شؤون محلية

حلب تلملم جراحها وجهود الإنقاذ مستمرة.. الشائعات بزلزال قادم تلاحق الأهالي والسيارات ملاذ آمن لهم … بتكليف من الرئيس الأسد.. وزير الدفاع يتابع عمليات الإنقاذ ويتفقد الأضرار التي خلّفها الزلزال في محافظتي حلب وحماة

| حلب- خالد زنكلو

بتكليف من رئيس بشار الأسد، جال وزير الدفاع العماد علي محمود عباس يوم أمس على عدد من المواقع المتضررة بفعل الزلزال المدمر الذي ضرب مدينة حلب الليلة ما قبل الماضية.

واطلع وزير الدفاع على أعمال الإنقاذ ورفع الأنقاض في عدد من أحياء المدينة التي تعرضت بعض مبانيها للسقوط، والتي تتم بمشاركة جميع الجهات الحكومية والأهلية في المحافظة إلى جانب وحدات الجيش العربي السوري.

واستمع الوزير إلى من الأهالي، الذين تضررت منازلهم، وأوعز إلى المعنيين باستمرار الاستجابة إلى الحالة الطارئة بالتنسيق مع الجهات المحلية والفرق الميدانية لتقييم الأضرار وتلبية احتياجات المواطنين ترجمة لتوجيهات السيد الرئيس بشار الأسد.

والتقى الوزير في مبنى المحافظة اللجنة الفرعية للإغاثة، وشدد على أهمية «تسخير كل الإمكانيات لدى الجهات الحكومية والأهلية للاستمرار في تخفيف الأضرار ومعالجتها حرصاً على سلامة الإخوة المواطنين، وضرورة توخي الحذر والدقة في عمليات الإنقاذ، وإيصال المساعدات إلى المستحقين». وأكد أن وحدات الجيش العربي السوري «تشارك في واجبها في عمليات الإنقاذ، استناداً إلى دورها الطبيعي في أوقات الحرب والسلم».

ونوه بأهمية جهود الجهات المعنية بالمحافظة لتنسيق عمليات الإنقاذ وتقديم المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى المواطنين في مراكز الايواء. وأشاد بدور الأصدقاء الروس والإيرانيين وكل الدول التي تقدم العون والمساعدة للشعب العربي السوري.

محافظ حلب حسين دياب أوضح أنه «ومنذ اللحظات الأولى لحدوث الزلزال، استنفرت الجهات المعنية بالمحافظة جميع الإمكانات المتاحة مع الجهات الأهلية للتعامل مع الوضع الراهن»، ولفت إلى ما يقدمه الأصدقاء ووقوفهم إلى جانب الشعب العربي السوري في هذه المحنة العصبية.

وكان وزير الدفاع قد عاد المصابين في مشفى حماة الوطني للاطمئنان على حالتهم الصحية والخدمات العلاجية والطبية المقدمة لهم.

وتفقد برفقة محافظ حماة محمود زنبوعة ورئيس اللجنة الأمنية والعسكرية بحماة اللواء نهاد محمود صبح، الأبنية المتضررة بمدينة حماة نتيجة الزلزال، وعمليات رفع الأنقاض.

هذا واصلت فرق الإنقاذ، التي تساهم فيها كل الجهات الحكومية والأهلية في حلب، عملها، أمس لليوم الثاني على التوالي، بحثاً عن ناجين تحت أنقاض الأبنية المهدمة التي خلفها الزلزال المدمر الذي ضرب المدينة، التي راحت تلملم جراحها المثخنة بالشائعات عن زلزال قادم أشد قوة ما فاقم معاناة السكان، وخصوصاً في الأحياء الشعبية ذات التجمعات العشوائية.

وقضى الأهالي ليلتهم الثانية خارج بيوتهم، خشية سقوطها من جراء الهزات الارتدادية التي تواصلت وبوتيرة أقل ومتباعدة أخف وطأة من سابقاتها. وتفقد بعضهم مساكنهم التي نالت تصدعات جدرانها منها بفعل الزلزال، ولم تسعفهم زحمة الانشغال بتداعيات الكارثة من التأكد من خطورتها، فآثروا المبيت في الجوامع أو على قارعة الطرقات والساحات، ومحظوظ منهم من يمتلك سيارة للمبيت بداخلها في ظل موجة شباط «اللباط» القارسة.

وأكد مصدر في الدفاع الوطني لـ«الوطن» أن عمليات إزالة الأنقاض بحثاً عن ناجين ما زالت مستمرة في بعض الأبنية المنهارة، وأن أعمال الإنقاذ وانتشال الناجين والضحايا متواصلة على مدار الساعة منذ لحظة وقوع الزلزال من جميع الجهات المعنية على أمل إنقاذ أرواح السكان.

قائد فوج إطفاء حلب محسن كناني فند في تصريح لـ«الوطن» ما تروجه بعض صفحات التواصل الاجتماعي عن توقف أعمال فرق الإنقاذ في بعض الأبنية المنهارة من جراء الزلزال في حلب بسبب سماع أصوات أشخاص أحياء تحت الأنقاض.

وشدد كناني على أنه لدى فرق الإنقاذ بحلب خبرات وإمكانيات كافية من حيث المعدات اللازمة للتعامل مع مثل هذه الحالات، وأن أعمال الإنقاذ لم تتوقف في بعض المواقع التي يؤمل بوجود ناجين تحت أنقاض مبانيها المنهارة ولانتشال الضحايا.

تزامن ذلك مع وصول وزير الدفاع العماد علي محمود عباس إلى مدينة حلب للاطلاع على واقع عمليات الإنقاذ وإيواء الأهالي في المحافظة، حيث جال على بعض الأحياء التي لا تزال فرق الإنقاذ مواظبة على العمل فيها، وزار مراكز الإيواء التي أحدثت لهذه الغاية.

جديد الأبنية المنهارة بفعل تداعيات الزلزال وهزاته الارتدادية، ما كشفه رئيس مجلس مدينة حلب معد مدلجي لـ«الوطن» أن البناء الذي سقط أمس في حي قاضي عسكر قرب بناء المواصلات القديم بشطر المدينة الشرقي، ومؤلف من ٥ طوابق «جرى إخلاؤه عبر مجلس المدينة من السكان في وقت سابق لوجود خطورة عالية فيه على قاطنيه وعلى السلامة العامة».

وحول ذلك، بين رئيس مجلس محافظة حلب محمد حجازي لـ«الوطن» أن الأبنية الموجودة في مناطق غرب حلب سليمة «أما المهددة والمتصدعة فتوجد في مناطق شرق المدينة، ويتم الآن الكشف عن مدى سلامتها».

وأشار حجازي إلى أنه «لا يمكن التكهن بعدد الأبنية المهددة بالسقوط»، لافتاً إلى أنه جرى تشكيل ٥٠ لجنة سلامة عامة «للكشف على الأبنية في المناطق المتضررة، حيث تمكنت فرق الإنقاذ من إخراج ٣ جثامين من تحت الأنقاض صباح اليوم (أمس) في منطقة كرم الجبل، وأغلب الضحايا الذين يتم العثور عليهم الآن متوفون».

وقال: إن فرق المساعدة التي جاءت من الجزائر «توجهت إلى المناطق المتضررة، ومعها كلاب بوليسية مدربة على اكتشاف الضحايا والجثامين»، وذلك بعد وصول طائرتين من الجزائر إلى مطار حلب الدولي أمس وعلى متنهما مساعدات إغاثية.

وعن آخر إحصائيات النتائج التي خلفها الزلزال المدمر، وفي حصيلة غير نهائية، أوضح مصدر في محافظة حلب لـ«الوطن»، أن عدد الضحايا وصل حتى ظهر أمس لـ379 وفاة مقابل أكثر من 7٠4 أشخاص تخرج 610 بعد تلقي العلاج اللازم من المشفى وبقي 94 إصابة بليغة يتلقون العلاج اللازم، في حين بلغ عدد مراكز الإيواء ١٣٠ مركزاً وفرتها المحافظة، عدا التي وفّرها المجتمع المحلي والأهلي، في عدد من المواقع للمتضررين من الزلزال، من مساكن مؤقتة ومدارس ومساجد وكنائس مع توزيع الوجبات الغذائية والمساعدات الإنسانية والإغاثية، وذلك ضمن الإجراءات التي اتخذتها اللجنة الفرعية للإغاثة في محافظة حلب وفي سياق الاستجابة الطارئة للزلزال».

على صعيد متصل، لا تزال التصدعات والتشققات التي ظهرت بفعل الزلزال وهزاته الارتجاجية على جدران وأسقف البيوت والشقق السكنية في أحياء شرق المدينة العشوائية وفي أحياء المدينة القديمة، تشكل هاجساً كبيراً لدى قاطنيها، الذين امتنعوا عن المبيت فيها واللجوء إلى المساجد التي آوت عشرات الآلاف منهم.

وبهذا الخصوص، دعت محافظة حلب المواطنين ممن لديهم تصدعات في الأبنية لمراجعة القطاعات الخدمية في مجلس مدينة حلب لتوصيف واقع الأضرار، حرصاً على السلامة العامة. وخصصت المحافظة أسماء وأرقام هواتف رؤساء القطاعات الخدمية بالمدينة، وهي: قطاع المدينة القديمة وقطاع مركز المدينة وقطاع السليمانية وقطاع هنانو وقطاع قاضي عسكر وقطاع باب النيرب وقطاع الأنصاري الغربي وقطاع الأنصاري الشرقي وقطاع الحمدانية وقطاع السريان وقطاع حلب الجديدة وقطاع النيرب.

إلى ذلك، رصدت «الوطن» مبيت آلاف الأسر الحلبية داخل السيارات، ولليلة الثانية على التوالي، خشية من وقوع زلزال مدمر آخر روجت له وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع لا تعتمد الموضوعية والأمانة المهنية في نقل الأخبار والتوقعات عن مصادرها المختصة الموثوقة، الأمر الذي ترك تداعيات سلبية من الهلع لدى الشارع الحلبي الذي هالته وأنهكته الشائعات التي يتناقلها الخائفون على مصير أبنائهم.

وللتخفيف من الآثار المحتملة للهزات الارتدادية، وكإجراء احترازي وتحسبّاً لأي حالة طارئة، نصب فرع جامعة حلب للاتحاد الوطني لطلبة سورية عدداً من الخيَم في عدد من الساحات المفتوحة الآمنة ضمن المدينة الجامعيّة بجامعة حلب، حرصاً على سلامة الطلاب المقيمين فيها، ووفر الفرع عدداً من الباصات لنقل الطلاب إلى منطقة كراج البولمان في منطقة الراموسة وحي السريان لتأمين عودتهم إلى مدنهم وقراهم بعد اتخاذ قرار بتأجيل الامتحانات. وجهزت إدارة المدينة الجامعية قاعتي المطالعة في الوحدتين السكنيتين الثالثة والرابعة لتأمين الطالبات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن