ثقافة وفن

السنديانة السورية منى واصف: «لم أسكر من نجاحي ولم أخف من فشلي» … وزارة الثقافة والمعهد العالي يحتفيان بمشوارها الفني الإبداعي … وزيرة الثقافة: فنانة تتميز بالصدق ولديها الكثير من التوازن الداخلي

| سارة سلامة- تصوير: طارق السعدوني

منى واصف تستحضر ذاكرتها مع طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية في حوار قريب من القلب غير متكلف، ذهبت في رحلة مع الزمن وأعادت شريط ذكرياتها ضمن مشهد تاريخي ستدونه سنوات المعهد، فتحدثت عن مسيرتها وهي مشوار يدرّس وفي أدوارها تاريخ يتجدد، إنسانة وفنانة تهوى الحياة وتتقن الفن، غزيرة بالتفاصيل والمحتوى، تجربتها قاموس يُحكى وقصة تُروى، طريق سلكته بتوازن جعلتنا اليوم نتتبع خطاها ونفخر ونهنئ ونحب عطاءها.

واحتفاءً بمشوارها الفني وتجربتها الإبداعية الرائدة، استضاف المعهد العالي للفنون المسرحية النجمة القديرة منى واصف تحت عنوان: «ملتقى الإبداع».

وركز الحوار الذي أداره الناقد سعد القاسم حول مسيرتها الفنية الطويلة التي امتدت لستين عاماً، فاتحة قلبها لطلاب المعهد بمختلف اختصاصاته على مسرح سعد اللـه ونوس.

وفي ختام الندوة كرم المعهد العالي الفنانة القديرة وقدمت وزيرة الثقافة درعاً تقديراً لمسيرتها الحافلة وعرفاناً بتجربتها التي امتدت لستين عاماً.

في لقاء السنديانة

ورغم تدني درجات الحرارة في العاصمة دمشق تجمع طلاب المعهد والمهتمون والصحفيون على مدرج مسرح سعد اللـه ونوس ينتظرون بفارغ الصبر لقاء السنديانة منى واصف، مشهد جميل هذا الحب الذي يدفع الحنين والدفء في المكان بانتظار الحوار معها والغوص في ثنايا شخصيتها والتعرف إلى مكامن الإبداع.

تطل المرأة الفولاذية المحاربة التي جعلت من الحوار جلسة لطيفة وكأنها تتحدث إلى المرآة بشفافية عالية وصدق يرافق ردات فعلها، وبتواضع لافت وحب كبير تلقن دروساً مهمة للطلاب المقبلين على مشوارهم الفني.

وبدأت واصف الحديث عن بداياتها في الرقص الشعبي مع فرقة أمية، ثم عملها كعارضة أزياء، وبداياتها الفنية في المسرح العسكري الذي كان يسمى مسرح (القوات المسلحة) وبعد ذلك تطرقت لتجربتها في السينما والتلفزيون، واستذكرت بحب كبير زوجها الراحل محمد شاهين الذي أخرج العدد الكبير من المسرحيات المشاركة بها، إضافة إلى وجود كبار الممثلين إلى جانبها منهم: «محمود جبر، سعد الدين بقدونس وآخرون».

واصف عبّرت عن عشقها للتمثيل، مشيرة إلى أنها تذهب للتصوير وكأنها في طريقها لمقابلة حبيبها.

وأكدت واصف أنه «لا يوجد شيء سهل لكنني لم أفكر يوماً بالابتعاد، وبطبعي أذهب للتصوير قبل ساعتين من الموعد، وأحب مهنتي جداً ولا يهمني عندما يقولون إن منى تأتي قبل الكومبارس، لا مانع لدي فأنا أعشق عملي، وأنا إلى الآن عندما أخرج من بيتي أشعر وكأني ذاهبة لألتقي حبيبي.

وقالت لطلاب المعهد: «أنا اليوم هنا لأتعلم منكم، لأنني أحب الحياة وأحب الشباب، وإلى الآن لا أشعر بعبء السنين، لذلك عندما أقابلكم أو أعمل معكم أحس وكأنني مثلكم وأشعر بالحماس والحلم وعدم الخوف».

وشددت على أنها منحت المسرح أحلى سنوات عمرها، وحققت كل أحلامها في المسرح والتلفزيون والسينما، موضحة أن الملل خارج قاموسها تماماً ولا تشعر به لأن وقتها ضيق.

وبينت: إن «فيلم الرسالة أعطاني قوة وثقة وأعطاني نوعاً من التوازن، وعن أحلامها التي تتمناها أوضحت: «أتمنى أن أجسد شخصية أنديرا غاندي من خلال فيلم عالمي لأنها شخصية سياسية استثنائية ونهاية تراجيدية، وختمت: «لم أسكر يوماً لأدوخ من نجاحي، ولم أخف يوماً من فشلي».

تدخل التاريخ

بدورها، أشادت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح بالمبادرة التي وصفتها بالتاريخية على اعتبار أن التاريخ سيسجل زيارة اسم كبير إلى المعهد، مشيرة إلى أنها لمست منها الصدق مع الذات ومع الآخرين، ومبدية إعجابها بالتوازن الداخلي الذي تعيشه.

وأوضحت مشوح بأن ملتقى الإبداع هو مبادرة جديدة نظمته إدارة المعهد العالي لدعم عملية تأهيل الشباب في حياتهم المهنية والفنية للالتقاء بفنانين نجوم لهم خبرة وباع طويل في مختلف الفنون التمثيلية للاستقاء من تجربتهم والاطلاع على جوانب مسيرتهم والاستفادة من خبرتهم ولقائهم اليوم الفنانة منى واصف سيدخل التاريخ.

فائدة أكاديمية

ومن جانبه أوضح عميد المعهد الدكتور تامر العربيد: إن «المعهد يسعى من خلال ملتقى الإبداع أن يقدم فائدة أكاديمية وينقل من خلالها خبرات الفنانين بمشوارهم الإبداعي لطلاب المعهد الذين يدرسون بشكل أكاديمي للوصول إلى هدفهم ليكونوا فناني المستقبل، وكانت الفنانة منى واصف بمسيرتهما الثرية والغنية خير من يبدأ بالحوار الحقيقي للتعرف إلى تجربتها الفنية وخبرتها الكبيرة في مجال التمثيل والمسرح».

خبرة مسبقة

وبدوره قال الناقد والأستاذ سعد القاسم: إن «الحوار مسرحي له علاقة بالمعهد كجزء متمم للعملية التعليمية، وبدأنا الحديث بتلخيص عن تجربتها الثرية والغنية، وبالنسبة لجيلنا هي من أوائل الأسماء التي شاهدناها على المسرح وكان حضورها متميزاً واستثنائياً، وأضاف القاسم: إن «الممثل القدير سواء بالمسرح أم التلفزيون أو السينما يبني معرفته وخبرته من التراكم والخبرة ليجعل جمهوره واثقاً بما سيقدمه دائماً».

وبيّن القاسم: إن «لقاء ملتقى الإبداع هو مشروع الدكتور العربيد، لجعل الطلاب يدخلون العملية الواقعية الفعلية الحياتية ونبدأ من الآن بتهيئتهم على ذلك، وهذا ممكن أن يعطيهم خبرة مسبقة وتصوراً عما سيواجهونه في المستقبل، وفي الوقت نفسه تعطي تجربة أي شخص فينا نموذجاً وتساعدنا كي نطور ذواتنا».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن