ثقافة وفن

الكوميديا السورية لم تحقق الأهداف المرجوة منها لعام 2022… وهل الجمهور بات يقارنها مع كوميديا الماضي؟ … رشاد كوكش لـ«الوطن»: المقارنة دوماً بها ظلم…. والكوميديا بحاجة لكتّاب خفيفي الظل

| هلا شكنتنا

أن تقدم عملاً درامياً ناجحاً ليس بالأمر السهل لأن من المفترض أن يكون هنالك ركائز أساسية يجب اعتمادها من فريق العمل ككل لإيصال العمل للمتابع بالشكل المطلوب وخاصة خلال الموسم الرمضاني الذي تكون ساحته ممتلئة بالأعمال والحكايات وكل منهم يسعى للنجاح والتميز، وعندما نريد أن نتحدث عن الأعمال الكوميدية بشكل خاص يجب أن نعلم جيداً بأن هذه الأعمال تتطلب جهداً أكثر وخبرة أكبر وكتّاباً وممثلين وممثلات مخضرمين قادرين على إيصال اللحظة أو الموقف الكوميدي إلى المتابع من دون تكلف أو تصنع.

أعمال الكوميديا السورية تألقت لسنوات عدة وتراجعت في الحرب

لا شك أن أعمال الكوميديا السورية تعد واحدة من أنجح الأعمال التي قدمت خلال عدة سنوات ولاقت نجاحاً واسعاً عند المتلقي، لكن مع حدوث الحرب في سورية وتوتر الجو العام في البلاد باتت هذه الأعمال بالتراجع حيث لم يعد لها مكان مناسب، كما اعتمدت شركات الإنتاج على أعمال درامية تحاكي الواقع المعيش خلال السنوات الماضية لكي تكون قريبة من المتابع وتتكلم بلسانه وتنقل واقعه.

2022 حملت معها أعمالاً كوميدية متنوعة…. فهل نجحت؟

لكن في عام 2022 كان الأمر مختلفاً حيث ضجت الساحة الفنية السورية بخبر عودة الكوميديا السورية للشاشات من جديد، وباتت الوعود من صناعها بأنها سوف تكون كوميديا مختلفة وخفيفة الظل على قلوب الجميع، ومن أول الأعمال التي تغنى بها صنّاعها هو عمل «حوازيق» من إخراج «رشاد كوكش» وبطولة «سلمى المصري، وائل رمضان، فاتح سلمان» وغيرهم، حيث قدم العمل قصة سيدة تملك فندقاً وتعيش فيه مع أولادها وتقوم بتأجير بعض غرفه للزوار بسبب صعوبة الظروف الاقتصادية الصعبة، وفي الحقيقة عندما عرض كان الجميع متحمساً له لكونه يضم نخبة من نجوم الدراما السورية الذين حلوا عليه كضيوف، لكن للأسف كانت النتائج مخيبة للأعمال لأن الوتيرة الكوميدية ضمن العمل كانت متفاوتة وخاصة أن بعض الحلقات لم تستطع أن تقدم لحظة كوميدية عفوية بل كانت متصنعة بعض الشيء وفق ما تم تصنيفه من الجمهور.

بقعة ضوء بجزئه الخامس عشر لم يحقق المطلوب

لم يكن «حوازيق» هو العمل الوحيد الذي لم يحقق النجاح المطلوب، فلم يستطع الجزء الخامس عشر من سلسلة «بقعة ضوء» الكوميدية الساخرة أن تحقق ذات النجاح الذي حققته الأجزاء السابقة من العمل، وقد رأى الجمهور بأن العمل فقد بساطته وتميزه وعفويته بعد غياب معظم أبطاله وكتابه ومخرجيه الذين عملوا على صناعته في أجزائه الأولى.

الفرسان الثلاثة هل ظلمه توقيت عرضه أم افتقد العنصر الكوميدي؟

أما العمل الثالث فهو «الفرسان الثلاثة» من تأليف «محمود الجعفوري»، وإخراج «علي المؤذن»، وتدور أحداثه حول 3 رجال تجاوزوا سن الـ50 ويحاولون مواجهة الفساد الوظيفي وتأمين قوت يومهم بطرق مختلفة، وهو من بطولة «أيمن زيدان وجمال العلي وجرجس جبارة وشكران مرتجى»، وأيضاً العمل لم يستطع أن يكسب محبة الجمهور لكن ليس بسبب قصته فقط وإنما هذه المرة بسبب قلة الترويج له وسوء وقت عرضه حسب ما تحدث أبطاله عبر حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، أما بالنسبة لرأي الجمهور فقد أكد البعض بأن العمل لم يقدم حكاية جديدة ويفتقد عنصر الكوميديا.

تساؤلات حول الكوميديا السورية وحالها وصعوباتها!!

ومن خلال متابعتنا لردود أفعال الجماهير نرى بأن الأعمال الكوميدية كانت الأكثر انتقاداً خلال الموسم الرمضاني لعام 2022، وهذا الأمر جعلنا نطرح عدة تساؤلات حول أسباب عدم نجاح الأعمال الكوميدية، وما الصعوبات التي تواجه هذه الكوميديا؟».

رأي مهني للمخرج «رشاد كوكش»

وللتأكد من جهة مهنية حول سبب عدم نجاح الأعمال الكوميدية لعام 2022، تواصلت «الوطن» مع المخرج «رشاد كوكش» الذي تولى إخراج مسلسل «حوزايق» خلال الموسم الرمضاني الماضي، حيث أشار المخرج السوري إلى سبب عدم نجاح الأعمال الكوميدية، قائلاً: «يوجد هناك شيء اسمه المزاج العام الذي يلعب دوراً في نجاح عمل أو عدم نجاحه وهو ما لا نتقبله نحن كفنانين في سورية، لأننا على الفور نصدر أحكاماً على المؤلف أو المخرج أو المنتج، لكن في أوروبا وأميركا الأمر مختلف فهم يعلمون تماماً لماذا هذا الفيلم أو المسلسل لم يحصد النتائج المرجوة منه، وسأطرح لك مثالاً عن فيلم أميركي يحمل اسم «كريزي كات» حيث كانت تكلفته مئة مليون دولار وهو واحد من أعلى الأفلام تكلفة قبل عرضه للجمهور، حيث عملت الشركة المنتجة استبيان رأي لمجموعة عشوائية من الجمهور وهذا ما يفعلونه قبل طرح أفلام مهمة تكلفتها المالية مرتفعة، وعندما رأت هذه المجموعة الفيلم ولم تبد أي حماس اتجاهه فقررت عدم عرضه، وبالفعل هذا ما حصل».

المزاج العام للمتابع السوري لم يكن متقبلاً للكوميديا

وبالرجوع للحديث عن مزاج المشاهد أكد المخرج رشاد كوكش قائلاً: «نعود للمزاج العام في سورية من عام وحتى الآن ونتيجة للظروف المحيطة نقول هل الجو مناسب للكوميديا؟ باعتقادي لا، وهذا ما عرفناه متأخرين، لأن المزاج كان باتجاه أعمال مثل «كسر عضم» و«ومع وقف التفيذ».

أعمال الأبيض والأسود الكوميدية نشاهدها فقط للحنين وليس للضحك

أما عن رأيه بمقولة أن عدم نجاح العمل الكوميدي اليوم يأتي نتيجة مقارنة الجمهور لأعمال هذا العام مع أعمال كوميدية قدمت قبل سنوات طويلة، أوضح كوكش قائلاً: «المقارنة دوماً فيها ظلم للأعمال القديمة والحديثة على حد سواء، وكل عمل ناجح أو لم يلق القبول الذي طمح إليه صنّاعه لا يعني أن نضعه على قوس المحاكمة لنهلل له أو لإدانته، وسوف أطرح لك مثالاً: أنا عندما أشاهد اليوتيوب وخاصة أعمال الأبيض والأسود لرواد الكوميديا مثل «دريد لحام ونهاد قلعي ومحمود جبر وياسين بقوش وأبو عنتر وعبد اللطيف فتحي» مع حفظ الألقاب للجميع، لكن هذه الأعمال التي كانت تجعلنا نضحك حتى وجميع من يوجد في الحارات يستمع لأصوات ضحكاتنا في ذلك الوقت، لكن الآن نشاهدها لأنها تجعلنا نشعر بنوع من الحنين للماضي، أما الآن فلم تعد قادرة على إضحاكي كالسابق وحتى مرايا وبقعة ضوء كذلك الأمر كل عمل حمل معه نجاحه بوقته وبظروف عرضه، لنرى بعد عقد من الزمن كيف سيكون رأينا نحن أو رأي المشاهدين بعمل كوميدي هل سيبقى على حاله؟».

النص هو الأهم بالعمل الكوميدي

أما عن الصعوبات التي تعترض الأعمال الكوميدية السورية، أوضح المخرج السوري قائلاً: النصوص، هي الأهم بأي عمل سواء كان كوميدياً أم درامياً أو ميلودرامياً، وبالذات الأعمال الكوميدية بحاجة إلى كُتاب خفيفي الظل بالحياة قبل الكتابة، قادرين على التقاط المفارقة الضاحكة من الشارع ومن الناس قبل غيرهم وصياغتها بقالب كوميدي وهذا يحتاج إلى حرفية عالية».

يجب أن يكون الجو العام ملائماً للكوميديا لتستعيد تألقها

وفي نهاية حديثنا مع المخرج «رشاد كوكش» وعن توقعاته إذا كانت الكوميديا السورية قادرة على استعادة ألقها من جديد، أكد المخرج قائلاً: دائماً توجد إمكانية ولمَ لا! وعندما يتوافر كاتب كوميدي وممثلون لهم باع بالكوميديا ومخرج متمكن من عمله وجهة منتجه قادرة على المساهمة في ترجمة الورق إلى صورة وصوت ومؤثر صوتي، سيكون لدينا أعمال جميلة، لكنني بشرط وأعيدها بشرط مع ما ذكرت، أذكر بأن الجو العام يجب أن يكون جاهزاً لتلقي أي عمل كوميدي».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن