شؤون محلية

«الصحة» بدها علاج

| محمد راكان مصطفى

ليس خفياً على أحد التأثير السلبي للحصار الاقتصادي والعقوبات الأحادية الجانب على كل المناحي الخدمية والاقتصادية في البلاد.

ومن الطبيعي ألا يكون القطاع الصحي بمنأى عن سلبية هذه التأثيرات، حيث بدأ يتجلى أثرها بنقص التوريدات لقطع صيانة الأجهزة الطبية، وبصعوبة الحصول على التقنيات الطبية الحديثة، وصولاً إلى صعوبة الحصول على الأدوية النوعية التي توزع مجاناً من الدولة على أصحاب المرضى المصابين بمرض عضال.

مؤخراً بدأت تتفاقم المشكلة بصورة أكبر حيث وصلت الانقطاعات إلى أبسط احتياجات المشافي من أدوية ومستلزمات إسعافية حتى وصل الأمر إلى الخيوط الجراحية والضمادات، وأصبح على ذوي المريض تأمين هذه الاحتياجات من السوق بكلف عالية.

زملاء مروا بتجارب مرضية وآخرون رافقوا أقاربهم خلال فترة العلاج في المشفى أكدوا أنه وعند حضور «البرّاني» للكادر التمريضي يحضر المستلزم من دون أي تأخير، ما يعني بالتأكيد أنه وإلى جانب الصعوبات والآثار السلبية التي أفرزتها العقوبات والحصار هناك وجود حالات فساد لها دور كبير في زيادة شدة الأزمة.

هذا الكلام ليس مجرد افتراض، فحسب المعلومات فإن لجنة تفتيش في إحدى الوزارات كشفت تحقيقاتها عن وجود فساد بمبالغ تقدر بالمليارات في مستودعات أحد المشافي العامة، وأنه تم بعد إحالة المتهمين إلى القضاء الحكم عليهم بإعادة مبالغ قدرت فعلاً بمئات الملايين، ما يؤكد أن مثل هذه الحالات زاد من حدة الأزمة وتسبب بضياع جهود الدولة في تقديم الدعم في مجال الطبابة المجانية جراء ممارسات فاسدة انتهجها بعض الفاسدين بغية تحقيقهم مكاسب مالية شخصية على حساب آلام المواطنين ومعاناتهم.

كما أن بعض الأطباء لا يبدون أي اهتمام بالمريض إلا بعد مراجعته في العيادة، وفي بعض الأحيان يشترطون مبالغ إضافية مقابل إجرائهم للعملية الجراحية، وآخرون يؤخرون موعد العملية حتى يضطر المريض إلى أن يوافق على إجراء العملية من قبله في أحد المشافي الخاصة.

إلى جانب كل ذلك تأتي شكاوى إدارات المشافي المستمرة بسبب نقص المواد والمستلزمات بسبب تأخر التوريدات والعقود المركزية، وعمليات الصيانة التي باتت تحتاج إلى موافقات مركزية، والتي كان الهدف منها هو ضبط الهدر والحد من الفساد، إلا أن ذلك انعكس تعقيدات وروتيناً وعقوداً ضخمة يحجم عن التقدم لها الكثيرون لتبقى محصورة بأشخاص معدودين من أصحاب الملاءة المالية الكبيرة.

من كل ما تقدم يكشف الوضع القائم أن القطاع الصحي مريض وبحاجة إلى تدخل علاجي بشكل عاجل ينعشه ويعيده إلى دوره الصحيح، كما أنه من الضروري تذكير العاملين في القطاع الصحي بكل مكوناته بأنهم يعملون بمهنة إنسانية أساسها الرحمة بعيدة كل البعد عن تحقيق الأرباح والاتجار باستغلال آلام المرضى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن