ثقافة وفن

كلام الوزير.. أي وزير

د. اسكندر لوقا

 

أنا واثق بأني لست الوحيد بين القراء الذين يرتاحون لتتبع ما يكتب بقلم وزير، أي وزير في الركن المخصص عادة لافتتاحيات رئيس التحرير أو أي مسؤول آخر في الصحيفة التي يعمل فيها، ثم إن افتتاحية يكتبها وزير مختص بالشأن الخدمي تحديداً، تجعل القارئ يمضي يومه مطمئناً إلى أن وطنه بخير ما دام الوزير قد غادر مكتبه، وبمعنى آخر، نزل بين الناس يحدثهم عن شؤونهم.
بمثل هذا الشعور، والقناعة، قرأت افتتاحية بقلم وزير الكهرباء الأستاذ المهندس عماد خميس يوم الخميس الماضي في صحيفة البعث، يحدثنا عما تعانيه سورية بسبب الاعتداءات المبرمجة على مرافق الانتاج في مختلف المحافظات، ومقابل ذلك مساعي الدولة لبناء ما تهدم من بنى تحتية ومنشآت اقتصادية على مدى سنوات الأزمة التي نمر بها.
وبغض النظر عن ترميم البعض من تلك البنى والمنشآت ومرافق الإنتاج، فضلاً عن مرافق التعليم المتعددة، بغض النظر عن النتائج التي توصل إليها الوزير الذي أوضح ما عانته وزارته تحديداً من خسائر فادحة ومحاولات استعادة عافيتها، فإن مجرد أن يتحدث الوزير المختص صراحة عن المشكلة التي تعاني منها وزارته، يشكل عامل طمأنينة بأن الوزير، أياً كانت صفته، قرر أن يعلم الناس بما يفعل أو يسعى إلى فعله، لا بما يفكر فقط.
هذه المهمة، كانت دوماً متضمنة، مباشرة أو غير مباشرة، في كل كلمة توجيهية لرئيس البلد عقب تشكيل الوزارة والاستماع إلى كلمات التوجيه منذ بدايات الحركة التصحيحية، ويريح المواطن، في أوقات الأزمة، على غرار الأزمة التي يشهد خلالها أبناء بلدنا حرباً شنت عليه من قبل أعداء الحضارات والتطور والارتقاء، يريحه أن يطلع على كلام الوزير المختص مقروءاً قابلاً للحفظ والعودة إليه، لا أن يكتفي بالاستماع إليه لفترة سرعان ما تنقضي مع انتقال معد المقابلة من برنامج إلى آخر.
القارئ يتفاءل أن ثمة من لا يكتفي بالتفكير بل بالفعل والدليل عدم الاكتفاء بالتوقيع على الأوامر والقرارات فحسب بل التوقيع على ما سيكون مسؤولاً عنه في أي وقت، قديماً كان يقال كلام الملوك ملوك الكلام، اليوم نحن في زمن اختبار كلام الوزراء، أي وزير كان، خارج وزارته لا داخلها في كل الأوقات حتى لا تتراكم تبعات الأخطاء على أرض الواقع.
يقول رابندرانات طاغور «1861- 1941»: «إذا أنت أقفلت الباب أمام كل الأخطاء فسوف تبقى الحقيقة في الخارج» والمثال واضح.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن