اقتصاد

«دافوس»: تزلج خطر على جليد هش!

| د. سعـد بساطـة

تنشغـل وسائل الإعلام العـالمية هذا الوقت من كل عـام بانعـقاد مؤتمر مهم بجبال الألب السويسرية: «منتدى دافوس» التي تشتهر بوصفها البلدة المستضيفة للاجتماعات السنوية للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي يجتمع فيه نخبة من رجال السياسة والأعمال من مختلف دول العالم للتباحث بقضايا الساعـة السياسية والاقتصادية.

منتدى دافوس منظمة غير حكومية لا ربحية مقرها سويسرا أسسها أستاذ الاقتصاد كلاوس شواب 1971؛ وهي تلاقي النخب من الشركات المتعددة الجنسيات الكبرى (دورة رأس المال فيها أكبر من 5 مليارات دولار) والقادة السياسيين، بهدف النقاش في المشكلات الاقتصادية والسياسية التي تواجه العالم وكيفية حلولها. يعقد المنتدى اجتماعاته السنوية لوضع مسودات لخطط ومشاريع اقتصادية مشتركة، إلى جانب رسم سياسات البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية التي تستهدف بالأساس خصخصة الخدمات الأساسية وتحرير السوق وخلق مناخ استثماري مع ما يتطلبه من إصلاحات سياسية.

تلتئم الاجتماعـات لخمسة أيام بالمنتجع الشتوي لمناقشة معظم القضايا الملحة التي تواجه العالم، وينصب الاهتمام على الركود الاقتصادي المتوقع. ويحضر الاجتماع نحو 2500 مشارك من نحو 100 دولة حول العالم، مع أكثر من 370 شخصية عامة من الحكومات والمنظمات الدولية، وأكثر من 1500 من قادة الأعمال، و90 مبتكراً، كما ستشهد الاجتماعات حضور 56 وزير مالية، و19 رئيس بنك مركزي، و30 وزير تجارة، و35 وزير خارجية.

تلتقي تلك النخب طامحة «للتعاون في عالم مشرذم» والنظر في الاختلال المناخي والعولمة التي تواجه أزمة وجودية. وأعلن رئيس المنتدى أن القمة تنعقد «بظل وضع جيوسياسي اقتصادي هو الأكثر تعقيداً منذ عقود».

وساهم تفشي وباء كورونا والخلافات التجارية بين الولايات المتحدة والصين والعملية الروسية الخاصة في أوكرانيا في السنوات الأخيرة بتزايد الشقاقات الجيوسياسية.

ويعتزم ناشطون اغتنام الاجتماع لتذكير الدول الغنية بفرض «ضريبة تستهدف الأثرياء من أجل البيئة وشطب ديون» دول الجنوب.

يقول المنتدى الاقتصادي العالمي: إنه ملتزم بتحسينَ حالة العالم، وتشجيع النقاش بشأن كيفية معالجة القضايا العالمية، لكنّ النقاد يتهمون نخب المنتدى الاقتصادي العالمي، المقيمين بفنادق دافوس الفاخرة، بالانفصال التام عن الناس العاديين من خلال أسلوب حياتهم.

أولى نقاط التفاؤل هي فتح الصين أبوابها وانتهاؤها من سياسة «صفر كوفيد» بعد ثلاث سنوات من العزل، وقد تأثر العالم بأكمله من هذه السياسة في هذه السنوات، من ناحية العرض أو الطلب.

ثانيها يرتبط بالصين كذلك، فالأخبار تؤكـد لقاءات عالية المستوى بين مسؤوليها والولايات المتحدة، وهو ما يعني أن اتجاه النزاع بين أكبر اقتصادين في العالم قد يتغير في الفترة القادمة.

ثالثها أداء سوق الأسهم في العالم في الأسابيع الثلاثة الأولى من العام الجديد؛ فبعد أن بدا مؤشر الأسهم في انحدار، عادت المؤشرات لترتفع قليلاً بداية هذا العام، مغيّرة النمط الذي استمرت عليه في آخر ربعين من السنة الماضية على الأقل.

ولم يخلُ الجو العام من التشاؤم، وأسبابه معروفة، وهي الحرب الروسية-الأوكرانية، ومعدلات التضخم العالمية، وعدم استقرار سلاسل الإمداد في ظل النزاعات الجيوسياسية.

إن عنوان مؤتمر دافوس لهذا العام لهو معبّر بشكل رائع عن العالم؛ فقد عنون بـ«التعاون في عالم مجزّأ»، تبرز أهمية هذه المؤتمرات العالمية التي وإن كان التركيز فيها إعلامياً على رفاهية الحدث، فإن ما يدور فيها من حوار هو الأهم.

ختاماً اسمحوا لي أن أجتزئ بعـض أقوال المشاركين في الحدث:

– كل دولة تحتاج لوزير يعـنى بشؤون «المستقبل»!

– تقول مديرة مهمة بشركة الكترونية «الرجال هم الذين يديرون اقتصاد العـالم؛ ولست عـلى ثقة أنه يمشي بشكل جيد»!

– نحتاج لقدر أقل من القوانين؛ ومقدار أكثر من الإبداع بحل المشاكل.

– السرعـة هي سر نجاح الأعمال في المستقبل.

– أسوأ ما يضر شركة ما؛ هو اقتياتها عـلى نجاحات ماضية.

وأختمها بقول مدير صيني لشركة عـملاقة: «الصين باتت تهتم أكثر بالجودة؛ منها بكم الإنتاج».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن