ثقافة وفن

أين نحن اليوم من الأمن العلمي والثقافي؟

| د. رحيم هادي الشمخي

الجواب هنا يندرج في ناحيتي (العلم والثقافة)، ومن ناحية العلم، هل نحن آمنون علمياً؟ أقصد: هل أجهزة العلم عندنا في البلاد العربية سليمة مهيأة بكل ما يمكنها من البحث العلمي وتخريج شباب متخصص في كل علوم العصر ومطالب

التكنولوجيا، وأجهزة العلم في الجامعات العربية والمعاهد، وتحت هذه الأخيرة تندرج مراكز البحوث والأكاديميات، وكلامنا هذا ينصب على العالم العربي كله، لأن المستوى فيه في هذه الناحية متقارب جداً، والحقيقة التي يجب أن نؤمن بها (أننا غير آمنين علمياً).

جامعاتنا تشكو قصور أجهزة البحث العلمي والدراسة فيها، لا عن نقص في الاختصاص فحسب، بل عن إهمال وتقصير وقلة طموح، أو عدم إدراج لجسامة الواجب الملقى على عاتق المسؤولين عن هذه البحوث والدراسات، ولا أذهب بعيداً عن هذه الناحية عن كشف الحقائق، أقول إن أكثر البحوث العلمية تجدها تحتوي على أجهزة معطلة بسبب الإهمال وقلة العناية، لأن المسؤولين لم يهتموا بتجديدها أو المحافظة عليها في الوقت المناسب، وأخطر من هذا كله، ستجد المسؤولين عن البحوث قد تحولوا إلى موظفين يتمتعون بكل عيوب الموظفين التقليديين.

أما في مجال الثقافة، فثقافتنا الأصيلة: لغتنا العربية، تقاليدنا الاجتماعية، أصولنا الفنية، أسلوبنا في الحياة كلها، هل كله آمن؟ الجواب المحزن على ألسنتنا جميعاً: لغتنا العربية في تدهور، والمتخرجون في أقسام اللغة العربية في الجامعات لا يحسنون العربية، هذه حقيقة يعرفونها هم، ونعرفها نحن، وهل هناك أعجب من أن دور الصحف عندنا تعاني أزمة في المصححين، أي في رجال يتقنون اللغة العربية، ويستطيعون تصحيح ما يرد من الأخطاء في المادة التي تُنشر، فقد قال يوسف إدريس في يوم من الأيام: «كنا في الماضي نعتمد على المصحح في تقويم ما يمكن أن نقع فيه من أخطاء، أما اليوم فنحن نصحح للمصححين»، وعندما نشكو حالتنا الاجتماعية نشعر بأساليب الحياة الغربية والأميركية تهاجم أسس مجتمعنا العربي هجوماً خطراً، وشبابنا اليوم قد انخرط بالانحلال الأخلاقي، ويجلس الساعات يتفرج على أفلام رعاة البقر، ويتخلى شيئاً فشيئاً عن قيمنا الاجتماعية الأساسية.

وموسيقانا وأغانينا كيف حالها؟

الموسيقا أصبحت تلويناً نغمياً من دون معنى، والأغاني، ماذا نسمع فيها غير ترديد ممل وثقيل لعبارات مستهلكة، ولا يؤلم سمعك شيء أكثر من قولهم: (كلمات فلان، وألحان فلان) وأي كلمات وأي ألحان؟ ثقافياً نحن إذاً غير آمنين، بل إن التوجه يعاني قصوراً معيباً، وإلا فلماذا تظهر هذه الانحرافات العنيفة، لماذا ترتمي جماعات من الشباب في أحضان تنظيمات تكفيرية باسم الدين للقتل والجريمة؟ إننا غير آمنين علمياً وثقافياً، ولابدّ هنا من وضع الأمن العلمي والثقافي بنظر الاهتمام في المناهج الدراسية حفاظاً على الهوية العربية من الضياع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن