قضايا وآراء

جيش الاحتلال ورئيس أركانه الجديد

| تحسين الحلبي

يقول يتسحاق بريك الجنرال المتقاعد من جيش الاحتلال والرئيس السابق للمعاهد العسكرية والمختص باستقبال وقبول المجندين في الجيش، في تحليل نشره في موقع «القناة 12» العبري وموقع «نيوز 1» العبري في السابع من شهر أيلول الجاري تحت عنوان «مهمة رئيس الأركان الجديد شبه مستحيلة تقريباً ومصيرنا يتوقف على نجاحه»، إن «إرثاً شديد الصعوبة خلفه أربعة رؤساء أركان سابقين سيواجهه رئيس الأركان الجديد هيرتسي هاليفي، وأهم موضوع فيه هو زيادة قدرة الجيش من كل النواحي لمواجهة اصعب الحروب على جبهات متعددة لأن رؤساء الأركان الأربعة السابقين لم ينجحوا بوضع الاستعدادات الكافية لمواجهتها»، ويحدد بريك هذه الجبهات بخمس هي جنوب لبنان وحدود الجولان وقطاع غزة والضفة الغربية وفلسطين المحتلة منذ عام 1948، وهذا يعني أن اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 وخروج مصر من ساحة المجابهة وما تلاها من اتفاقيات في التسعينيات من القرن الماضي لم تخفض عدد جبهات الحرب ضد جيش الاحتلال بل خلقت جبهات بديلة وأكثر فاعلية تهدد عملياً وجود هذا الكيان ومستقبله أكثر من أي وقت مضى.

يقترح بريك على هاليفي «تغيير نمط العمل الذي اتبع في السنوات السابقة من الألف إلى الياء وإعداد العلاج الجذري لتحقيق زيادة في قدرة الوحدات القتالية»، ويحدد له بعض المقترحات الرئيسة ومنها: «١- إنشاء حرس وطني متخصص بحماية الجبهة الداخلية من أي أخطار على هذه الجبهة لأن قوات الشرطة لا تكفي للسيطرة على تظاهرات وعملياتٍ من داخل الجبهة المدنية الداخلية.

2- تعزيز قدرات القوات البرية.

3- إحاطة المستوطنات الحدودية بقوات حماية وتجهيز جبهة المدن لحرب لأنها قد تتحول إلى ساحة حرب مركزية.

يكرر معظم المحللين في تل أبيب والمنطقة أن موضوع الاستعداد «لحرب على عدة جبهات» قد تكون أربعاً أو خمساً أصبحت عبارة ملازمة لكل جدول عمل يضعه جيش الاحتلال، لأنه عجز منذ نهاية العقد الماضي عن تخفيض عدد جبهات المقاومة المسلحة من الشمال والجنوب والوسط وعلى مساحة كل فلسطين المحتلة في الداخل، ومثل هذه المواجهة تتطلب من جيش الاحتلال بالضرورة وجود قوة بشرية تغطي كل هذه الجبهات في أي حرب شاملة محتملة، وهذا ما لا يستطيع تأمينه بالعدد الكافي أمام المساحات الكبيرة لهذه الجبهات، ويعترف معظم المحللين العسكريين في تل أبيب أن الجيش انشغل على مدى مستمر منذ عام 1982 حتى الآن بحروب متواصلة خلال أربعين عاماً لم يتمكن فيها من التخلص من جبهة الشمال ولا من جبهة الجنوب في قطاع غزة ولا من جبهة الوسط في الأراضي المحتلة، وقد كلفته الهزائم خلال أربعة عقود أثماناً باهظة ديموغرافية ومعنوية وتزايداً في عدد الجبهات ونقصاً في القوة العسكرية البشرية القادرة على تحقيق الأهداف أو تخفيض مضاعفات هذه الهزائم.

لذلك كان من الواضح أن يختار الجنرال بريك في عنوان تحليله عبارة «يتوقف مصير إسرائيل على نجاح رئيس الأركان الجديد في مهمته»! وهذا ما يثبت أن الكيان الإسرائيلي لم يحقق هدفه بالتحول إلى قوة إقليمية مهيمنة وقادرة على فرض أهدافها التوسعية أو المحافظة على وجودها الغاصب واحتلالها لفلسطين والجولان السوري ومزارع شبعا اللبنانية.

يضاف إلى هذه الصعوبات التي يواجهها رئيس الأركان الجديد استحالة منع سقوط الصواريخ والطائرات المسيرة على جبهته الداخلية وهو ما أخفق بتحقيقه أيضاً رؤساء الأركان الأربعة الذين تولوا هذه المهمة منذ نهاية التسعينيات في القرن العشرين، ويختتم الجنرال بريك تحليله مبيناً أن «الثغرات التي يعاني منها الجيش وعدم جهوزيته لحرب على جبهات متعددة تصرخ للسماء، على حين يستمر الصف القيادي في الجيش بالتجاهل وكأن الكلاب تعوي والقافلة تسير ولو لم يكن الأمر يتعلق بوجود إسرائيل لكنا قد صمتنا لكن جمود وركود وقلة عمل القيادة العسكرية سيجعل وقوع الكارثة مسألة وقت فقط ومهمة رئيس الأركان الجديد منع اصطدام السفينة بجبل الجليد».

لا شك أن معظم الظروف التي بدأت تطرأ على أوضاع المنطقة منذ حرب الغرب والولايات المتحدة على روسيا خلال الأشهر الستة الماضية لا بد أن تؤدي إلى تطورات في المنطقة بل وربما إلى استعدادات إسرائيلية لشن عدوان على إحدى الجبهات الخمس قد يؤدي إلى اتساع رقعة الحرب ويمتد إلى الجبهات الأخرى رغماً عن إسرائيل ومن يقف معها خارج المنطقة وهذا ما يحذر منه بعض المحللين في تل أبيب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن