شؤون محلية

أمنية نبيلة في اليوم الجميل

| ميشيل خياط

لعل ذهاب ملايين التلاميذ والطلاب إلى مدارسهم اليوم، يضفي على حياتنا حيوية مميزة حتى نخال أن الربيع قد أقبل ونحن عملياً على أبواب الخريف.

المشهد مبهج بحد ذاته، وإذ نذهب إلى معانيه، فإنه انتصار كبير لسورية، لأن العلم نور.

كان حلم البشرية، (العلم للجميع) في العام 2000….!!، اليوم تتحدث اليونيسكو عن 84 مليون طفل وشاب سيكونون خارج المدرسة في العام 2030 …!!. أي إن أربعة فقط من كل عشرة شباب سيتمكنون من إتمام تعليمهم الثانوي في 193بلدا من بلدان العالم حتى العام 2030.

حدث جلل أن يتوجه ما يقرب من أربعة ملايين تلميذ وطالب، أكثر من نصفهم من الإناث، إلى 13000مدرسة، بعد حرب ضروس على سورية، ولم تنته بعد.

مثلما نأكل لنعيش، فإننا نتعلم لنعمل.

ولعلنا الآن في حاجة ماسة إلى العمل، ونحن نحضر إلى إعادة أعمار سورية.

وبهذا المعنى، فإن الحفاوة بالتعليم المهني والتقني، وتكريس هذا العام التربوي له، إنما هو ضرورة وطنية قصوى.

والرافعة الكبرى اليوم لهذا النمط من التعليم، إصدار السيد الرئيس بشار الأسد- مؤخراً- قانونين (38-39)، نصاً على تحويل المدارس والمعاهد المهنية والتقنية إلى ورش ومراكز إنتاج وسمح لها بالشراكة مع الصناعيين ما يتيح تشغيل الطلاب في المصانع أثناء دراستهم، ما يوفر دخلاً مالياً كبيراً نسبياً لهم ولمدرسيهم ومدربيهم وإدارييهم.

ومن يراجع الأرقام يجد أنه بالمقارنة مع (371384) في المدارس العامة، لدينا (83873) طالباً وطالبة في التعليم المهني والتقني حسب أرقام العام 2022، لكن هذا الرقم الأخير، هو رقم بداية العام الدراسي، إذ يجبر 30 بالمئة من خريجي التعليم الأساسي على التسجيل في الثانويات المهنية، لكنهم سرعان ما يتسربون منها، ووصلت نسبة المتسربين إلى42 بالمئة في وقت سابق.

لعل أضعف الأيمان، أن نعمل على صون نسبة الـ30 بالمئة في مرحلة إعادة الإعمار والحاجة إلى الأيدي الماهرة والكفاءات الفنية، ولاسيما أن المدرسة المهنية التقنية هي الطريق إلى المعاهد المتوسطة وإلى الكليات الجامعية التقنية التي تكثر تباعاً.

وأسيء لهذا التعليم في بلدنا، إساءة كبرى، عندما اعتمد في أواسط الثمانينيات، كحل لإنقاذ (عرف) الاستيعاب الجامعي.

وكنت شاهدا على الواقعة، إذ نجح في العام 1986، (93000) طالب وطالبة في الثانوية العامة، وكانت وزارة التعليم العالي تتهيأ لاستيعاب 63 ألف طالب فقط.

جرى تحويل 30 ألف طالب للمعاهد المتوسطة في تلك السنة وتقرر منذ ذلك الحين، تحويل 70 بالمئة من حملة الشهادة الإعدادية آنذاك إلى التعليم المهني التقني.

قدم هذا الحل صورة بشعة عن التعليم المهني مفادها، أنه يمنع طلابه من الوصول إلى الجامعات، وبما أن كل ممنوع مرغوب، بدأ اللف على القرار بالتسرب المفزع والذهاب إلى امتحانات الثانوية العامة الحرة.

كانت نسبة الـ70 بالمئة المفاجئة ضرباً من اللامعقول.

ولئن رجعنا في العام 2001 إلى نسبة الـ30 بالمئة فإن ذيولها لم تتلاش نهائياً.

نعيش اليوم على ضفاف حل جديد وفره القانونان (38- 39)، سيتيحان إذا ما طبقا، حوافز مالية مجزية للطلاب والمدرسين والمدربين، أثناء الدراسة، وثمة حوار ما بين التربية وأحد الصناعيين في دمشق، لتشغيل عدد من الطلاب في مصنعه بأجر شهري يصل إلى مئتي ألف ليرة.

هذا الحافز سيمنع التسرب وسيجذب في الأعوام القادمة، حملة شهادة التعليم الأساسي، إلى المدارس المهنية التقنية، طواعية وبشغف.

يحتاج نجاح هذا الحل إلى متحمسين له لتنفيذه في وزارة التربية، وإلى إعلاميين، مدركين له ومؤمنين به بصفته رافعة وطنية كبرى، لتقدم وازدهار سورية، يتابعونه يوميا ويضيئون نجاحاته وعثراته.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن