شؤون محلية

أكثر من 96 ألف مشترك يتمتعون بمياه «مسبقة الدفع» في دمشق منذ 90 عاماً … غندور لـ«الوطن»: حوالي 20 بالمئة من المشتركين يمتلكون حق الارتفاق لأنهم دفعوا مسبقاً ليرات ذهبية

| محمود الصالح

كشف مدير المشتركين في المؤسسة العامة لمياه الشرب في دمشق وريفها أمجد غندور عن وجود 96284 مشتركاً «مسبق الدفع» يمتلكون حق الارتفاق في مياه الشرب وهم يمثلون نحو 20 بالمئة من عدد المشتركين في الوقت الحالي.

وبين غندور أن هؤلاء المشتركين يمتلكون حق الارتفاق في مياه الشرب قبل إلغاء هذا الحق الذي كان معمولاً به منذ تأسيس لجنة مياه عين الفيجة في عشرينيات القرن الماضي وحتى صدور النظام الداخلي الجديد للمؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في عام 1990، الذي حافظ على حق الارتفاق لمن حصل عليه سابقاً.

وبين أن النظام الداخلي الجديد أكد أن حق الارتفاق ينتقل إلى المالك الجديد للعقار، لأن هذا الحق منح للعقار وليس لمالكه، ويسقط حق الارتفاق فقط في حال هدم العقار أو دمجه بعقار آخر، موضحاً أن هؤلاء المشتركين حصلوا على هذا الحق لقاء مساهمتهم عند تنفيذ مشروع مياه عين الفيجة بتكاليف هذا المشروع، حيث حصل كل مشترك آنذاك على حق استهلاك كمية محددة من المياه بشكل مجاني لقاء دفعه قيمتها في ذلك الوقت ليرات ذهبية.

وبين أن العدد الأكبر من المشتركين بنصف متر مكعب يومياً وهو 71939 مشتركاً، والعدد التالي مشتركون بربع متر مكعب يومياً وعددهم 22629 مشتركاً، وباقي المشتركين أعداد بسيطة لا تتجاوز المئات، موضحاً أن أكبر كمية مشترك بها في حق الارتفاق خمسة أمتار مكعبة يومياً.

وعن الكميات التي يستهلكها المشترك المتمتع بحق الارتفاق زيادة على كميته المرتفق بها أوضح مدير المشتركين أنه يتم حسابها وفق نظام الشرائح المعمول به وهو من متر مكعب إلى خمسة أمتار في الدورة يكون مجانياً ومن 6 أمتار إلى 15 متراً بقيمة 7 ليرات للمتر ومن 16 متراً إلى 25 متراً بقيمة 15 ليرة للمتر وهكذا تزيد قيمة المتر كلما زاد الاستهلاك خلال الدور.

وعن كمية المياه التي يحصل عليها المشتركون بحق الارتفاق «مسبقة الدفع» بشكل يومي أوضح غندور أنها تبلغ 43965 م3 يومياً، وهي تشكل ما نسبته 8 بالمئة من استهلاك محافظة دمشق يومياً التي تبلغ خلال الشتاء 450 ألف م3 يومياً وفي الشتاء 650 ألف م3 يومياً، ويكون الوسطي 550 ألف م3 يومياً.

جدير بالذكر أن مشروع جر مياه نبع الفيجة يعتبر من أهم الأعمال الوطنية التي قام بها عدد من تجار دمشق عندما قاموا بتنفيذ مشروع جر مياه نهر الفيجة إلى منازل دمشق.

حيث كانت دمشق منذ عام 1908 تشرب من مياه السبلان وتستخدم مياه الأنهار للأغراض المنزلية ولقد ظل الأمر هكذا حتى عام 1932 بعد كفاح مع المستعمر الفرنسي من تخليص هذا المشروع من براثن الشركات الأجنبية، وشكلت جمعية ملاكي المياه بدمشق (كجمعية تعاونية) انبثقت عنها لجنة عين الفيجة كمجلس للإدارة وأشرفت اللجنة على تنفيذ مشروع جر مياه عين الفيجة إلى دمشق وتوزيعه بوساطة شبكات نظامية. وقد حددت آنئذ قيمة حق الارتفاق للمتر المكعب الواحد بمبلغ 30 ليرة عثمانية ذهباً، ولعل فكرة حق الارتفاق التي كانت سائدة بالنسبة لمياه بردى قبل المشروع وحب تملك المياه المتأصلة لدى المواطنين إضافة إلى تعطشهم لجر المياه النقية إلى المدينة قد ساعدت كلها في إقناعهم بدفع قيمة حق الارتفاق على مياه نبع الفيجة مسبقاً لتكوين رأس المال اللازم لتنفيذ المشروع الذي بلغت قيمته 270 ألف ليرة ذهبية.

في عام 1958 قامت حكومة الجمهورية العربية المتحدة بتأميم مؤسسة مياه الفيجة وجمعية ملاكي المياه، ونقلها إلى ملكية الدولة وتحولت منذ ذلك الوقت من جمعية أهلية يملكها أهل دمشق إلى مؤسسة عامة تملكها البلدية.

لا تزال دار لجنة مياه عين الفيجة حاضرة بجمالها وفن عمارتها إلى اليوم، ولا تزال مياه الفيجة على الرغم من الازدياد الهائل في عدد السكان تسعى جاهدة للوصول إلى بيوتات دمشق ولو لبضع ساعات في اليوم حتى تذكّر كل ساكن بدمشق بأن دمشق ستعود كما كانت لأنها أراضيها وسكانها ارتووا من أعذب وأطهر مياه في التاريخ.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن