شؤون محلية

تحدي التدهور البيئي السوري

| ميشيل خياط

لعل بيان سورية في الاجتماعات الرفيعة المستوى في المؤتمر 27 حول التغير المناخي في شرم الشيخ بمصر العربية مؤخراً، إصرار على استعادة الوجه الحضاري الأصيل لسورية التي دمرها الإرهاب العالمي، وبات الحديث فيها عن البيئة السليمة، نكتة سمجة في نظر كثير من الموجوعين، من صعاب عامة وخاصة قاهرة.

وهذه ثاني مشاركة للمهندس حسين مخلوف وزير الإدارة المحلية والبيئة في محفل دولي بيئي للمطالبة بحق سورية في تعويضها عن خسائر بيئية فادحة لحقت بها، بسبب حرب ظالمة شنت عليها، فاقمت تأثرها بالتغيرات المناخية المعروفة التي تعصف بالعالم، كتراجع الهطلات المطرية، وارتفاع الحرارة واشتداد العواصف الغبارية، واتساع حرائق الغابات.

إن الهجمة الوحشية على سورية، دمرت محطتي معالجة مياه المجارير في دمشق وحلب، ومنعت إنجاز محطات جديدة في عدة محافظات سورية وفي الريف السوري الشاسع.

وفي وقت يجري فيه الحديث عن ارتفاع منسوب ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي للكرة الأرضية إلى 420 جزءاً من المليون الآن بالمقارنة مع 280 جزءاً قبل الثورة الصناعية الأولى في العام 1740، ما أدى إلى ازدياد حرارة الأرض 1.5 درجة عن معدلها قبل الثورة الصناعية، فإن ما يحدث في سورية بغطاء من الاحتلال الأميركي لمذهل، إذ يغض النظر عن عشرين ألف حراق لتكرير النفط يدوياً وعشوائياً في مناطق النفط السورية (الرقة ودير الزور والحسكة) ما يرفع نسب تلوث الهواء بثاني أوكسيد الكربون إلى أرقام فلكية، إلى جانب أن هذا الاحتلال دمر منظومة استخلاص السموم من المياه المرافقة للنفط، وأطلق مجدداً أنهار السموم القاتلة للحيوانات التي تشرب منها، والحارقة للتربة الزراعية والملوثة لها إشعاعيا، فهو لا يكترث إلا بضخ النفط وتعبئة الصهاريج وسرقتها، إذ يسرق كل شهر نفطا بخمسين مليون دولار.

إن الاحتلال الأميركي لأجزاء واسعة من محافظتي الحسكة ودير الزور، أوقف مشروعات زراعة الكثبان الرملية والنباتات المقاومة للجفاف والحرارة العالية، ما أجج العواصف الغبارية الضارة صحياً لكل الكائنات.

ويفاقم المحتل التركي حال التدهور البيئي بتقليص الكميات التي يمررها من مياه نهر الفرات وإيقاف ضخ مياه محطة علوك لمدد طويلة، تصل إلى مئة يوم أحياناً وقد قطع المياه منذ احتلاله المحطة وحتى الآن 32مرة، حارماً مليون إنسان في الحسكة من 60 ألف م٣ من المياه في اليوم ما يؤثر في الاستخدامات الأخرى للمياه ويفاقم تصحر المحافظة، ولاسيما في ظل انحباس الأمطار وعدم امتلاء سدي الحسكة الغربي والشرقي، وجفاف نهر الخابور وتلوث نهر الجغجغ القادم من أراض تحتلها تركيا بنسبة كبيرة بالملوثات الفيروسية والكيميائية.

كما أن الاحتلال الأميركي ومن خلال عملائه في محافظة الحسكة أوقف مشروع استفادة سورية من مياه نهر دجلة، بعد إنجاز سد الحماية لمحطة الضخ لمئة متر مكعب من المياه في الثانية لإرواء 200 ألف هكتار من أراضي المحافظة بمليار و250مليون متر مكعب من المياه العذبة وكان من المتوقع الاستفادة من 125مليون متر مكعب من هذه المياه (وهي من حق سورية لأن دجلة يجتاز 50كم داخل الأراضي السورية).

وبفعل الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري، يسرق العدو أكثر من ثمانين بالمئة من مياه الجولان ويقلع أشجار الزيتون ويحرم الأهالي من التوسع في الزراعة.

وهذا غيض من فيض، حال سورية مع البيئة التي يظنها بعضهم مجرد نفايات ونظافة علما أن البيئة هي:كل ما يحيط بالإنسان من ماء وهواء ويابسة وفضاء خارجي.

ولعل سورية التي وقعت اتفاقية باريس للمناخ من حقها أن تستفيد من تمويل نصت عليه الاتفاقية لتوزيع (100 مليار دولار سنوياً)على مشروعات تصحح الواقع البيئي، ومن الحكمة أنها تتابع على الرغم من أوجاعها، للإصرار على تنفيذ هذا القرار والاستفادة منه عندما يعمل به، وهو القلب النابض لاتفاقية المناخ العالمية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن