شؤون محلية

فاجعة السوريين و«إنسانية» الغرب الزائفة

| هني الحمدان

انتشلت سورية ضحاياها من تحت الركام، كانت الفاجعة كبيرة مابين زلزال مدمر وحصار اقتصادي أكثر تدميراً، وبعد كل ما حصل برز النفاق الدولي والإنسانية المجزأة، ظهرا بأبشع صورهما منذ اللحظات الأولى لوقوع الفاجعة. لقد دمر الزلزال كل شيء وعرّى بعض الدول وإنسانيتها الزائفة، دمّر ما صدعته العقوبات على سورية، لكنه لم ينجح في تحريك ضمائر العديد من دول العالم تجاه حجم مأساة كبرى كتلك التي حلّت بسورية، غابت إنسانيتهم وانطفأت حماسة شعوب ودول تدّعي الإنسانية لم تحرّك ساكناً ولم ترسل أي شيء من شأنه انتشال سوريين ظلّوا أسبوعاً كاملاً تحت الركام، رأت كيف كان ينبش السوريون الأنقاض بأصابعهم لانتشال أطفالهم وأحبتهم مع بعض المنقذين من بعض دول عربية وصديقة مشكورة، لكن كانت مواقف وتدخلات دول عدة مخجلة وبعيدة عن أي عرف إنساني.

انصاعت دول عدة، وللأسف منها عربية، وهذا ما يحزّ في النفوس وهو أكثر إيلاماً، انصاعت لأوامر أميركا ونفذت تعليماتها بدقة، برغم تلاعب الأخيرة وإصدارها بنوداً عن رفع حظرها مشروطاً بمدة ستة أشهر، بعد أن تعرّت أمام الرأي العام ولكسب بعض من ماء وجهها المفقود.

لقد عرقلت أميركا، بعقوباتها وتدخلاتها وعلاقتها مع عديد من دول العالم، أي مسعى لانتشال عشرات العالقين تحت الركام، ولاشك أن فرص نجاتهم تضاءلت مع مرور الوقت، لقد أعاقت وصول أي تجهيزات أو مساعدات لإنقاذ السوريين، وحتى وقت وقوع الكارثة لم تحرّك ضمائر تلك الدول مشاهد الدمار وانتشال الأطفال والكبار، ويتشدّقون بالعدل والإنسانية والحرّيات..!

فعل الحصار الأميركي الأوروبي على سورية فعله، ليس فقط أثناء حصول الزلزال، بل منذ أكثر من عام، تراجع الإنتاج وتراجع الاقتصاد وتأثرت البنى التحتية والخدمية، جراء عدم السماح بإدخال أي قطعة أو مادة أو سلعة، حصار فوق الحصار وغلاء وتضخم، ويسوّقون لعبارات محبتهم لحرية ورخاء الشعوب، وهم صانعو ومدمرو أي نهضة لأي شعب، حاربوا السوريين بلقمة عيشهم تحت مسوّغات وأباطيل ليست موجودة، وعندما غضبت الطبيعة انكشفت عوراتهم ومبادئهم الزائفة..!

لقد كان الضرر الاقتصادي كبيراً، مع الأهمية القصوى لأي أضرار شخصية ونفسية وفقد أناس أبرياء، ما يهمّ هنا الإشارة إلى حجم خسائر الأصول والبنى التحتية كالمنازل والمدارس والمعامل والطرق والجسور والمنشآت بكل تصنيفاتها، وفقدان الأيدي العاملة وتشريد آخرين إلى أماكن أخرى. كل ذلك يرتب اعتمادات ولحظ حسابات جديدة مفروضة لم تكن محسوبة، فأي سياسة وما الإجراءات الاقتصادية التي ستعقب الكارثة..؟ إذ إن كل ما يأتي بعد الكوارث يكون أكثر تعقيداً وصعوبة، فكيف المآل إذا كان الوضع أصلاً صعباً..؟

إن إعادة بناء الأصول التي دمّرت وتعويضها وإيجاد سبل عيش أو بناء منشآت خدمية جديدة يلزمه فعل تدابير، وسنّ سياسات جديدة تدعم الاقتصاد وتكفل الرعاية، فمهما كانت النجدات والدعم مهمين فسرعان ما تنتهي مفاعيلهما. سورية شأنها شأن دول أخرى، لم تلحظ في ميزانياتها السنوية الاعتمادات اللازمة لمواجهة أي كوارث بذلك المستوى التي تتعامل معه دول متقدمة، كصناديق الفواجع والكوارث الطبيعية التي تتدخل بأوقات النكبات.

لقد زاد الزلزال المدمر من حدّة المأساة السورية جراء حرب عاصفة وحصار جائر وتراكم أزمات عصفت بكل مكونات الشعب، وبعد كل المآسي هل يستفيق ضمير دول العالم؟ يبدو أنه قد مات!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن