قضايا وآراء

حكومة نتنياهو السادسة ومصيرها المماثل لحكومة شارون

| تحسين حلبي

ربما لا يعرف البعض أن جميع البرامج والخطط السياسية التي تعدها حكومات الكيان الإسرائيلي المتعاقبة منذ عام 1948 حتى الآن تستند إلى ما تطلق عليه «الخطوط الأساسية الارتكازية» وتتعهد بموجبها كل حكومة ائتلافية يجري تشكيلها من بين الأحزاب، بالالتزام بهذه الخطوط بنص واضح في مقدمة برنامجها الشامل السياسي لعرضه على البرلمان «الكنيست» للتصويت عليه وتنفيذه، ومن بين هذه الخطوط بموجب ما ينشر في الأوراق الرسمية لموقع الكنيست بالعبرية:

البند رقم 1- «إن للشعب اليهودي وحده، الحق الثابت على كل أرجاء أرض إسرائيل»، وبهذا الشكل لا يضع هذا البند تعريفاً لحدود ما يسمى بـ«أرض إسرائيل» لأن المشروع الصهيوني- الغربي الاستعماري لم يحقق أصحابه استكماله بعد.

وبالتوافق مع هذا البند وضعت حكومات الكيان الإسرائيلي بنداً آخر تحت عنوان: «الخطوط الأساسية» يتعلق «بعملية التسوية السلمية» يقول نصه: «تعمل الحكومة على تحقيق تقدم في العملية السلمية مع الدول المجاورة شريطة المحافظة على مصالح إسرائيل الأمنية والتاريخية والقومية».

في هذا البند تظهر عبارة المصلحة «التاريخية» فيجري ربطها بالبند الأول الذي يقول «أرض إسرائيل لليهود وحدهم»، ولذلك لن تحمل حكومة بنيامين نتنياهو إلا هذه الخطوط سواء أكان فيها وزراء من أمثال ايتامار بن غافير أو بتسليئيل سمورتيتش اللذين يوصفان بالمتشددين – المتطرفين أو بوزراء من أمثال يوسي بيلين أم شمعون بيريس اللذين يوصفان بالمعتدلين، فلا فرق بين هذين النوعين من السياسيين الإسرائيليين بالاستناد إلى هذه الخطوط الارتكازية لكل برامج حكومات الكيان الإسرائيلي، لكن الفرق في واقع الأمر يقع بين من يميل إلى التصريح علناً عن أهدافه النهائية وإستراتيجية تحقيقها وبين من يميل إلى السير نحو تحقيقها من دون وضعها في واجهة علنية علماً أن الاتجاهين نفذا خلال 74 عاماً الخطط نفسها عملياً لتحقيق هذا الهدف النهائي طرق القتل والمذابح نفسها ضد الشعب الفلسطيني والاستيطان وتهجير أصحاب الوطن التاريخيين.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه بموجب هذه الخطوط: هل تمكن جيش الاحتلال والحركة الصهيونية وكل من يقدم الدعم الدولي لهما من تحقيق هدفهما؟

إن نظرة سريعة لسجل جدول عمل الحكومات الإسرائيلية ونتائجه منذ عدوان عام 1967 واحتلال بقية أراضي فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان السوري وسيناء تدل على الحقائق التالية:

1- إن جبهة الشمال الممتدة من جبهة جنوب لبنان إلى جبهة الجولان المحتل وامتدادها الإستراتيجي إلى طهران، أصبحت قوة إقليمية كبرى تضع لها الولايات المتحدة حسابات كثيرة وهذا ما يجعل إسرائيل تخاف من شن حرب شاملة عليها.

2- إن جبهة المقاومة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة أصبحت تضم سبعة ملايين فلسطيني ينتشرون من قطاع غزة حتى رأس الناقورة ويحاصرون حصارهم ويقاومون المحاصرين لهم من قوات الاحتلال. ونتنياهو رئيس الحكومة للمرة السادسة هذه المرة، وخلال 13 عاماً، لم يستطع تحقيق أي إنجاز في مهام جدول عمل خمس حكومات كان يرأسها، وهذه الجبهات الثلاث فلسطين وسورية ومعها جنوب لبنان وإيران تزايدت قوتها وقدراتها على مستوى اجمالي إقليمي وعلى مستوى كل جبهة وحدها من دون أن يجري في المقابل تزايد في القوة البشرية لجيش الاحتلال ولا في قدراته النوعية وخاصة في مجال الدفاع الجوي، فما زال عاجزاً عن حل معضلة سقوط نسبة مهمة من الصواريخ وقذائف المسيرات التي تطلقها المقاومة على مواقعه ومستوطناته

3- إن مهمة توسيع الاستيطان في الضفة الغربية أو ضم عدد من المستوطنات فيها إلى الكيان الإسرائيلي الذي نشأ عام 1948 سيجابهه الفلسطينيون بوحدة صف على مبدأ وشعار استعادة كل الحقوق الوطنية لشعب فلسطين وفي تحرير أراضي المستوطنات التي أنشئت على الضفة الغربية والتمسك باستعادة كل الحقوق في أراضي فلسطين المحتلة منذ عام 1948. وهذا جزء مما حدث حين قرر أريئيل شارون رئيس حزب الليكود ورئيس الحكومة سحب قواته ومواقعها من قطاع غزة عام 2005 ونزع 28 مستوطنة من أراضي القطاع وكان نتنياهو وزير مالية في حكومته ورأى هذه السابقة دليلاً على هزيمة سياسة توسيع الاستيطان واستعادة الأراضي، ولا أحد يستبعد إذا بقي رئيساً للحكومة أن يصبح ثاني رئيس حكومة بعد أستاذه شارون في نزع المستوطنات في الضفة الغربية.

4- إن الوضع الدولي منذ شباط 2022 وما يجري في أوكرانيا والمجابهة القائمة بأشكال مختلفة بين روسيا والصين وحلفائهما من جهة وبين الولايات المتحدة، لن تحمل نتائج المواجهة العالمية فيه مصلحة لإسرائيل بل مصلحة تخدم تحقيق أهداف محور المقاومة وشعوبه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن