قضايا وآراء

تقدير الوضع الإسرائيلي: الحاجة لواشنطن ضرورة لا عمل من دونها

| تحسين حلبي

سلم رئيس «معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي – INSS» البروفيسور مانوئيل تريختينبيرغ قبل أيام النسخة الأولى السنوية لتقدير الوضع الإسرائيلي الشامل للعام 2022- 2023 لرئيس الكيان الإسرائيلي يتسحاق هيرتسوغ، وفي العرض التلفزيوني العبري الذي جرى بحضور المديرين والمختصين كافة في المعهد أشار تريختينبيرغ لهيرتسوغ على «العوامل التي تهدد إسرائيل في هذه الظروف»، وهي:

1- مضاعفات التنافس الجاري بين واشنطن وبكين والحرب في أوكرانيا لأنها من المقدر أن تولد أوضاعاً جديدة.

2- إيران وإمكانية تحولها إلى دولة نووية وهذا يتطلب وضع إستراتيجية واضحة لكيفية مواجهتها.

3- تصاعد العمل المسلح وتدهور الوضع في الضفة الغربية وانسداد الأفق السياسي وتزايد المخاوف من السير نحو دولة واحدة بدلاً من حل الدولتين.

4- أزمة التنافس الداخلي الحاد بين مختلف المعسكرات السياسية الإسرائيلية وهذا يضعف إسرائيل ويعرض «ديمقراطيتها» للخطر والخوف من أن يؤدي النزاع الداخلي إلى تشجيع أطراف محور المقاومة على استغلال الوضع للتصعيد في الداخل ومن الخارج.

5- زيادة الحاجة لتجنب أي صدع في العلاقة مع أميركا.

لا شك أن هذه المواضيع جرى تفصيل طبيعتها ووصف أخطارها وتحديد التوصيات المطلوبة بشأنها في صفحات الأبحاث والدراسات التي أعدها المعهد الإسرائيلي، علماً أن ما يقدمه المعهد في موقعه الإلكتروني من نص علني تنقصه تفاصيل وسيناريوهات واقتراحات كثيرة يحظر بالطبع عرضها، لكن ما ذكره رئيس المخابرات العسكرية سابقاً ومدير المعهد حالياً الجنرال المتقاعد تامير هارتمان في مقابلة نشرها فيديو موقع المعهد، كشف بعض التوصيات التي أوضح فيها أن «متانة العلاقة مع الولايات المتحدة تعد الآن أهم عنصر حيوي تحتاجه إسرائيل في عام 2023 على المدى الأطول كي تتمكن من مجابهة التحديات التي حددها التقرير السنوي لتقدير الوضع من نواح عسكرية وسياسية».

وشدد هارتمان على أهمية هذا العنصر حين قال: «وإذا تعرض هذا العامل لأي خلل أو خطر فلن يكون بمقدورنا مجابهة التحديات بالشكل المناسب والافضل، وأنا لا أقول إن واشنطن ستتخلى عن إسرائيل في عام 2023، وهي لن تتدخل بشؤونها الداخلية، لكنها تعرف كيف تتصرف بشكل حاد إذا لم يكن الأداء الإسرائيلي متناسباً مع إدارتها، ومع ذلك لن تصل واشنطن إلى حد تقطع فيه علاقتها بإسرائيل، بل ربما تتجنب تقديم الدعم في عملية تتعلق بهجوم أو غارة أو بمواضيع التجارة والاقتصاد وما يشبهها».

يقول هارتمان: «لهذه الأسباب تشكل حاجتنا للعامل الأميركي أهمية لا بد من التركيز على تأمينها منذ هذا الوقت بسبب حساسيتها لنا على المدى الطويل وحتى لا نصل إلى وضع نجد فيه أنفسنا بلا دعم من قوة عظمى، وهذا ما يجعل المحافظة على الدعم والتأييد الأميركي أساساً ضرورياً للأمن الإسرائيلي على المدى القصير للاستناد إليه في التعامل مع التحديات الملموسة القائمة الآن، ولذلك من الضروري أن نتجنب ازعاج واشنطن بما لا يتناسب مع ما تراه».

وبالنسبة للموقف الإسرائيلي مما يجري في أوكرانيا قال هارتمان: «أعتقد أن موقفنا القائم على الوقوف جانباً (دون المشاركة) سيئ جداً، فالأميركيون يكرهون عبارة «الوقوف عند السياج»، بهدف المحافظة على توازن ما، فنحن حول موضوع أوكرانيا يمكن لنا أن نحدد من ندعم بشكل واضح، ولا أرى أن هذا الموقف سيولد خطراً استراتيجياً بل خطراً عملانياً «تكتيكيا» يتعلق بعملياتنا ضد سورية، وهذا الخطر يعرف القادة الإسرائيليون كيف يصمدون أمامه ولا يجب على الأخطار العملانية أن تؤثر في الإستراتيجية».

إن نظرة متمعنة إلى هذه التصريحات تؤكد أن التطورات الإقليمية ودور محور المقاومة المتصاعد في علاقاته المتينة بين أطرافه وتزايد قدراته العسكرية، كما أن التطورات التي نشهدها لدى الغرب ومظاهر ضعفه وبداية تصدع العلاقات بين عدد من أطرافه، بدأت تفرض مخاوف هائلة على الكيان الإسرائيلي، وهذا ما تدل عليه الاستعانة بمناورة حربية غير مسبوقة شكلاً ومضموناً جرت منذ أيام بين جيش الاحتلال والجيش الأميركي في منطقة الكيان وشرقي المتوسط وبمشاركة 6100 جندي أميركي مقابل 1100 جندي إسرائيلي و142 طائرة حربية وعشر سفن بحرية أميركية ترافقها حاملة طائرات.

لا شك أن عبارة هارتمان حول خشيته في عام 2023 من «خسارة دعم القوة العظمى الأميركية»، يدل على خوف شديد من الاحتمالات المقبلة للتطورات في هذا العام بالذات، ودعوة الحكومة الإسرائيلية إلى الحرص الشديد على وضع حسابات كبيرة لهذا العام أمام الحاجة الماسة للدعم الأميركي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن