قضايا وآراء

مجزرة جنين وعملية القدس … سياق طبيعي لصراع وجودي

| نعيم إبراهيم

ينبغي التأكيد مرة أخرى أن مجزرة مخيم جنين وعملية القدس الجديدتين تأتيان في سياقهما الطبيعي ضمن أقانيم الصراع الوجودي بين العدو الصهيوني والأمة العربية.

تتوهم الحكومة الصهيونية الجديدة بقيادة بنيامين نتنياهو أن مزيداً من التطرف والإرهاب والقمع والقتل والهدم والاعتقال والتشريد والنهب والحصار، يمكن أن يفت في عضد أبناء الشعب الفلسطيني والأمة العربية وإقناع الرأي العام العالمي بأن كيان الاحتلال على حق وأنه يمتلك شرعة الوجود وصولاً إلى تحقيق أهداف المشروع الصهيوني بإقامة «إسرائيل الكبرى» من الفرات إلى النيل أو «الدولة اليهودية النقية».

في هذا السياق ارتكب العدو الصهيوني مجزرة جديدة في مخيم جنين الخميس الماضي تحت جنح الظلام، فقتل تسعة فلسطينيين أتبعها بحملة من الرعب والإرهاب في المنطقة وهي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في سياسة الأرض المحروقة بهدف فرض الأمر الواقع وإخضاع الشعب الفلسطيني للاستسلام والانهزام.

بالمقابل تؤكد عملية القدس الفدائية الجديدة أول من أمس الجمعة التي نفذها الشاب خيري علقم (21 عاماً) من سكان الطور في القدس المحتلة، وتمكن خلالها من قتل 7 مستوطنين وإصابة 3 آخرين، أن الشعب الفلسطيني عصي على الاستسلام والرضوخ للأمر الواقع مهما تصاعدت ممارسات الاحتلال الصهيوني ضده وتكالبت قوى التآمر من أبناء جلدتنا ومن الدول المعادية عليه لأن الحقيقة جلية، قالت وستستمر تقول وتؤكد أن الشعب الفلسطيني هو صاحب الأرض والوطن الفلسطيني من البحر إلى النهر وجابه كل الغزوات الاستعمارية على مر التاريخ وصمد وقدم التضحيات الجسام على طريق التحرير الكامل والانتصار وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى منازلهم وديارهم وبلدهم فلسطين التاريخية.

إن الثورة الفلسطينية المعاصرة انطلقت في العام 1965 لكي تحقق أهداف الشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين المحتلة كأي ثورة تحررية في العالم والمقاومة المسلحة تأتي على رأس أساليب التحرر من الاحتلال لأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها ومن يعتقد بغير ذلك إنما يقع في إسار الوهم ليس إلا.

ليس المطلوب على الصعيد السياسي تحرك الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لوقف «تدهور الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين» بعد المجزرة الجديدة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مخيم جنين لأن النتائج تصب دائماً في مصالح العدو الصهيوني وحلفائه في المنطقة والعالم عبر استمرار اتباع سياسة الكيل بمكيالين، وكل المنظمات الدولية التي تتبنى القانون الدولي الإنساني فشلت في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وحمايته وتقديم كيان الاحتلال بكل أحزابه ورموزه وعصاباته إلى محكمة الجنايات الدولية والقضاء الدولي، بل على العكس من ذلك تماماً حيث منظومة الأمن والقانون الدولي لم تستجب لنداءات وقف العدوان ووضع حد لسفك الدم الفلسطيني، واستبدل ذلك بصمت دولي مريب منح المجرم «بن غفير» ضوءاً أخضر للمضي في جرائمه، وهو وحكومته من يتحملون مسؤولية ما آلت اليه الأمور.

في هذا السياق يأتي ما قاله المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي: «إن الولايات المتحدة قلقة للغاية حيال أعمال العنف التي جرت في الآونة الأخيرة في إسرائيل والضفة الغربية، وإنها ترى أن هناك حاجة ملحة لأن توقف جميع الأطراف التصعيد في المنطقة»، وأضاف: «نحن بالتأكيد قلقون للغاية من تصاعد دائرة العنف في الضفة الغربية، وأيضاً من الصواريخ التي أطلقت من غزة فيما يبدو»، ليأتي الرد الشعبي الفلسطيني من خلال المواجهات ضد الصهاينة والمسيرات داخل فلسطين وخارجها «أن الجرائم الصهيونية لن ترهب الشعب الفلسطيني ولن تثنيه عن الاستمرار في المقاومة والتصدي للاحتلال».

بتعبير دقيق إن الرسالة التي توصلها عملية القدس للاحتلال الصهيوني هي أن هذه العملية البطولية تشكل فاتحة لمرحلة جديدة من مراحل المقاومة الشعبية الشاملة ضد العدو الصهيوني وأن المقاومة جاهزة للرد على جرائمه، وبأنها تجسيد لوحدة الساحات في القدس والضفة وغزة والشتات وأن أي برنامج سياسي وميداني يخالف ذلك ومن أي جهة كان سيرفضه الشعب الفلسطيني والأمة العربية والتاريخ مليء بالدروس والعبر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن