قضايا وآراء

حربٌ غربيةٌ بالوكالة وابتزازٌ نوويٌ أرعن

| رزوق الغاوي

هل يشكل القصف الأوكراني المتواصل لمحيط منشأة زابوروجيا النووية، الطلقة الأخيرة المتبقية في جعبة واشنطن، تهدد بها روسيا عبر وكيلها نظام الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي بعد الخسائر المتتالية التي ألحقتها القوات الروسية بالترسانة العسكرية الأوكرانية فبدأت مؤسساتها ومخازنها بالانهيار كأحجار الدومينو الواحدة تلو الأخرى؟

مرد هذا التساؤل المطروح من بعض الدوائر المتابعة لما يجري الآن على الساحة الأوكرانية، ينطلق من رؤية أن قصف محيط منشأة زابوروجيا النووية يعتبر بمنزلة رد فعلٍ أوكراني «ابتزازي أرعن» على الخسائر العسكرية الكبرى التي منيت بها أوكرانيا حتى الآن، بسبب العملية العسكرية الروسية الاستباقية.

غير أن دوائر أخرى ترى أن هدف واشنطن وكييف من وراء القصف الأوكراني للمناطق المحيطة بتلك المنشأة النووية وعدم استهدافها مباشرة، غرضه إدخال الرعب إلى نفوس الأوروبيين وتحفيزهم على اتخاذ مواقف ضاغطة على موسكو أكثر حدة وفاعلية، والعمل من أجل استقدام قوات دولية للحلول محل القوات الروسية حول المنشأة، غير أن موسكو وكما هو واضح متيقنة تماماً من أن تسليم المحطة لأي جهة غير الجيش الروسي سوف يُواجه برفض روسي مطلق، وخاصة أن أي ضرر قد يلحق- ولو نتيجة خطأٍ غير مقصود- ببنيتها الأساسية، ستكون له تداعيات نووية كارثية تطول جميع سكان القارة الأوروبية، وهذه حقيقة تدركها واشنطن، ويدركها صنيعتها زيلينسكي نفسه، كما يدركها أيضاً بشكل خاص الأوروبيون أنفسهم باعتبار أنهم من سيدفع في نهاية الأمر الثمن الباهظ والرهيب، جراء خطأٍ ما أو تصرفٍ أحمق وغير مسؤول.

في هذا السياق يندرج التحذير الروسي من أن استمرار القصف الأوكراني لمحيط المنشأة النووية قد تكون له تداعيات كارثية، وخاصة بعد وقوع أضرار في بعض مرافق المنشأة النووية، وفشل القمة الثلاثية التي انعقدت مؤخراً في مدينة لفيف الأوكرانية بين الرئيسين الأوكراني والتركي والأمين العام للأمم المتحدة، في تقديم ضمانات بإنهاء الابتزاز الأوكراني النووي والحيلولة دون انزلاق الوضع نحو كارثة نووية، وخاصة أن وضع منشأة زابوريجيا النووية يتفاقم ويزداد سخونة، حسب ما أكده رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما الروسي ليونيد سلوتسكي.

يبدو ضرورياً الإشارة هنا إلى أن ثمة إجماعاً على أن الحرب الراهنة على الأرض الأوكرانية، ليست بين روسيا وأوكرانيا، بل بين الغرب وروسيا من خلال توكيل واشنطن للنظام الأوكراني لخوض هذه الحرب بالنيابة عنها، لكن بقيادة خبراء عسكريين أطلسيين ينفذون أوامر البنتاغون، وذلك على حساب مصالح أوكرانيا والشعب الأوكراني، ولمصلحة أجندات أميركية ذات مضامين إستراتيجية موجهة ضد روسيا.

كما يبدو مفيداً الإشارة هنا إلى اعتراف ممثل المديرية الرئيسية للاستخبارات الأوكرانية فاديم سكيبيتسكي، بأن الصواريخ الأميركية تُطلقُ بمساعدة الأقمار الصناعية الأميركية بعد تحديد أهدافها من قبل البنتاغون الأميركي، وهو ما يؤكد ضلوع الولايات المتحدة الأميركية في هذه الحرب والمشاركة العملاتية المباشرة فيها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن