قضايا وآراء

فشل بارزاني في جلسة «حفظ السيادة»

| أحمد ضيف الله

أعلن بيان صادر عن رئاسة إقليم كردستان في الـ23 من تشرين الثاني 2022، أن رئيس إقليم كردستان نیجیرفان بارزاني «قطع زيارته في بغداد، للمشاركة في عزاء أهالي محافظة دهوك»، ملغياً بذلك برنامج اليوم الثاني لزيارته إلى بغداد التي بدأت في الـ22 من تشرين الثاني 2022، واجتماعاته مع القوى والأطراف السياسية العراقية! وكان انفجار للغاز قد وقع في مبنى لسكن الطلاب في دهوك ليلة الـ21 من تشرين الثاني الجاري.

لقاءات رئيس إقليم كردستان مع رؤساء الجمهورية والوزراء ومجلس القضاء الأعلى، وبعض القادة السياسيين في اليوم الأول لزيارته بغداد، انتهت بصدور بيانات عامة، متضمنة التأكيد على «التعاون لحفظ سيادة العراق ورفض الانتهاكات المتكررة، والعمل على منع استخدام الأراضي العراقية منطلقاً للاعتداء على أي دولة من دول الجوار».

في الـ21 من تشرين الثاني 2022، اعتبرت الخارجية العراقية، أن «الهجمات المُتكررة التي تنفذها القوات الإيرانية والتركيَّة بالصواريخ والطائرات المسيرة على إقليم كردستان، تعدُّ خرقاً لسيادة العراق»، مشيرة إلى أن «الحكومة العراقيَّة تؤَكِّدُ على ألا تكونَ أراضي العراق، مقراً أو ممراً لإلحاق الضررِ والأذى بأي من دول الجوار»، رافضة أن «يكونَ العراق ساحةً للصراعات وتصفية الحسابات لأطراف خارجيَّة».

كذلك اعتبر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال مؤتمره الأسبوعي في الـ22 من تشرين الثاني 2022، أن «أي اعتداء على الأراضي العراقية، سواء كان إيرانياً أم تركياً، مرفوض رفضاً قاطعاً من الحكومة».

مجلس النواب العراقي عقد جلسة مغلقة في الـ22 من تشرين الثاني 2022، تحت عنوان «حفظ السيادة»، بناء على طلب من نواب الحزب الديمقراطي الكردستاني، لمناقشة تداعيات القصف الجوي والمدفعي الإيراني والتركي لمناطق متفرقة من إقليم كردستان، من دون أن يصدر أي بيان بهذا الشأن، مع أن معظم القوى الشيعية والسنّية والكردية والتركمانية والمستقلّة، رفضت واستنكرت القصف، ودعت إلى عدم السماح لأي جهة معارِضة بالانطلاق من الأراضي العراقية، أو اعتبار العراق ممرّاً للتجاوز على دول الجوار الإقليمي.

المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي برئاسة محمد شياع السوداني رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، قرر في اجتماع له في الـ23 من تشرين الثاني 2022، «وضع خطة لإعادة نشر قوات الحدود العراقية لمسك الخط الصفري على طول الحدود مع إيران وتركيا».

القرار المتخذ من الصعب تنفيذه على المدى المنظور، فالمناطق الحدودية التركية والإيرانية تخضع لسيطرة قوات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان، المرتبطة بوزارة الدفاع العراقية إدارياً فقط.

إخفاق وفشل الحزب الديمقراطي الكردستاني في الحصول على إدانة من المجلس النيابي للقصف الإيراني لمواقع الأحزاب الكردية الإيرانية التي تنطلق عملياتها العسكرية من الإقليم، كانت السبب الرئيس وراء إلغاء نیجیرفان بارزاني برنامج اليوم الثاني لزيارته إلى بغداد، بعد أن رفضت القوى النيابية في المجلس، الانجرار وراء دعوات نواب الحزب لنصْب منظومات دفاع جوّي في الإقليم التي عُدت استكمالاً لمشروع تطويق ومراقبة إيران الذي كانت قد بدأته الإمارات والبحرين بنصب رادارات وأنظمة دفاع جوي إسرائيلية على أراضيهما!

دخول الحزب الديمقراطي الكردستاني على خطّ التظاهرات التي تشهدها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يمثّل حلقة من جهود منسّقة مع أميركا وإسرائيل والسعودية في دعم هذه التظاهرات وتسليحها بهدف تعميم الفوضى عن طريق الأحزاب الكردية الإيرانية المسلّحة الموجودة داخل الإقليم، وخاصة أن تلك الدول، بات لها خبرة مميزة بهذا المجال، تشهد عليه غرف «الموك – Military Operations Centre» التي تشكلت أواخر عام 2013 بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا والأردن وإسرائيل وبعض الدول الخليجية، التي أدارت ونسقت العمليات العسكرية لـ«الجيش الحر والثوار» في درعا والقنيطرة وريفي دمشق وحلب الشمالي في مواجهة الدولة السورية ومؤسساتها الشرعية.

البارزانيون غالباً ما كانوا يختارون ظروفاً، يعتقدون أنها مُؤاتية لتحقيق طموحاتهم، كاستفتاء الانفصال عن العراق في الـ25 من أيلول 2017، مستغلين انشغال الجيش العراقي بمحاربة تنظيم داعش، وفي استغلال ظرف الضغط على الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدفعها إلى تقديم التنازلات بشأن ملفها النووي، بالترويج للعنف والإرهاب، والانخراط مع أميركا وإسرائيل والسعودية في تأجيج القلاقل بالمناطق الكردية الإيرانية الحدودية، وفي بعض مدن محافظة سيستان البلوشية ذات الأغلبية السنيّة، لعله يخدم طموحاتهم الانفصالية عن العراق.

مساعي نواب البارزاني فشلت في استثمار أي قرار نيابي أو حكومي لتكريس سيطرة آل بارزاني على إقليم كردستان، والتفرد بحُكمه، وسرعان ما ارتدت عليهم، بقرار نشر القوّات العراقية على الحدود مع إيران وتركيا، الذي سيؤدي، إذا سُهل تنفيذه، إلى ضبط الحدود والمنافذ الحدودية المدارة من حكومة الإقليم، وفي وضع حد لسرقة مقدرات الشعب السوري النفطية والزراعية من جيش الاحتلال الأميركي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن