ثقافة وفن

«سكيتشات».. تصور معاناة الإنسان! … مصطفى علي: الشعور والذاكرة وكل التفاصيل تجتمع كي تتجسد بفكرة

| سارة سلامة

التصوير هو حالة مهمة يعيشها الفنان، يعبر فيها عن ذاته وكيانه وما يتلقفه من الشارع والناس والمقهى؛ صور عديدة لنحات قدم منحوتاته هذه المرة بلوحات؛ لا تزال التفاصيل عند مصطفى علي مهمة وتشكل حالة إبداعية هي حكايات لمشاريع يصوغها فيما بعد أو لا.. إلا أن المهم أن يقدمها اليوم من خلال معرض حمل اسم «سكيتش»، وشهد وجوهاً عديدة تغوص في الألم والمعاناة، تندمج من خلال الألوان القاتمة من الأسود والرمادي.. هو كفنان اليوم لا يستطيع الانفصال عن واقعه فهو يتلقف كل يوم وجوه المارّة يصادف الألم والعوز، والمعاناة هي غصة بقلبه يخفيها، محاولاً نثر الحب والفرح أينما وجد إلا أن في أعماقه كفنان حساسية لكل ما يدور حوله.

حيث قدم النحات مصطفى علي في الغاليري الخاص به معرضاً فنياً أخرجه قليلاً من النحت عبر لوحات متعددة وبأحجام مختلفة ليصوغ أفكاره ويوثقها مباشرة..

الرسم حالة يومية

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» بيّن النحات مصطفى علي الذي اتجه في معرضه هذا إلى اللوحة أن: «المصدر الأساسي للأفكار هو ما يحدث في الدماغ، الشعور والذاكرة وكل التفاصيل تجتمع كي تتجسد مبدئياً بفكرة يمكن أن تتحقق على الورق وبعدها تتحول إلى عمل فني، إن كانت منحوتة أو لوحة هناك وجوه عديدة، هذه اللوحات قريبة من حالتي الداخلية التي تختلف بشكل واضح عن حالتي المعلنة، لأن بأعماق أي شخص فينا حزناً كبيراً، وبالطبع أنا لست مع هذا السواد إلا أن الحياة قاسية؛ حتى لو قررت أن أكون سعيداً لن أستطيع تغافل وجوه الناس المحيطة بنا بكل ما تحمله من ألم وبؤس».

وأضاف علي: إن «هذه حالة تشكيل حتى لو كنت أحب الرقص وأحب أن أشتغل على الفرح والسعادة، ولكن ربما في وقت آخر وزمن لا يشبه هذا الزمن، واخترت الرسم لأن النحت لا يمكن أن يكون بشكل يومي، في حين الرسم هو حالة يومية نمارسها مع تزاحم الأفكار. أما النحت فيحتاج إلى تحضير وهو الأهم بحياتي، ولكن عندما أشتغل «السكيتش» أتعامل بحرية مطلقة بتلقائية وعفوية والتلقائية تأتي بشكل أساس من خلال التراكم الذي يحدث في الذهن ويعكس الواقع».

دافع إيجابي

وبينت النحاتة منتهى الشوفان: إننا «اليوم نرى حالة جديدة عند مصطفى علي فيها حالة من السكات، الذي يعتبر أساس العمل الفني، هي حالة قد يصورها الفنان من التفاصيل اليومية التي يراها خلال وجوده، تصادفه أهواءها ربما في الشارع أو في أي مكان، والحالة جميلة تمرّن اليد وتفرغ الحالة الداخلية التي تغزي أفكارنا، هي مجموعة أفكار وعواطف ممكن أن ألقيها على ورقة، لتنفذ فيما بعد بلوحات».

وأضافت الشوفان: إن «النحات علي هو مدرسة يقود الشباب بطريقة ممنهجة للحل، وهو داعم لنا جميعاً، وأشكره على الدافع الإيجابي الذي يقدمه لنا».

حياة غريبة

بينما قال الفنان خير اللـه سليم: إنني «تفاجأت حقيقة بجمالية التصوير عند النحات مصطفى علي، من خلال أعمال فيها حياة غريبة تحتاج إلى وقفة من خلال ألوانها وموضوعاتها، المعرض أعطانا شعوراً بالمعاناة. حيث إن كل إنسان يعيش الكثير من الحزن والمعاناة إلا أن النحت لم يغب عن لوحاته، فنرى أن وجوهه النحتية موجودة في اللوحات، من خلال عملية إرهاصات عند الفنان أحياناً يحب أن يخرج من الروتين الذي يعيش به».

الهدف هو الإبداع

ومن جهته قال موفق مخول: إن «الفكرة جميلة أن نربط النحت مع التصوير ومع الحفر لأن الفن بالنهاية له هدف واحد هو الإبداع والعطاء، وهدفنا أن نقدم ما يرضي الناس والمعرض، لأن علي معروف كنحات، والنحت هو حالة إبداعية والتصوير حالة إبداعية، وبذلك يعبر الفنان عن مواهبه وأفكاره وأحاسيسه من قدراته الداخلية، إن كانت السلبية أو الإيجابية».

ويرى مخول إن: «مصطفى نجح في إيصال أفكاره من خلال اللوحة وأبدع في دمج الألوان بأسلوب مرن غير قاس، هو فنان يحمل بعداً بصرياً، وبصمة تصويبية مهنية».

ملمس غرافيكي

من جانبه بين عادل خضر أنه: «عندما نأتي إلى معرض نحات لنرى التصوير من خلال الاسكتشات نلاحظ توليفة جميلة في عمل علي، من الفوضوية والسوداوية أي اللون الأسود الطاغي عليها؛ ويرمز ذلك من وجهة نظري إحساس الفنان وما يشاهده وينقله من الحياة، وما لفتني بها هو الملمس الغرافيكي الموجود في الألوان الغرافيكية الجميلة. لذلك هي حالات تعبيرية مختلفة، ظهرت بوجوه متعددة، من حالات حزن ودهشة واستغراب، وفي مجملها هي حالات وجدانية وإنسانية».

وأضاف خضر: إن «الفنان عندما يعرض اسكتشاته فهو يستفز جزءاً من أعماله النحتية التي يعمل على تنفيذها، وهو مصور جيد، النحات دائماً هو مصور جيد، فأصبح لديه وقت أن يشتغل على إنتاج اللوحة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن