اقتصادالأخبار البارزة

في المؤتمر الوطني للجودة … وزير الصناعة لـ«الوطن»: مفهوم الجودة ليس شعاراً بل ضرورة والتميز أشمل من الجودة

| هناء غانم

قال وزير الصناعة زياد صباغ إن مفهوم الجودة لم يعد مجرد شعار نردده بل أصبح ضرورة لاسيما بعد الحرب التي أدت إلى تراجع مفاهيم الجودة لدى المنشآت العامة والخاصة الأمر الذي يقتضي إعادة نشر مفهوم الجودة في مختلف القطاعات للنهوض بالاقتصاد.

حديثه هذا جاء خلال المؤتمر الوطني للجودة ودورها في دعم الاقتصاد الوطني الذي عقد أمس ودعا في حديثه لـ«الوطن» إلى ضرورة التقيد بالمواصفات القياسية السورية في كل المنشآت للحصول على منتج جيد وبموصفات عالمية ويحقق رغبات المستهلك، لافتاُ إلى أنه إذا كانت منتجات الشركة تستطيع المنافسة في مجال الجودة، فهذا يعني أن هذه المنتجات أصبحت قادرة أيضاً على المنافسة في الأسواق الدولية، مشيراً إلى أنه صدر العديد من القوانين والتشريعات التي تضبط الرقابة على السلع والمنتجات الصناعية، وأوكلت هذه المهام إلى عدة وزارات للتحقق من جودة المنتجات والسلع المصنعة والمستوردة والمصدرة بهدف حماية المستهلك وسلامته بالدرجة الأولى، لكن ذلك غير كاف إن لم يكن هناك اهتمام بدعم وتطوير البنى التحتية المتعلقة بالقياس والمعايرة والمواصفات والتحليل والاختبار، ذلك أن الجودة ليست خياراً إستراتيجياً فحسب، بل هي ضرورة وطنية ملحة لتحقيق الاستدامة وتعزيز المنافسة.

الصناعة القوية مرتبطة بالمعايرة

وأشار صباغ خلال المؤتمر إلى أن الصناعة القوية والمتطورة في أي بلد من العالم تعتمد على تطوير الأنشطة المتعلقة بالمقايسة والمعايرة والمواصفات والاختبارات والتحاليل والجودة من جهة، وإلى تطبيق أنظمة إدارة الجودة الحديثة، المعمول بها اليوم في العالم من جهة أخرى، مشيراً إلى أن التطور الصناعي يتطلب في الوقت الحاضر الاهتمام بكل الدعائم التي ترتكز عليها الجودة، وهي المواصفات والمقايسة القانونية والصناعية ومعايرة أجهزة القياس والاختبار والتحليل وأنظمة إدارة الجودة والمطابقة (شهادة المطابقة للمنتج أو لنظام إدارة الجودة) والاعتماد (الاعتراف المتبادل بأنظمة إدارة الجودة بين المنشآت أو المخابر) وأن الاهتمام بهذه الأنشطة مجتمعة من شأنه أن يرفع الاستطاعة التكنولوجية، ويحسن الإنتاجية ويعزز القدرة على المنافسة في الأسواق الداخلية والخارجية ويرفع مستوى حياة الناس. لقد أصبح لتوفير البنى التحتية الداعمة للجودة أهميته الكبيرة في الوقت الحاضر لتحقيق جودة المنتج ولإزالة العوائق الفنية التي تحول دون دخوله الأسواق الخارجية. ذلك لأن الدول تضع ضمن أولوياتها في الاستيراد، الصحة والسلامة وحماية البيئة وتتطلب تحقيق شروط فنية فيما يتعلق بالمواصفات والاختبارات وغيرها.

التميز أشمل من الجودة

ولفت إلى أن وزارة الصناعة عملت على ترسيخ مبادئ الجودة عبر الجهات التابعة لها كهيئة المواصفات والمقاييس السورية التي تأسست عام 1969، وتمتلك عدداً جيداً من الخبرات والإمكانات في وضع المواصفات القياسية وإعداد دليل إجراءات لاختيار مستشاري نظام الجودة والاستفادة من خدماتهم، إضافة لمركز تطوير الإدارة والإنتاجية الذي يقوم بعدد من الدورات المختصة في مجال تدريب وتأهيل كوادر مختصة كاستشاريين في مجال الجودة الشاملة إضافة إلى منح شهادات مطابقة بالتعاون مع منظمات دولية لجهات القطاع الصناعي مثل شركة كابلات دمشق- تاميكو، وأن تحقيق أهداف الجودة يبدأ عندما نغير نظرتنا للجودة على أنها نظام قائم بذاته وينبغي النظر للجودة على أنها عنصر واحد ضمن عدة عناصر مؤثرة أخرى في عملية متكاملة لتحقيق منظومة التميز المستدام. والتميز مفهوم أشمل من الجودة؛ فعندما نسعى لتحقيق الجودة فإننا نتقيد بمجموعة محددة من المعايير والمواصفات التي تضعها الجهات المشرعة. في حين مفهوم التميز يذهب إلى ما هو أبعد من مجرد التقيد بالإجراءات والمعايير، ويهدف لإنجاز الأهداف الصعبة والطموحة والجريئة التي نضعها لأنفسنا ولمؤسساتنا؛ ولذلك كانت عبر التاريخ صفة ملازمة للأفراد والمؤسسات والدول الناجحة ذات القدرة التنافسية العالية والمستدامة مع متغيرات الزمان والمكان. فإذا كانت الجودة تعني أننا جيدون بما فيه الكفاية، فإن التميز يعني ألا نكتفي بذلك، وأن نسعى باستمرار لتخطي سقف التوقعات.

وأضاف: علينا العمل وفق عناصر منظومة التميز المستمر، بدءاً من عنصر الجودة النوعية من حيث التقيد بالمواصفات والمقاييس، وانتقالاً إلى بناء القدرات المؤسسية وأقصد بها الموارد البشرية، والتطوير التقني والابتكار. وهذا العنصر من أهم عناصر التنافسية، خاصة أن العالم يعيش عصر المعرفة، الذي يعتمد بشكل أقل على الموارد الطبيعية، وبشكل أكبر على الطاقات العقلية والتقنية والابتكارية. وبشكل عام، تحتاج المؤسسات الحكومية والخاصة على حد سواء إلى مضاعفة الاستثمار في هذا المجال.

إدارة الجودة في قطاع المصارف

كما ناقش المؤتمر العديد من الموضوعات التي تتعلق بإدارة الجودة في المؤسسات التعليمية وفي قطاع الصناعة البنكية وغيرها من الموضوعات.. وعن إدارة الجودة في قطاع المصارف أوضح لـ«الوطن» الخبير بإدارة المخاطر الدكتور ماهر سنجر كيفية توجيه المصارف إلى الاستفادة من نظم الجودة لتطوير خدماتها، لافتاً إلى أن كل المصارف اليوم تقدم خدمات ويمكن أن تصل إلى السوق من خلال التنظيم من المصارف المركزية لكن هذا غير كاف ليكون المصرف متميزاً، والتميز- حسب الخبير– لا يكون بكبر حجم المصرف أو العمليات المصرفية الموجودة فيه لأن هناك اختلافاً بين التميز والتواجد بالأسواق لأنه يمكن لأي مصرف أن يتواجد بالسوق لكن ليس أي مصرف يمكن أن يحافظ على استمراريته ويضمن رضا العملاء، الذي هو مفهوم قديم والأهم يجب أن نتحدث ما بعد ذلك من خلال دمج الابتكار والاستفادة من عصر التحول الرقمي ودمج نظم الجودة للنهوض بالصناعة المصرفية.

الجودة تقيم من العميل

وأضاف: إن الجودة لا تقيم من وجهة نظر المصارف فقـــط وإنمــا من وجهة نظر العميل لأن هناك فرقاً بين استلام الخدمة وتقييمها من العميل، لافتاً إلى أن هناك فجوة بــين توقعات المصرف والعميل وفجوة أخرى بين تصميم الخدمة التي يعتقد المصرف أنها تناسب العميـــل وبين ما يستلمه والفجوة أيضاً بين تعامل الكوادر المصرفية وبين العميل وبناء علاقة جيدة معه، مبينــاً أنــه قد تكـــون الظــروف اليــوم هي التــي حالت دون تطبيــق نظــم الجــودة بشكل كامل من المصارف لكن يجب أن نبدأ بتطبيق ذلك فوراً ولو بشكل تدريجي.

توجيه الطاقات الكامنة

ومن مركز الدراسات والبحوث العلمية قال د. مصطفى الأغبر: إن البنية التحتية للجودة أمر مهم في تفعيل منظومة الإبداع والتطوير والإنتاج لكن علينا معرفة كيفية الاستفادة من المكونات الموجودة وكيف يمكن بطريقة أو أخرى استغلال ما هو متوفر وإضافة النواقص للوصول إلى بنية تحتية للجودة تحقق كل المتطلبات التي تتعلق بالتنمية الاقتصادية من ناحية والصحة والسلامة والبيئة، وبالوقت نفسه نكون قادرين على مواجهة المنافسة الموجودة في الأسواق التي نطمح الدخول إليها وبالتالي الأمر ينطبق أيضاً على توجيه الطاقات الكامنة للاستفادة منها سواء على الصعيد العربي أم العالمي سعياً إلى تطوير البنية التحتية للجودة في سورية، وسيم غبرا أمين سر الجمعية العلمية السورية للجودة قال: إن المؤتمر تناول ثلاثة محاور أولها القطاع الصناعي ومن ثم القطاع التعليمي وصولاً إلى القطاع المصرفي، مبيناً الحاجة الماسة اليوم لهذه الأمور في ظل إعادة الإعمار لما فيه المصلحة العامة، مبيناً أن الجودة ترتبط بكل المجالات وليست حكراً على السلع بل الجودة في المصارف والتعليم وغيرهما. وأضاف: إن العالم يتجه اليوم إلى اقتصاد المعرفة الذي يجب أن نتجه إليه في سورية باعتباره ضرورة حتمية والانتقال من الاقتصاد المبني على المواد الطبيعية إلى الاقتصاد القائم على الإبداع والمعرفة يعزز القدرات التنافسية التي تساهم بالنهوض الاقتصادي.

ربط الجودة بالمسؤولية المجتمعية

وفي سياق متصل تحدث عمر هندي مدير العمليات في مصرف الإبداع والتمويل عن أهمية الارتباط بين جودة الخدمة والمسؤولية المجتمعية وكيفية تحقيق المسؤولية المجتمعية من خلال المصارف وخاصة أنه كان الاتجاه العام سابقاً للمصارف هو الربحيــة لكــن حالياً يتم الربط بين الشق الربحي والمسؤولية المجتمعية للوصول إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال الحد من الفقر وتأمين فرص للعمل وإيجاد بدائل على مستوى الطاقة. وبين أن مشاركة مصرف الإبداع للتمويل الأصغر في هذا المؤتمر تهدف إلى دعم نشر ثقافــة الجودة وتعزيزها في القطاعات الإنتاجية والخدمية، لافتاً إلى دعم المصرف لكل من لديه فكرة مشروع ريادي وإن لــم تتوفــر فكــرة مشروع يكون المصرف حلقة ما بين التمويل والتدريب وتقديم الاستشارات.

مع الإشارة إلى أن المصرف كان جزءاً من الاتفاقية التي وقعت بين المصارف وصندوق دعم الطاقات المتجددة حيث يقدم المصرف دعم الفائدة على قروض مشاريع الطاقات المتجددة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن