قضايا وآراء

أميركا والعنف السياسي

| دينا دخل الله

يعاني المجتمع الأميركي منذ سنوات من تزايد العنف بشكل عام إذ زادت حوادث إطلاق النار العشوائي في المدارس والمحلات، والساحة السياسية ليست بعيدة عن ذلك.

ولعل أكبر مثال على تزايد العنف السياسي هو حادثة الهجوم على الكونغرس في 6 كانون الثاني عام2021، وبعدها حادثة الاعتداء على بيل بيلوسي زوج نانسي بيلوسي التي كانت رئيسة مجلس النواب.

تقول التقارير الاستخباراتية إن نسبة العنف السياسي في الولايات المتحدة زادت بنسبة 10 أضعاف في السنوات الأخيرة، وقد ربط بعض المراقبين ازدياد العنف مع وصول الرئيس السابق دونالد ترامب للرئاسة، وقالت صحيفة «نيويورك تايمز»: إن أكثر من ثلث قضايا التهديد تضمنت أشخاصاً جمهوريين أو مؤيدين لهم يهددون الديمقراطيين.

يعتقد الأميركيون أن دولتهم تتمتع بديمقراطية رفيعة المستوى وانتقال سلمي للسلطة، إلا أن التاريخ يقول غير ذلك، فالسياسة الأميركية مليئة بالعنف والترهيب منذ نشأة الأمة، ويسجل التاريخ الأميركي حملات تمرد عديدة لعل أولها كان عام 1792 حين أصدر الكونغرس قانون «الويسكي» كأول ضريبة للحكومة الجديدة على منتج محلي، ما أدى إلى اقتحام مسلحين لمنازل ضباط الضرائب واعتدوا عليهم وعلى عائلاتهم، أما العنف السياسي المتعلق بالانتخابات فقد بدأ منذ أربعينيات القرن التاسع عشر عندما نشأ حزب «لا أعرف شيئاً» الذي حرض البيض البروتستانت ضد المهاجرين الكاثوليك الإيطاليين والإيرلنديين، ولعل أكثر الأوقات عنفاً كان في خمسينيات القرن التاسع عشر عندما أطلق الديمقراطيون الجنوبيون المحافظون حملات عنف ضد خصومهم المناهضين للعبودية لدرجة أنهم قاموا بضرب النائب الجمهوري تشارلز سومنر المناهض للعبودية على أرضية مجلس الشيوخ حتى الموت، وفي العام 1883 ألغت المحكمة العليا قانون الحقوق المدنية لعام 1875 وأصبح العنف بعد ذلك إستراتيجية انتخابية للحزب الديمقراطي المحافظ، ما زاد من عمليات القتل والإعدام خارج نطاق القانون وخاصةً قبل الانتخابات.

شهدت أميركا أعنف فترة بين عامي 1917-1921 حيث اعتقلت السلطات آلاف الأميركيين باعتبارهم يساريين وأغلقت أكثر من 400 صحيفة، وفي التاريخ الأميركي اغتيل أربعة رؤساء لأسباب سياسية: أبراهام لينكولن 1865 وجيمس غارفيلد 1881 ووليام ماكينلي 1901 وجون كينيدي 1963.

يرى الخبراء أن ما نراه الآن هو مجموعة كاملة من المؤشرات التي تدل على أن الولايات المتحدة وصلت إلى مرحلة أزمة في ظل العلامات المتزايدة على تنامي الخطر، من أبرز الأمثلة على ذلك هو ظهور رجل مسلح خارج منزل النائبة الديمقراطية براميلا غايابال، وتحطيم زائر مجهول نافذة منزل السيناتور الجمهوري سوزان كولينز وتعرض النائب الجمهوري السابق ستيف سكاليس لإطلاق نار عام 2017 في العاصمة واشنطن.

تُعرِّف كبيرة الباحثين في مؤسسة «كارنيغي للسلام الدولي» راشيل كلارينفيلد العنف السياسي «بأنه ضرر جسدي أو ترهيب يؤثر على من يستفيد أو يمكنه المشاركة بشكل كامل في الحياة السياسية».

يمكن استخدام العنف السياسي عمداً كأداة حزبية للتأثير على الانتخابات وعلى الديمقراطية نفسها، وهذا النمط التنظيمي يجعل وقف العنف السياسي أكثر صعوبة وأكثر أهمية من أي وقت مضى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن