قضايا وآراء

صراع الحزبين الكرديين لم ينتهِ بعد

| أحمد ضيف الله

منح المجلس النيابي حكومة محمد شياع السوداني التي مُثلت فيها كل الكتل الرئيسة في المجلس النيابي العراقي، والتي كان من الصعب تجاوز المحاصصة الطائفية والحزبية في تشكيلها، ثقته في الـ27 من تشرين الأول 2022 لـ21 وزيراً بينهم 12 شيعياً، و6 سنّة، ووزيران كرديان، ووزيرة واحدة مسيحية، فيما بقيت وزارتان من حصة المكون الكردي، لم يتفق الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البارزاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل الطالباني بشأنهما، وفقاً للاتفاق السياسي بين القوى السياسية العراقية بشأن حصصهما الوزارية.

الصراع ما بين الحزبين الكرديين الرئيسين على شغل الوزارتين المتبقيتين كان قد استمر، وسط إصرار الحزب الديمقراطي الكردستاني على أن يشغل حزبه ثلاث وزارات مقابل وزارة واحدة للاتحاد الوطني الكردستاني، وهو ما لم يتمكن من تحقيقه.

ففي الـ3 من كانون الأول الجاري، استكمل المجلس النيابي التشكيلة الوزارية، بتصويته على وزيري الوزارتين الشاغرتين، مانحاً الثقة لبنكين عبد اللـه ريكاني القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني في شغل وزارة الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة، ونزار محمد سعيد ناميدي القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني في شغل وزارة البيئة، وليحصل الحزبان بالنهاية على وزيرين لكل منهما.

الخلافات بين الحزبين الكرديين الرئيسين كانت قد تعمقت واستمرت بشكل واضح بعد انتخاب المجلس النيابي عبد اللطيف رشيد رئيساً لجمهورية العراق في الـ13 من تشرين الأول 2022، خاصة بعد أن اعتبر رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني في بيان له، أن «انتخاب السياسي والمناضل بدايات تأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني عبد اللطيف رشيد رئيساً لجمهورية العراق الاتحادي كان انتصاراً لإرادة الشعب والعملية السياسية والاتحاد الوطني».

الخلافات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وخصمه الاتحاد الوطني الكردستاني، لم تكن بالأساس بشأن المرشح الكردي لرئاسة جمهورية العراق، أو بشأن الوزارات الأربع المخصصة للمكون الكردي، إنما كان انعكاساً حقيقياً وطبيعياً لأزمات الإقليم السياسية، ولحالة الانقسام السائدة في إقليم كردستان منذ العام 2013 حول الإدارة ونظام الحكم وتقاسم السلطة والصراع على نهب ثروات الإقليم.

الأحزاب الرئيسة الأربعة في برلمان إقليم كردستان: الاتحاد الوطني الكردستاني، حركة التغيير، الاتحاد الإسلامي الكردستاني، والجماعة الإسلامية، كانت تطالب على الدوام بتغيير نظام الحكم في الإقليم، من رئاسي إلى برلماني، وبجعل المنصب الرئاسي بروتوكولياً دون صلاحيات كبرى، كالنظام المعمول به في بغداد، من دون نتيجة، حيث نجح الحزب الديمقراطي الكردستاني في عرقلة ذلك، وأفشل إجراء الانتخابات البرلمانية في الإقليم التي كان رئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني قد حدد موعدها بمرسوم في الأول من تشرين الأول 2022، نتيجة الخلافات بشأن القانون الانتخابي، وكيفية تشكيل مفوضية الانتخابات، وتقسيم الدوائر الانتخابية في الإقليم.

برلمان إقليم كردستان مدد في الـ9 من تشرين الأول 2022، دورته التشريعية الخامسة الحالية التي انتهت في الـ6 من تشرين الثاني 2022، لعام آخر، بأغلبية 80 نائباً من أصل 111 عدد نواب البرلمان الكردي، وسط مقاطعة نواب الاتحاد الإسلامي الكردستاني، والجماعة الإسلامية، وعدد من النواب المستقلين، وفوضى متعمدة أحدثها نواب كتلة «حراك الجيل الجديد» التي يرأسها شاسوار عبد الواحد داخل الجلسة، احتجاجاً، ليتسع حجم الخلافات في الإقليم.

ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت، سبق أن حذرت في إحاطة لها أمام مجلس الأمن الدولي في الـ4 من تشرين الأول 2022، من «التداعيات السياسية التي تنجم عن عدم إجراء انتخابات برلمانية لإقليم كردستان في وقتها المناسب»، مؤكدة أنها «ستكون باهظة الثمن».

وزراء حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الستة تغيبوا عن جلسة مجلس وزراء الإقليم في الـ8 من كانون الأول الجاري، كما لم يظهر نائب رئيس حكومة إقليم كردستان قوباد الطالباني في أي نشاط حكومي منذ أسابيع عدة، وقد سبق أن قال في تصريح متلفز: إن «التعاون والتكامل مع رئيس الوزراء الحالي شبه مفقودين».

التنافس والصراع ما بين الحزبين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ما زال مستمراً، ولم ينتهِ بعد، وحالة عدم التوافق الكردي السائدة، تؤشر إلى أن الوضع خطير وقابل للانفجار في أي لحظة، ومن هنا يمكن فهم، لماذا تراجع الحزب الديمقراطي الكردستاني عن إصراره في منح الاتحاد الوطني الكردستاني وزارة واحدة مقابل حصوله على ثلاث وزارات؟

إن مجاهرة قادة وشخصيات الاتحاد الوطني الكردستاني مؤخراً، بوجود خلافات عميقة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني في مجالات عدة، يعني أن إمكانية العودة مجدداً إلى حكم الإدارتين، واحدة في أربيل لآل البارزاني، وثانية في السليمانية لآل الطالباني، ما زالت قائمة، وقد يكون الصراع فيما بينهما على محافظة كركوك هو المفجر لذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن