمه في «مهرجان دمشق الثقافي» عام 2019 إلى جانب عدد من المبدعين.

فنانون: شكراً لكل ما قدمته لنا من متعة

لم يتفاعل كثير من النجوم مع وفاة فنان كبير بحجم محمد الشماط أبداً، بينما كتب البعض الآخر منشورات مقتضبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وإليكم أهم ما نشر:

شكران مرتجى: «الفنان القدير والمحترم محمد الشماط في ذمة الله، رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جنانه وألهم عائلته ومحبيه الصبر والسلوان».

محمد خير الجراح: «وداعاً أبو رياح، وداعاً أبو مرزوق، وداعاً عمي أبو عدنان، وداعاً الفنان الكبير محمد الشماط، أتقدم بأحر التعازي لعائلته الكريمة والأسرة الفنية، رحمه الله وطيب ثراه وأحسن مثواه».

أمل عرفة: «الفنان القدير محمد الشماط في ذمة الله، الله يرحمك».

لورا أبو أسعد: «وداعاً أبو رياح، شكراً لكل ما قدمته لنا من متعة، الرحمة والمغفرة له وخالص العزاء لأسرته ومحبيه».

تولاي هارون: «وداعاً محمد الشماط، الله يرحمك، لن ننساك».

محمد زهير رجب: «وداعاً أبو رياح.. محمد الشماط أحد المؤسسين ومن كبار الرعيل الأول.. خالص العزاء للأسرة الفنية العربية والسورية، لروحه الرحمة والسلام».

تيم حسن: «رحمة الله على الفنان القدير محمد الشماط، تعازي لأسرته الكريمة وكل محبيه.. البقاء لله».

تماضر غانم: «وترحل نجومنا بوجع الفراق، الله يرحمك فنانا القدير محمد الشماط».

قصي خولي: «الرحمة لروح الفنان القدير محمد الشماط، العزاء لأسرته وأصدقائه ومحبيه».

أحمد مللي: «رحمة الله عليك يا أبو عدنان يا شيخ الشباب، فاجأني هذا الخبر ولكن الموت علينا حق، رحمك الله وأسكنك فسيح جناته يا من كنت مخلصاً للجميع وودوداً معهم، عزاؤنا لأهلك وذويك وجمهورك الكبير».

عدنان أبو الشامات: «الفنان الخلوق والراقي الأستاذ محمد الشماط في ذمة الله».

قاسم ملحو: «الفنان محمد الشماط، الذي اشتهر بشخصية «أبو رياح» انتقل إلى جوار ربه خلال فترة إقامته للعلاج في أمريكا، الرحمة لروحه والعزاء لأسرته وأحبابه».

ناهد الحلبي: «الرحمة والسلام لروحك يا طيب».

محمد قنوع: «الفنان القدير محمد الشماط في ذمة الله، إنا لله وإنا إليه راجعون، الله يرحمك ويعوضك الجنة ويصبر قلب عائلتك».

رغداء هاشم: «رحمة الله عليك يا غالي، الفنان الكبير محمد الشماط وداعاً».

عبد الفتاح المزين: «العزاء للوسط الفني بفقدان الفنان محمد الشماط».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن