ثقافة وفن

من الضروري أن يحمل كل فنان ملتزم جانباً إنسانياً في رسائله الفنية … ليندا بيطار لـ«الوطن»: أفضّل أن نولي الاهتمام للأغاني التي تحمل الكلمة الأدبية واللحن الجميل

| مايا سلامي

من صخب الأغاني وضجيجها يشدو صوتها الملائكي الرقيق كجوهرة يسطع بريقها بين الزحام، حاملاً معه الدفء والقوة وعبق الأغنية السورية الأصيلة.

إنها الفنانة ليندا بيطار صاحبة الصوت الألماسي التي تألق نجمها في سماء الفن الأكاديمي الملتزم الذي اختارته وأخلصت له بعمق كلمات أغنياتها وجمالية ألحانها التي دخلت بها قلوب الجماهير الوفية للفن الراقي والنبيل، فقدمت عبر سنوات مسيرتها الفنية العريقة الأغنية الشعبية والتراثية والمعاصرة بنكهة فيروزية مميزة هاربة من حكايا الزمن الجميل.

وبحوار خاص لـ«الوطن» مع الفنانة ليندا بيطار خضنا أكثر بتفاصيل حفلها الأخير وما قدمته من جديد:

• بالحديث عن حفلك الأخير كيف كان لقاؤك بجمهورك على مسرح دار الأوبرا؟

لقاء الجمهور في دار الأوبرا بكل سنة له طعمه الخاص والمميز، ودائماً أقول إن الوقوف على خشبة هذا المسرح يقلقني لأني أشعر بمسؤولية كبيرة اتجاه الجمهور الذي ينتظر سنوياً هذا الحفل، بالإضافة إلى الخصوصية التي يتمتع بها مسرح دار الأوبرا بسبب الأوقات الطويلة التي أمضيناها فيه خلال سنوات دراستنا، فبنى بداخلنا رهبة كبيرة اتجاهه، مع احترامي طبعاً لكل المسارح الأخرى.

• شهد الحفل إطلاق أغنيتك الجديدة «عم بحلم» من ألحان الموسيقار سمير كويفاتي وهذا أول لحن يقدمه بعد رحيل الفنانة ميادة بسيليس، فهل حمّلك ذلك مسؤولية جديدة؟

أتشرف بثقة الأستاذ سمير كويفاتي وبأنني قدمت أغنية من ألحانه ولفرحتي الكبيرة بها غنيتها مباشرة في الحفل قبل أن أقوم بتسجيلها، وهذا التعاون شرف كبير لي فالأستاذ سمير والفنانة الراحلة ميادة يمثلان تاريخاً فنياً كبيراً وعريقاً في الأغنية السورية سيبقى حياً في قلوب السوريين بأغنياتهم وبكل ما قدموه.

• كيف تختارين أغانيك الخاصة وما أهم الأمور التي تجذبك لأدائها؟

في الحقيقة الكلمة هي أول ما يجذبني لاختيار أغنياتي الخاصة، فإذا لم أحب الكلمة فمن المستحيل أن أؤدي الأغنية فهي أول وأهم الأشياء التي تعطي قيمة للأغنية، ومن ثم أنتقل إلى اللحن والتوزيع. لكن دائماً ما تلفت نظري قصة وحكاية الأغنية وفكرتها وأنجذب للمغنين والمغنيات الذين يختارون أغانيهم بهذه الطريقة.

• قدمت أيضاً أغنية «موليا» من ألحان إلياس كرم والتي كانت أيضاً مفاجأة للجماهير، فحدثينا عن هذا التعاون؟

أغنية «موليا» تعاون جرى بيني وبين الأستاذ إلياس كرم منذ سنة تقريباً وأصدرتها منذ ستة أشهر، وتم هذا التعاون عن طريق صديق مشترك أسمعه أغنيتي «غزل الهوى» ووافق الأستاذ إلياس على منحي ألحانه، وكل مغنٍ سوري يتمنى التعامل مع هذه القامة الكبيرة التي قدمت الكثير للأغنية السورية وهو صوت عظيم جداً لا أستطيع تقييمه، وأجمل اللحظات كانت عندما سجلت هذه الأغنية وأُسعد جداً عندما أسمعها بصوته وأتمنى أن نراه قريباً على المسارح السورية.

• أحييت مؤخراً حفلاً في تونس حدثينا عن هذه التجربة وما الذي أضافته لك؟

حفل تونس كان إضافة مهمة لمسيرتي الفنية لكونه أقيم ضمن مهرجان مهم لاجتماع المبدعات حيث التقيت بأديبات من الوطن العربي واليونان وأحييت الحفلة الغنائية الوحيدة في هذا المهرجان، وبالتأكيد هذه التجربة أضافت لي الكثير بأنني غنيت أيضاً إلى جانب موسيقيين تونسيين فكانت حفلة جميلة عكست عراقة الجمهور التونسي الذي يحب سورية وشعبها وتراثها.

• هل هناك صعوبات في نمط الغناء الملتزم الذي اخترتيه؟ وما هي إن وجدت؟

أبرز الصعوبات هي شركات الإنتاج فمعظم الأغاني التي نصدرها تكون من إنتاجنا الشخصي بالتعاون مع أصدقاء من كتاب وملحنين وهذا الشيء صعب جداً لأننا نحب أن نطرح ألبومات وكمّاً من الأغنيات، لكن بالنهاية أنا اخترت هذا الخط والنمط الغنائي لذلك «صعوباته على قلبي أحلى من العسل».

• هل من الممكن أن تخرجي عن هذا النمط وتقدمي لوناً غنائياً جديداً؟

أحب التنويع في الأغاني التي أقدمها لكن من المستحيل أن أخرج عن هذا الخط الغنائي، كما أنني أغني العديد من الألوان لكن شرط أن تكون ضمن إطار مدروس وقريب من الناس.

• ما رأيك بالأغاني التي تشغل الساحة مؤخراً، ومن هي الفنانة أو الفنان الذي يعجبك ما يقدمه وتستمعين إليه؟

الساحة الغنائية اليوم تشغلها الكثير من الأغاني بعضها قيّم والبعض الآخر من الممكن أن يخلو من القيمة، وأنا أفضل أن نولي أهمية للأغاني التي تحمل الكلمة الأدبية والفكرة واللحن الجميلين، وبعيداً عن فناني العصر القديم الذين أحبهم جميعاً هناك عدد من الفنانات والفنانين الذين أستمع لهم وأحب أصواتهم، نتاجاتهم، واختياراتهم، منهم: حسين الجسمي، صابر الرباعي، وأنغام.

• هل من الممكن أن تؤدي «ديو» غنائي مع أحد الفنانين؟ ومن تختارين؟

من المؤكد أنني أحب تأدية «ديو» غنائي وليس مع فنان محدد فهناك الكثير من الأصوات التي أحبها من الوطن العربي وسورية لذلك لا أستطيع تسمية فنان معين.

• كيف تجدين واقع الأغنية والموسيقى السورية؟

من خلال تدريسي في المعهد أشاهد العديد من المواهب التي تستحق الدعم فسورية ولّادة للطاقات الكبيرة سواء على صعيد العازفين أم المغنيين أو المؤلفين والكتّاب فهذه المواهب حاضرة دائماً، وبلدنا مليء بطاقات الإبداع لذلك واقعنا الموسيقي والغنائي جيد جداً في حال وجدنا الطريقة الصحيحة للإضاءة عليه.

• أحييت مؤخراً حفل إطلاق مبادرة «دفانا» وسبق لك أن شاركت المايسترو طاهر مامللي بحفله الموجه لدعم مرضى سرطان الثدي، فكم هي مهمة هذه المشاركات الإنسانية بالنسبة لك؟ وكم هو ضروري أن يوظف الفن لخدمة القضايا الإنسانية؟

من الضروري أن يحمل كل فنان ملتزم جانباً إنسانياً في رسائله الفنية وأنا أجد أنه من واجبي الحضور في مثل هذه المبادرات لأن هذا الشيء يضيف لي الكثير ويجعلنا جميعاً متحدين لنواجه هذه الصعوبات التي تمر بها البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن