سورية

«الانتقام والثأر الشخصي» دافع لدى شبان للانضمام إلى الإرهابيين في الشمال

| وكالات

انخرط عدد كبير من الشبان في صفوف التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة، ليس رغبة في قتال الجيش العربي السوري، وإنما بسبب حالات أخرى كـــ«الانتقام والثأر من أشخاص آخرين»، وتهميش الأسرة والمحيط والفشل الدراسي، إضافة إلى حب الظهور بالمظهر القوي من خلال حمل السلاح والحصول على الراتب الشهري أو الحصول على حماية للعائلة، وذلك وفق ما ذكرت مصادر إعلامية معارضة.
وأوضحت المصادر في تقرير نشرته، أمس، أنه لا يكاد يخلو تنظيم إرهابي أو ميليشيا مسلحة من نماذج هؤلاء الشبان والقصص التي حدثت نتيجة تنفيذ غاياتهم ورغباتهم الشخصية، حيث أشار العديد من المدنيين إلى أن «العناصر» أصحاب الغايات الشخصية يفتعلون المشكلات الشخصية، ويتسببون بأذى للمواطنين بخلاف الآخرين.
وقالت سيدة تدى «أ. ي» من بلدة المنصورة في ريف الرقة الغربي وهي والدة متزعم لدى تنظيم داعش الإرهابي يدعى «ع. ط»: إنه «بعد وفاة زوجها عملت على تنفيذ وصيته بمواصلة تعليم الأبناء، حيث درس المتزعم «ع. ط» في كلية الحقوق بجامعة دمشق، أما الابن الأكبر فقد أقنع والده قبل وفاته بنقل الميراث له بحجة المحافظة عليه، لكنه بعد وفاة والده قام بسرقة الميراث ولم ينصف إخوته فما كان من «ع. ط» إلا أن ينتسب لتنظيم داعش».
وأضافت السيدة: «إنه في عام 2014 انتسب «ع. ط» إلى داعش لينتقم من أخيه بسبب ظلمه لإخوته وتعنيفه لهم وحرمانهم من حقوقهم بالميراث، وكان انضمامه بعد حصوله على الشهادة الجامعية من كلية الحقوق والتي مزقها بعد أن قرر الانتساب للتنظيم».
شاب آخر يدعى «م. م» من ريف إدلب الجنوبي ويقيم في أحد مخيمات منطقة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي من جانبه تحدث عن قصة أحد أقاربه وهو شاب يبلغ من العمر 25 عاماً ينضوي في صفوف ميليشيا «فرقة السلطان سليمان شاه» (العمشات) الموالية للاحتلال التركي، ويتردد بشكل دائم بين منطقتي ريف إدلب وريف حلب الشمالي، قائلاً: إن «هذا الشاب عاش حياته مهمشاً وفاشلاً دراسياً ولم يكن يحظى بأهمية بين محيطه وليس له أي تأثير بين أقرانه منذ طفولته».
وأضاف: «إنه مع بداية مرحلة شبابه بدأت تظهر لديه خلافات شخصية مع آخرين من عائلة أخرى ضمن العائلات ذات الطابع العشائري في المنطقة، وكان دائماً يشعر بالانكسار أمامهم نتيجة عدم وجود أقارب له يشجعونه على حل مشاكله وخلافاته ويقفون بجانبه ويساندونه، فكان انضمامه لميليشيا «العمشات» المعروفة بمسلحيها المهتمين بالشكل والمظهر وحب الاستعراض، والظهور بالنسبة له نقلة نوعية في حياته، حيث تغيرت طباعه للأسوأ وأصبح يتلذذ في قمع الآخرين، إضافة إلى استعراض ما لديه من أموال بسبب قربه من متزعمي الميليشيا، والاستعراض بسلاحه وألبسته ونوع سيارته».
وتابع قائلاً: إنه «قام بالإبلاغ عن أحد الأشخاص من أبناء قريته لقيادة الميليشيات، بسبب خلاف سابق معه، فتم تعميم اسم ذلك الشاب ومنعه من دخول مناطق سيطرة ميليشيا «العمشات»، وأصبح طرفاً في حل الخلافات التي تحدث بين أشقائه والآخرين بقوة الميليشيات».
وأوضح الشاب «م. م»، أن هناك عدداً من الأشخاص يعرفهم بشكل شخصي انخرطوا في الميليشيات المسلحة، فقط رغبة في حب الظهور بالمظهر القوي، وحمل السلاح واستخدامه في الخلافات والأفراح، إضافة للتفاخر بما يملكونه من أموال بحال كانوا متزعمين أو مقربين من متزعمي الميليشيات، مؤكداً أن هذا يعد خللاً في شخصية الشاب وعدم وجود ثقة لديه بنفسه وهو مرض قد أصاب الكثير.
شاب آخر يدعى «أ. ع» من ريف حماة الغربي كان فترة طويلة منضوياً في صفوف العديد من التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة كان آخرها ميليشيا «جيش النصر» التي كانت ضمن مناطق ريفي حماة الشمالي والغربي، قبل أن ينشق عنها أواخر عام 2019 ويعلن اعتزاله العمل المسلح بشكل كامل، تحدث عن مدى وجود هذه الظاهرة لدى الميليشيات المسلحة وأكد أنه لا يكاد يخلو تنظيم إرهابي أو ميليشيا مسلحة من وجود أشخاص من هذا النوع، حيث يتكاثرون حالياً بشكل أوسع ضمن صفوف تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي باعتباره التنظيم الأقوى في مناطق شمال غرب سورية حالياً.
وأضاف: إن أغلبية هؤلاء الأشخاص الذين يدخلون للتنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة من أجل تنفيذ غايات شخصية، هم حقيقة يعانون التهميش في محيطهم وهناك البعض ممن تعرضوا لخلاف مع أشخاص معينين فيريدون أن يبسطوا قوتهم عليهم ويثأروا منهم حتى لو كان بشكل معنوي بمجرد الاستعراض والتفاخر فقط.
وأكد، أن هؤلاء الأشخاص منبوذين محلياً ولا أحد يفضل التعامل معهم والاختلاط بهم لسوء تصرفاتهم ونظرتهم لأنفسهم بأنهم قادرون على ترهيب الجميع بقوة السلاح.
وختمت المصادر تقريرها بالإشارة إلى أن هناك العديد من الأسباب الأخرى التي دفعت الكثير من الشبان للتواجد ضمن التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة، وهي أسباب ليست لها علاقة بأهداف ما تسمى «الثورة» المزعومة أو محاربة قوات الجيش العربي السوري، بل جميعها أسباب شخصية مثل الحصول على الراتب الشهري أو الحصول على حماية للعائلة أو رغبة في تنفيذ غايات ومآرب شخصية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن