الأولى

رئيس الجمهورية والسيدة عقيلته يزوران المناطق التي ضربها الزلزال لتلمس حاجيات ومطالب وأوجاع المنكوبين … الرئيس الأسد لـ«الوطن»: أنا جزء من الشعب ولا أتعاطى مع الناس بالرسائل … السيدة أسماء: أهالي حلب قادرون على التعامل مع كارثة الزلزال ومعالجة تداعياتها

| اللاذقية - عبير محمود - دمشق - الوطن - وكالات

لأنه جزء من الشعب، وينتمي إليه، حط الرئيس بشار الأسد وعقيلته السيدة أسماء الأسد وسط هذا الشعب في المناطق التي ضربها الزلزال، وتلمس منه بشكل مباشر حاجياته ومطالبه وأوجاعه جراء الكارثة التي تعرضت لها مناطق شمال غرب سورية، وجدد التأكيد في رده على سؤال لـ«الوطن»، أنه لا يتعاطى مع الناس بالرسائل وإنما بالعلاقة المباشرة وأن هذه طبيعة علاقته مع الشعب السوري وأنه جزء منه.

جولة الرئيس الأسد والسيدة عقليته، جاءت بعد انقضاء خمسة أيام على الزلزال المدمر الذي ضرب سورية في الـ6 من شهر شباط الجاري، حيث كان لا بد من الانتقال الآن من الاستجابة الأولية الطارئة التي انطلقت بها الدولة والمجتمع إلى الاستجابة المنظمة لمعالجة تداعيات وآثار الزلزال.

مع الناس

الرئيس الأسد والسيدة عقليته زارا في اليوم الثاني من جولتهما مدينة اللاذقية، واستهلا الزيارة بزيارة المصابين بسبب الزلزال في مشفى تشرين الجامعي واطمأنا على أحوالهم.

وخلال تفقده والسيدة عقيلته لمركز إيواء الشهيد باسل الأسد للتأهيل والتدريب التربوي واطمئنانهما على أحوال القاطنين فيه، وفي رده على سؤال لـ«الوطن» حول رسالة سيادته للمجتمع المحلي الذي أظهر تكاتفاً غير مسبوق، قال الرئيس الأسد: «دائماً أقول يجب أن نأخذ الرسائل من المجتمع المحلي لا أن نعطي رسائل، نحن جزء من هذا المجتمع المحلي، أنا أنتمي له ولا أستطيع أن أرسل له أو يرسل لي رسائل هذا أولاً، ثانياً لو كنا نتعامل مع الناس بالرسائل لما نزلنا بين الناس، نحن نريد أن نكون مع الناس لأن هناك شيئاً تلمسينه، فالعلاقة المباشرة.. شعور، معنويات، حاجات، تفاصيل كثيرة، لا يمكن أن تلمسيها بالطرق الرسمية، وهذا شيء طبيعي، لذلك أنا لا أتعاطى مع الناس بالرسائل وإنما بالعلاقة المباشرة، هذه طبيعة علاقتي مع الشعب السوري، أنا جزء منه».

وفي تصريحات لوسائل الإعلام خلال الجولة، ورداً على سؤال حول الفجوة التي ظهرت بتعاطي الغرب والمجتمع الدولي في حادثة الزلزال مع سورية قال الرئيس الأسد: «إذا كنا نتحدث عن الغرب وموقفه وموقعه بالنسبة للحالات الإنسانية، وبالنسبة للتعاطي الإنساني بغض النظر عن الزلزال، وبغض النظر عن أي حالة كارثية، فالغرب لم يغيّر موقعه، وبالعكس كل شيء ثابت بالنسبة له، فلم تُخلق فجوة لكنها ظهرت ربما لبعض من كان يعتقد بأن الغرب لديه جانب إنساني، لم تظهر فجوة، وإنما هذه الفجوة بين القيم، بين الشعوب موجودة، وأنا عندما أتحدث عن الغرب لا نقصد الغرب بالمعنى الشعبي، ولكن بالمعنى السياسي بالدرجة الأولى، وبالمعنى الأخلاقي الذي يحمله سياسيو الغرب».

 

مضمون الانتماء لا يتغير

وفي رد على سؤال حول وصفه التعاطف العربي مع السوريين في محنتهم، قال الرئيس الأسد: «الأهم من أن أصف التعاطف، أؤكد أن الشعور العربي باقٍ لدى الشعوب، لم يتغير ولم يتبدل، هذه الحالة العاطفية موجودة، أولاً نحن شعوب عاطفية، وثانياً لدينا انتماء واحد، وهذا يؤكد أن كل ما يُطرح عن غياب الانتماءات -كما يحاول البعض أن يسوّقها- موجود في أماكن مختلفة بالغرب أكثر من هذه المنطقة، ولكن هناك تسويق لفكرة أن الانتماءات لم تعد موجودة كما كنا نفكر في السابق، ربما يتغير شكل الانتماء، لكن مضمون الانتماء لا يتغير، فهذه الحالة التي نراها من تعاطف شعبي قبل الرسمي هي حالة طبيعية، ويجب أن نبني على هذه الحالات، ويجب أن نفهم ونتعمق بالتفكير لكي نتجاوز كل ما يطرح في الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي والبروباغندات العالمية بأن الإنسان يتحول إلى إنسان روبوت أو رجل آلي بعيداً عن العواطف، بعيداً عن الانتماءات وعن المبادئ والأخلاقيات، هذا غير صحيح».

وحول سؤال عن اجتماعه والسيدة عقيلته مع غرفة العمليات في حلب أول من أمس، والمطلوب في المرحلة القادمة لتحقيق هدف الانتقال من الاستجابة الطارئة إلى الاستجابة الدائمة لمعالجة تداعيات الزلزال، قال الرئيس الأسد: «نحن نبحث دائماً في قلب المشاكل القاسية أو الصورة المظلمة عن نقطة ضوء، وهذه القاعدة عامة في أسلوب عملنا وخاصة بعد الحرب، لدينا عدد كبير من المشاكل، جزء منها متراكم عبر عقود، وجزء منها مرتبط بالحرب، وجزء منها مرتبط بالزلزال، هل نعالج كل واحدة على حدة أم نجمع المشاكل مع بعضها، هذا أولاً، هذا كان هدفاً من أهداف الاجتماع بحلب، الجانب الآخر هل نفكر بأن نتعامل مع الحالة الإنسانية فقط وإنقاذ ما تم خلال الأيام الماضية ولاحقاً المأوى والطعام والاحتياجات الأخرى أم ننتقل لما هو أبعد من ذلك لكي نعيد الإعمار ونعيد التنمية بشكل أفضل مما كان قبل الزلزال وقبل الحرب، هذا هو مضمون النقاش فنحن عندما نقوم فقط بالمناقشة وبالاستجابة وبالتعامل مع الحالة الراهنة نحن نضيّع فرصة كبيرة جداً، وهذا كان هو الهدف الأساسي للاجتماع».

لن ننسى

كما تفقد الرئيس الأسد والسيدة أسماء موقع البناء المنهار في شارع المالية بمدينة جبلة، واطمأنا على المصابين ضحى نور اللـه وابنها إبراهيم زكريا اللذين تم انتشالهما مساء أول من أمس بعد خمسة أيام قضياها تحت الأنقاض في المدينة.

وفي تصريح للصحفيين أكد الرئيس الأسد خلال اطلاعه والسيدة أسماء على عمليات الإنقاذ وإزالة الأنقاض في حي الغزالات بمدينة جبلة أن من خطط الحكومة أن تتم دراسة كل الأوضاع الأولوية كانت بالدرجة الأولى لإنقاذ الأحياء، أما الأولوية الثانية هي لدراسة وضع الأبنية المتصدعة وغيرها، لاحقاً تأتي تداعيات أخرى لكن الأولوية خلال الأيام الماضية كانت هي الأحياء، ستبدأ المؤسسات المعنية طبعاً بدراسة كل هذه التفاصيل، لا يمكن أن نعطي جواباً قبل الدراسة، إن شاء الله قريباً ستكون هناك أجوبة عن كل شيء.

والتقى سيادته برفقة السيدة أسماء فرق الإنقاذ السورية والروسية في حي الغزالات، وحسب وكالة «سبوتنيك»، قدم الرئيس الأسد شكره لرجال الإنقاذ الروس، على مشاركتهم في إزالة آثار الزلزال المدمر، مؤكداً أن الشعب السوري لن ينسى أبداً مساعدة روسيا لهم في هذه المحنة.

كما نقلت قناة «الميادين» عن الرئيس الأسد قوله خلال لقائه فرق الإنقاذ السورية والروسية: إن «الرئيس لا يوجّه رسائل إلى الشعب بل يتلقى الرسائل من شعبه، ليعيد تطبيقها»، مضيفاً: «رسالتنا اليوم هي العمل المخلص والصادق».

وأشار الرئيس الأسد إلى أن «الازدواجية الغربية اليوم، ليست جديدة، وهي بديهية وموجودة منذ 6 قرون»، وشكر الحكومة الروسية لمساعدتها الشعب السوري في هذه المحنة.

ورداً على سؤال حول قراءته للهبة الشعبية السورية الغيورة التي تلت الزلزال وكيف يمكن أن نبني عليها في المستقبل، قال الرئيس الأسد: «دخلنا في حرب 12 عاماً وقرأنا أنفسنا بشكل جيد، كيف نغار على الوطن؟ كيف لا نتنازل عن المبادئ؟ فلا يجوز أن تكون هذه الحالة هي حالة لقراءة لشعب وكأننا لا نعرف أنفسنا كسوريين، إن لم نكن نحن من يدافع عن أنفسنا وعن بلدنا في الظروف المختلقة سواء كانت الحرب أم الزلزال أم أي كارثة أخرى من يدافع؟ هل ننتظر من الآخرين؟ فإذاً لا يجوز أن نتحدث عن قراءة ما قام به الشعب، نحن نعرف أنفسنا جيداً وفي أي أزمة ستمر يجب أن نتوقع مثل ما رأينا وأفضل بكثير.

حلب

أول أيام الجولة بدأها الرئيس الأسد والسيدة عقليته أول من أمس الجمعة من مدينة حلب، حيث اجتمعا صباح أمس بأعضاء غرفة العمليات في مدينة حلب، والتي تضم الجهات الحكومية والمنظمات والجمعيات الأهلية والفعاليات التجارية والصناعية القائمة على إدارة ملف الإغاثة في مناطق حلب المتضررة من الزلزال.

وأتى الاجتماع في ظل انقضاء خمسة أيام على الزلزال المدمر الذي ضرب سورية في الـ 6 من شهر شباط الجاري، حيث لا بد من الانتقال الآن من الاستجابة الأولية الطارئة التي انطلقت بها الدولة والمجتمع إلى الاستجابة المنظمة لمعالجة تداعيات وآثار الزلزال.

واستمع الرئيس الأسد والسيدة أسماء من أعضاء الغرفة إلى توصيف للواقع الراهن إثر الزلزال والأبنية التي تهدمت بشكل مباشر، وعدد الضحايا الذي نتج عن هذا الدمار، والآلية التي تم وضعها سواء لجهة إزالة الأنقاض وانتشال الضحايا والمصابين، أم لجهة الاستجابة الطارئة من أجل توفير مواد إغاثية للأهالي الموجودين في مراكز الإيواء.

وبين أعضاء غرفة العمليات أنه تم القيام بجرد ميداني سريع ومباشر لوضع قوائم بأسماء الأهالي الذين يحتاجون إلى الإغاثة، وتقسيم المدينة إلى قطاعات من أجل تسهيل العمل، ونتج عن هذا الجرد وضع قاعدة واحدة للبيانات من أجل تحديد الفئة المستهدفة، وتصنيف الأشخاص بين المتضررين بشكل كلي أو جزئي وبالتالي تحديد الاحتياجات، إضافة إلى التنسيق مع الجهات الهندسية لتقييم واقع الأبنية.

الرئيس الأسد في نقاشه مع أعضاء الغرفة قال: «نحن نعلم محبة أهل حلب لمدينتهم، وهذه نقطة قوة تستند إليها مؤسسات الدولة في عملها خلال الأزمات»، واعتبر سيادته أن الدعم الحكومي في هذه الأوقات يصبح من دون قيمة إن لم يكن مستنداً إلى رؤية أهلية ومحلية تقوم بشكل أساسي على تحديد الأولويات للاحتياجات.

وأشار الرئيس الأسد إلى أهمية التفكير بشكل منهجي، كي تكون لدينا خلال الأيام المقبلة خطة بالمشاريع التي يمكن أن تساعد حلب على النهوض بعد كارثة الزلزال، واستغلال خطط التعافي من الكارثة لوضع رؤى تنموية تخدم المدينة من دون التوقف عند آثار الكارثة فقط، مؤكداً على أهمية وضع جدول زمني مع تحديد مسؤولية ومهمة كل جهة بدقة.

بدورها أشارت السيدة أسماء الأسد إلى أنها لمست خلال الجولة التي قامت بها مع الرئيس الأسد على عدد من المناطق في مدينة حلب التعاضد والتكافل بين أهاليها، واعتبرت أن أهالي حلب أصبح لديهم خبرة كبيرة في التعامل مع الأزمات بعد 12 سنة من الحرب القاسية على مدينتهم، لذا فإنهم قادرون على التعامل مع كارثة الزلزال ومعالجة تداعياتها.

كما التقى الرئيس الأسد والسيدة أسماء بعدد من الفرق التطوعية التي تعمل في عمليات الإنقاذ والإغاثة في مدينة حلب، والتي انضم إليها أشخاص من مختلف المحافظات، وأشادا بجهودهم ومساهمتهم مع الجهات الحكومية من أجل معالجة تداعيات الزلزال، وإغاثة المناطق المتضررة.

وفي اليوم الأول من الجولة في مدينة حلب تفقد الرئيس الأسد والسيدة أسماء الأسد أوضاع المتضررين جراء الزلزال في محافظة حلب وعمليات الإنقاذ المستمرة في عدة مناطق.

وفي أول محطة لهما في حلب توجه الرئيس الأسد والسيدة أسماء الأسد إلى مشفى حلب الجامعي للاطمئنان على حالة المصابين والمتضررين من الزلزال، واستمعا منهم إلى أوضاعهم واحتياجاتهم.

كما استمعا من الكوادر الطبية إلى طبيعة الدعم الطبي الذي تم تقديمه للمصابين والتحديات التي واجهتهم في محنة الزلزال غير المسبوقة.

وقال الرئيس الأسد مخاطباً الأطباء والكوادر العاملة في المشفى: «كل الأزمات التي مررنا بها استطاعت سورية أن تحمل نفسها وتحمل آلامها بفضل كوادرها، لكن في هذا الزلزال وهو أول كارثة تحدث من نوعها، شاهدنا الكثير من البطولات، كلنا نوجه الكاميرات على أعمال إنقاذ طبيعي لأننا دائماً نخاف على كل شخص يمكن أن تكون الساعات الأخيرة في حياته، رحم اللـه كل من رحل والشفاء للجرحى، لكن ننسى دائماً الأبطال الذين يعملون في الظل ولا نشاهدهم في الإعلام، وهم الكادر الطبي، وما سمعناه الآن من المرضى المكلومين الذين فقدوا عائلاتهم لكنهم بمعنويات عالية، ولم نسأل أي أحد منهم عن الوضع إلا وكان جوابه الحمد لله كل شيء مؤمن، هذا الفضل لكم، هذه هي الوطنية وهذه هي البطولة، وهذا هو الصمود، وهذه هي سورية، وهذه هي حلب».

كما اطلع الرئيس الأسد على العمليات المستمرة للإنقاذ ورفع الأنقاض والدمار في حي المشارقة بمدينة حلب وقال لرجال الدفاع المدني الذين يقومون بعمليات البحث والإنقاذ: «في الأيام الماضية حققتم بطولات إضافية، هذه هي الصورة الحقيقية لبلدنا، فالأزمات في سورية أظهرت حقيقة المواطن السوري الذي لا يتخلى عن بلده، وأنتم أصبحتم مقاتلين مثلكم مثل أي محارب في المعركة».

وقال الرئيس الأسد لوسائل الإعلام في أحد مواقع إزالة الأنقاض وانتشال المصابين في مدينة حلب: «يقال إن الغرب أعطى أولوية للسياسة على الحالة الإنسانية، هذا الكلام غير صحيح، لكي يعطي أولوية لحالة على أخرى لا بد أن تكون كلتا الحالتين موجودتين، الحالة السياسية موجودة لكن الحالة الإنسانية غير موجودة لدى الغرب، أن يكون هناك تسييس للوضع هو الشيء الطبيعي، أما الشعور الإنساني فغير موجود، لا الآن ولا في الماضي، لا خلال الاستعمار الحديث ولا بعده ولا قبله، الاستعمار منذ 600 عام يقوم على قتل وسرقة ونهب الشعوب».

وزار الرئيس الأسد والسيدة أسماء مركزين لإيواء المتضررين من الزلزال في كل من جامع زين العابدين وكنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس في مدينة حلب واطمأنا على حالة العائلات الموجودة فيهما.

وتقديراً للجهود الأهلية والمجتمعية ودورها الكبير في معالجة تداعيات الزلزال زار الرئيس الأسد والسيدة أسماء المطبخ الميداني الذي أقامته جمعية ساعد في حلب لإعداد وجبات الطعام والتي تصل إلى ثلاثة آلاف وجبة يومياً، وتوزيعها على المتضررين من الزلزال.

كما زارت السيدة أسماء مدرسة غرناطة الحكومية الابتدائية التي يقيم فيها حالياً عدد من العائلات المنكوبة من الزلزال، يتم تأمين احتياجاتهم بجهود تشاركية حكومية وأهلية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن