ثقافة وفن

ورشة عمل فنية للأطفال في الثقافي الروسي … نيكولاي سوخوف لـ«الوطن»: نحمل مهمة تعريف الجيل الجديد بالثقافة الروسية

| مصعب أيوب

الثقافة مصطلح واسع يشمل العادات والقيم والسلوكيات والمعتقدات ولاسيما الفن الذي ينقل صورة واضحة للآخر عن أسلوب حياتنا وطريقة وجودنا، ولطالما ارتبط الفن بالإبداع وشكلا معاً ثنائية فريدة أسهمت في تشكيل رؤيتنا للحياة، فقد حفز ذلك لدى المركز الثقافي الروسي في دمشق على تنظيم العديد من ورشات العمل المجانية والتي كان آخرها ورشة رسم بعنوان: «سفينة نوح» تخللها الرسم على الميداليات الخشبية وكذلك الرسم على الوجوه وذلك يوم الأربعاء المنصرم في الـ18 من الشهر الحالي ضمن مقر المركز شرقي التجارة عند الساعة الرابعة عصراً.

أهداف جوهرية

من أجل إثراء معارف الطفل ضمن سعي المركز المستمر لتعريف الجيل الجديد بالثقافة وتزويده بمختلف الفنون فقد تم وضع إستراتيجية متكاملة لترسيخ ذلك، حيث إن التدريب يهدف لتطوير مهارات الأطفال وتنمية مواهبهم وإرشادهم للتعبير عما يدور في خفايا صدورهم ما سيفتح آفاقاً جديدة بعيدة الأمد أمامهم ويفسح المجال لهم في سبيل النهوض بالمجتمع وتشكيل جيل مثقف منفتح على الثقافات الأخرى، ومن أهم ما تركز عليه الورشة تعزيز روح الابتكار وإطلاق العنان لمخيلة الأطفال المشاركين من أجل مساعدتهم في تنمية ملكة الإبداع وإكسابهم مجموعة متنوعة من المعارف لإنتاج تحفة فنية مبهرة، كما تسعى الورشة أيضاً لتمكين الأطفال من إيصال رسالة فنية هادفة مفعمة بالحيوية والحركة.

رسالة إنسانية نبيلة

في حديث خاص لـ«الوطن» يقول مدير المركز الثقافي الروسي بدمشق السيد نيكولاي سوخوف: إن هذه الوررشة واحدة من الورشات التي ينظمها المركز بشكل مستمر ومتتابع ضمن دورات فنية للرسم موجهة للأطفال من مختلف فئات المجتمع السوري على اختلاف أعراقهم وألوانهم ودياناتهم، فنحن نتعامل مع جمعيات خيرية منها شراكس ومنها أرمن وفئات أخرى متنوعة إضافة إلى الكثير من الجمعيات الخيرية ودور الأيتام، وفي معظم الأحيان تتزامن هذه الورشات مع مساعدات إنسانية أخرى ربما مأكولات أو ألبسة أو قرطاسية وما إلى ذلك.

ورشتنا هذه تتخصص في الرسم الذي من خلاله يطور الطفل مهاراته، وفي الوقت ذاته يتم تعريف الطفل والجيل السوري الجديد بالثقافة الروسية باستخدام الألوان من خلال إستراتيجيات الرسم وأسس تكوين اللوحات، وفي هذه الورشات يقدم المدربون نقاطاً مهمة تعكس ثقافة روسيا، فأغلب المتطوعين ناطقين باللغة الروسية، والغاية وراء الورشة تطوير الإبداع لدى الطفل بدوافع إنسانية بحتة لذلك هي مجانية، وهو أمر يتطلب منا الكثير من التخطيط والجهد ونحن نحرص كل الحرص لإعداد وتهيئة ذلك بالتنسيق مع إخواننا السوريين، وهي رسالة المركز بطبيعة الحال التي تهدف للتكاتف الإنساني ونشر ثقافتنا، حيث إن الأطفال جزء مهم في المجتمع وبجهوده تبنى الأمم لذلك كان لا بد من التركيز على هذه الفئة العمرية.

سفينة نوح

كما توضح الأستاذة آية شحادة مسؤولة العلاقات الثقافية في المركز أننا نسعى جاهدين دائماً لابتكار ما يمكنه تجديد فكر الطفل بعيداً عن الرتابة والروتين ولهذه الورشة من الأهمية ما لا يمكن تجاهله، فنحن اخترنا موضوع الورشة هذه سفينة نوح لتعريف الأطفال بالمركبة العظيمة التي حملت على متنها الناس في وقت الطوفان وكذلك البهائم وقطع الأثاث والمستلزمات الشخصية، فهي وسيلة إنقاذ حافظت على أرواح الكثيرين وهو جانب مهم لا بد من تعريف الطفل به، وأشارت شحادة إلى أن هذه الورشة ستعرفنا في نهايتها على وجهة نظر الأطفال للنموذج الذي بين أيديهم وهو رسومات وأشكال مختلفة للسفينة ومن خلاله سنتبين الجانب المرهف والفني للطفل والإبداع الذي بداخله، وتضيف شحادة أن أعداد المشاركين تشهد تزايداً مستمراً وملحوظاً من ورشة إلى أخرى، وعن نوع وفئات الأطفال الذين استهدفتهم الورشة قالت شحادة: إنه ليس هناك معيار محدد لانتقاء المشاركين وإنما من كل أطياف المجتمع السوري، فنحن في شراكة مع جمعية رعاية الأطفال المتضررين من الحروب وكذلك جمعية ذوي الهمة ونحن على اتصال مباشر مع معظم جمعيات رعاية الأطفال في سبيل صقل مهارات الأطفال وخلق جو من المرح والترفيه لدى الطفل من خلال المزج بين التعليم والتسلية.

أصحاب الأيادي البيضاء

أخذ فريق العمل على عاتقه مهمة تعريف الأطفال بأنواع الألوان ومنها الخشبية والمائية والزيتية وغير ذلك، وتولى أيضاً تقديم النصائح لهم بما يتناسب مع نوع ما ومالا يتناسب مع النوع الآخر من خلال توجيههم وتقديم النصائح لهم.

أحد المتطوعين يقول في حديثه إنه لم يتردد لحظة عندما علم أنه يستطيع المساعدة وتقديم المعونة للأطفال وحتى الشباب فهو يطمح لأن يكون عنصراً فاعلاً في المجتمع.

وتقول رهام تركماني المتطوعة في جمعية سلوك للاحتياجات الخاصة إننا نسعى لدمج أطفال الاحتياجات الخاصة بغيرهم من الأطفال وأقرانهم، فمنهم من يعاني من متلازمة داون ومنهم من يعاني تأخراً عقلياً أو صعوبات في التعلم، فمن خلال ورشات الرسم هذه نحفز روح الإبداع لدى الطفل ونستنبط من داخله قوة التركيز.

في الختام انتهى كل واحد من المشاركين من الرسم بتناغم مدهش حيث تصالح على الأوراق جميع العناصر ومقومات النهوض وهو تجربة مهمة وفريدة، فقد عكست الرسومات المهارات التي يمتاز بها كل طفل على حدة من خلال الألوان المتناسقة بأسلوب مميز رغم اختلاف وتعدد عناصر اللوحة بدءاً من البحر إلى هيكل السفينة وصولاً إلى ما تحمله على متنها، وبهذا نجح بلا شك الأطفال بإنجاز وثيقة فنية تحمل أسماءهم من خلال الرسم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن