سورية

ما قامت به «الخزانة الأميركية» بخصوص العقوبات على سورية نفاق وجاء تحت تأثير ضغط الرأي العام العالمي … السفير سبحاني لـ«الوطن»: سورية وإيران أثبتتا أنهما تقفان إلى جانب بعضهما بعضا

| سيلفا رزوق

أكد سفير إيران في سورية مهدي سبحاني أنه ومنذ الساعات الأولى لوقوع الزلزال في سورية تحرك الجانب الإيراني باتجاه معرفة ما تحتاجه الحكومة السورية والشعب السوري في هذه المحنة، وحرص أن تصل أول طائرة مساعدات محملة بالمواد الإغاثية والطبية الضرورية اللازمة لمثل هذه الظروف، حيث حطت أول طائرة في مطار دمشق الدولي مساء يوم الإثنين.

وفي مقابلة مع «الوطن» بيّن السفير سبحاني أن إيران قدمت مساعداتها وفق القوائم التي زودت بها وزارة الخارجية والمغتربين السفارة الإيرانية، ومن ضمنها إضافة للمساعدات الإغاثة، حليب مجفف للأطفال وأغذية مجففة وأدوية، كما حضرت فرق الإنقاذ والإغاثة الإيرانية، وعمل المستشارون العسكريون الإيرانيون على تقديم المساعدة ومنها توزيع الوقود والأدوية للمتضررين في حلب واللاذقية، وقال: «نعمل ليل نهار ونبذل جهودنا للتخفف من معاناة المتضررين جراء الزلزال، والمسؤولون الإيرانيون مهتمون لأقصى الدرجات بمساعدة سورية، ودمشق وطهران أثبتتا أنهما في كل المنعطفات التاريخية وكل المصائب والآلام تقفان إلى جانب بعضهما بعضاً».

ولفت سبحاني إلى أن بلاده قامت بزيادة تصدير النفط إلى سورية هذا العام مقارنة بالعام الماضي، كما قامت منذ بداية الشتاء بهذه الزيادة، لكن وبسبب بُعد المسافة بين البلدين والمشاكل بالنسبة لنقل المحروقات قد يحصل أحياناً بعض التأخير في وصول الناقلات، مبيناً أن بلاده تقوم إضافة إلى تزويد سورية بالنفط الخام فإنها تزود سورية بالغاز السائل، وهي تعمل على مساعدة الشعب السوري قدر المستطاع، وأي نوع من زيادة التصدير أو بيع النفط وشراء النفط والوقود يجب أن يحصل في إطار فني وإطار التعاون الثنائي بين البلدين، وقال: «أنا من خلال جريدتكم أدعم حصول اتفاق بين البلدين للوصول إلى الكمية التي تحتاجها الحكومة السورية وهناك إمكانية لرفع مستوى التبادل والتعاون في هذا الإطار».

ولفت سبحاني إلى أن إيران على اتصال مستمر ودائم مع المسؤولين السوريين، ورئيس منظمة الهلال الأحمر، ووزير الإدارة المحلية حسين مخلوف، وكذلك مع كل الأجهزة والهيئات السورية، وهي وضعت كل إمكاناتها في هذا المجال، وتابع: «كما تعرفون حصل منذ فترة قريبة زلزال في مدينة خوي الإيرانية وترك ضحايا وجرحى في هذه المدينة، وتدمرت بعض البيوت والأبنية لذلك تم استخدام قسم من إمكاناتنا في هذه المدينة، ورغم ذلك وخلال ساعات من حدوث الزلزال سارعنا لمساعدة الشعب السوري في هذه الكارثة المؤلمة».

سبحاني لفت إلى أن إيران تعاني كما تعاني سورية من العقوبات، وبالنسبة لقرار الخزانة الأميركية الذي قالت فيه إنها خففت العقوبات اعتبر سبحاني أنه خطأ كبير الترويج بأن أميركا خففت العقوبات وكأنه من حق أميركا فرض العقوبات، واليوم من حقها تخفيفها، معتبراً أن السبب وراء التحرك الأميركي- الغربي هو تعرضهم للضغط الشديد من قبل الرأي العام العالمي الذي أشار إلى تأثير هذه العقوبات على إمكانية مساعدة السوريين، واصفاً الخطوة الأميركية بالنفاق.

وقال: «اليوم تضرر الشعب السوري من هذا الزلزال المدمر، وإلى الذين يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان نسألهم من هم المتضررون؟ أليسوا الشعب السوري، الآن حان وقت اختباركم ومن المفروض أن تأتوا وتبينوا صدقكم، أين هي الدول الأوروبية»؟

وأضاف: «أقول لهم أنتم تفرضون من جهة العقوبات على سورية ومن جهة أخرى تقولون إنكم خصصتم المساعدات الإنسانية وتقومون بأنفسكم بتوزيعها للشعب السوري، كيف يمكن تقديم المساعدات من دون التنسيق مع الحكومة السورية، هذا الأمر بمثابة تدخل سافر في شؤون دولة أخرى ولا يجب فعل ذلك».

وفيما يلي نَص المقابلة:

• كيف تعاملت إيران مع كارثة الزلزال الذي وقع في سورية؟

بداية أُعزّي سورية حكومةً وشعباً بهذا الزلزال الأليم الذي أدى إلى فقدان الكثير من الضحايا وكذلك نزوح وتشريد الكثير من العائلات، وأتعاطف مع أُسر الضحايا وكل المتضررين بالنسبة لهذا الزلزال.

وكذلك أود اغتنام هذه الفرصة وأعبّر عن التهاني بمناسبة اليوم الوطني الإيراني وأحيي هذه الذكرى، ذكرى انتصار الثورة الإسلامية المجيدة وأبارك للجالية الإيرانية في سورية، وكل المواطنين الإيرانيين، وكذلك كل محبي الثورة الإسلامية والأحرار في العالم، ولهذه المناسبة وتعاطفاً مع الشعب السوري وأُسر الضحايا وكذلك الحكومة السورية، نحن قمنا بإلغاء الاحتفال باليوم الوطني الذي كان من المقرر إقامته في مدينة حلب ودمشق يوم الأحد الفائت، وذلك احتراماً لأرواح الضحايا ولسورية حكومةً وشعباً.

نحن وبعد ساعات من وقوع الكارثة بدأنا نشاطاتنا والتقينا وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد صباح يوم الإثنين، واستلمنا من معاليه قائمة من احتياجات الشعب السوري في هذه الظروف، وبعد ساعات التقينا معاون وزير الخارجية أيمن سوسان، واستلمنا منه أيضاً احتياجات المتضررين واحتياجات الحكومة السورية في هذه الظروف، ونقلنا هذه القوائم للمسؤولين في طهران وأخبرناهم بتفاصيل هذه الكارثة، واستمرينا بالتواصل مع المسؤولين بإيران، وكنا ولا نزال على اتصال مستمر ودائم مع المسؤولين السوريين ورئيس منظمة الهلال الأحمر ووزير الإدارة المحلية حسين مخلوف، وكذلك مع كل نقاط الاتصال بيننا وبين الأجهزة والهيئات السورية، ونحن وضعنا كل إمكاناتنا في هذا المجال.

في اليوم الأول لحدوث الزلزال تحدثت مع رئيس منظمة الهلال الأحمر الإيراني وزودناه بالقائمة التي استلمناها من الجانب السوري وطلبنا منهم الإسراع بإرسال طائرة فوراً إلى سورية.

والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي اتصل مع الرئيس بشار الأسد مُعزّياً، ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان اتصل أيضاً مع نظيره السوري وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد، حيث أكد عبد اللهيان استعداد إيران لمساعدة المتضررين من هذا الزلزال ونجحنا بإعداد طائرة كبيرة في اليوم نفسه، ووصلت الطائرة ليلاً وعلى متنها 45 طناً من المساعدات المختلفة من مواد غذائية وطبية وإغاثية إضافة لمستلزمات يحتاجها المتضررون.

من اليوم الأول نسقنا مع الوزير حسين مخلوف، واتخذنا قراراً بتقسيم طائرات مساعدات بين المطارات الثلاثة دمشق واللاذقية وحلب باعتبار أن الزلزال حدث في المناطق الشمالية، واتخذنا هذا القرار لأنه كان من الضروري نقل حمولات المساعدات للمدن المنكوبة والمتضررة، ووصلت حتى الآن 7 طائرات محملة بالمساعدات، وهناك جسر جوي بين إيران وسورية وكانت حمولة كل طائرة من هذه الطائرات تتراوح من 19 طناً إلى 45 طناً، وهذه الحمولات تتضمن كل ما يحتاجه السوريون وفق ما زودتنا به الحكومة السورية، وبالنسبة للحليب المجفف والأغذية المجففة والتي يحتاجها الأطفال في هذه الظروف قمنا بإيصالها أيضاً إضافة للأدوية، كما وصل فريق الإغاثة والإنقاذ من جانب الهلال الأحمر الإيراني، وهم مستمرون في إغاثة الأشخاص وهذا الفريق وصل إلى سورية بعد ساعات من وقوع الزلزال، بالإضافة لذلك قمنا بتعبئة إمكاناتنا على الأراضي السورية لإغاثة المتضررين من هذا الزلزال.

ونحن استخدمنا إمكانات مستشاريتنا العسكرية لتوزيع الوقود والأدوية والطعام للمتضررين، وحتى الآن قمنا بتوزيع أكثر من 190 ألف ليتر وقود في محافظة اللاذقية بالتنسيق مع المحافظة، وكذلك تزويد حلب بـ59 ألف ليتر من وقود الديزل، وحماة 50 ألف طن من الوقود و25 ألف ليتر من البنزين للسيارات الإغاثية وسيارات الإسعاف.

وقمنا بإعداد الوجبات الغذائية والسلل الغذائية في هذه المحافظات ويومياً يتم توزيع 25 ألف سلة غذائية في حلب بالتنسيق مع المسؤولين المحليين وكذلك في محافظتي اللاذقية وحماة وكل ذلك يتم بالتنسيق مع المسؤولين المحليين.

إننا نقدم في مدينة حلب المساعدات الطبية والعلاجية في طابق بأحد مستشفيات حلب، حيث قمنا بتجهيز هذا الطابق بالتعاون مع الطاقم الطبي السوري ونزودهم بالأدوية والمعدات الطبية اللازمة، ورئيس الوزراء حسين عرنوس زار هذا المستشفى وتفقد هذا الطابق وشكر الجانب الإيراني على هذه الخدمات المقدمة، ونحن ليلاً ونهاراً نبذل جهودنا لنخفف من معاناة المتضررين جراء هذا الزلزال المدمر.

وكما تعرفون حصل منذ فترة قريبة زلزال في مدينة خوي الإيرانية وترك ضحايا وجرحى في هذه المدينة وتدمرت بعض البيوت والأبنية في هذه المدينة، لذلك تم استخدام قسم من إمكاناتنا في هذه المدينة، ورغم ذلك وخلال ساعات من حدوث الزلزال سارعنا لمساعدة الشعب السوري في هذه الكارثة المؤلمة.

المسؤولون الإيرانيون مهتمون لأقصى الدرجات بمساعدة سورية، وقائد الثورة الإسلامية الإيرانية علي خامنئي أكد خلال خطابه أمام قادة القوات الجوية الإيرانية بشكل خاص على موضوع الزلزال، والتعاطف مع الشعب السوري في هذا المُصاب، وأكد على مساعدة السوريين في هذه الظروف، وهذا مؤشر على العلاقات العميقة مع سورية، وأن إيران وسورية في كل المنعطفات التاريخية وكل المصائب والآلام تقفان إلى جانب بعضهما بعضاً.

• ماذا عن إمكانية أن ترفع إيران نسبة تزويد سورية بالمشتقات النفطية في ظل هذه الظروف لاسيما أن سورية تعاني أصلاً من شُح بالوقود؟

كما تعرفون فإن سورية تعاني من شُح الوقود والمحروقات، ونحن قمنا بزيادة تصدير النفط لسورية هذا العام مقارنة بالعام الماضي ومنذ بداية الشتاء قمنا بهذه الزيادة، ولكن تعرفون بالنسبة لبُعد المسافة بين البلدين والمشاكل بالنسبة لنقل المحروقات قد يحصل أحياناً تأخير في وصول الناقلات، وإضافة لتزويد سورية بالنفط الخام نزوِّد سورية بالغاز السائل ونحن نساعد الشعب السوري قدر المستطاع.

أي شيء يخص زيادة التصدير أو بيع النفط وشراء النفط والوقود، يجب أن يحصل في إطار فني وإطار التعاون الثنائي بين البلدين، وأنا من خلال جريدة «الوطن» أدعم حصول اتفاق بين البلدين للوصول إلى الكمية التي تحتاجها الحكومة السورية، وهناك إمكانية لرفع مستوى التبادل والتعاون في هذا الإطار.

نحن نتمنى أن يغادر المحتلون الأراضي السورية، وأن يتمكن السوريون من استثمار ثرواتهم ونفطهم الخاص.

• ماذا عن تأثير العقوبات الغربية المتواصل على عمليات الإغاثة والإنقاذ وما قامت به الولايات المتحدة مؤخراً من تجميد مؤقت لبعض عقوبات «قانون قيصر»؟

نحن في إيران من ضمن ضحايا العقوبات الجائرة ونُدينها بأشد العبارات بما أن الأبرياء هم ضحايا هذه العقوبات فقط، أنا لا أريد استخدام كلمة تخفيف العقوبات، لأن هذا يعني بأنه يحق للدول الغربية فرض العقوبات والآن يحق لهم القيام بتخفيفها، هم أخطؤوا خطأ كبيراً والآن هم تحت ضغط الرأي العام، الذي أشار إلى تأثير هذه العقوبات على إمكانية مساعدة السوريين، واليوم وبكل نفاق يتخذون هذه الخطوة.

يمكنكم المقارنة بالنسبة للمنظمات والدول التي سارعت لمساعدة تركيا وهناك أكثر من 80 دولة ومنظمة تقوم بتقديم المساعدات الإنسانية وإغاثة الشعب التركي في هذه الظروف، بالمقابل فإن هناك ربما 10 بالمئة من هذه الدول تساعد السوريين والسبب وراء ذلك هي العقوبات الأميركية والغربية.

وبما أنه تم فرض العقوبات على كل المساعدات المالية والاستثمارية وكذلك تزويد سورية بالوقود، فإن الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية تعاقب كل من يساعد سورية في مثل هذه المجالات، وبالتالي هذه الدول تخاف تقديم المساعدات للشعب السوري وإيصال طائرات المساعدات، فالعقوبات الأميركية هي السبب والمانع الرئيسي وراء تقديم المساعدات إلى سورية.

أنا دائماً أتحدث مع المسؤولين والسفراء الغربيين والأوروبيين، وهم يقولون إنهم خصصوا مساعدات إنسانية وإغاثية في برلماناتهم لتقديمها للشعب السوري، وأنا أرد بأن عليكم رفع العقوبات عن الحكومة السورية، وبعد ذلك ستتمكن الحكومة السورية والشعب السوري من تلبية حاجاتهما بنفسهم.

أقول لهم أنتم تفرضون من جهة العقوبات على سورية ومن جهة أخرى تقولون إنكم خصصتم المساعدات الإنسانية وتقومون بأنفسكم بتوزيعها للشعب السوري، وكيف يمكن من دون التنسيق مع الحكومة السورية توزيع هذه المساعدات، هذا الأمر بمثابة تدخل سافر في شؤون دولة أخرى ولا يجب فعل ذلك.

إيران وسورية أثبتتا بأنهما في كل المنعطفات التاريخية يساعدان بعضهما بعضاً، أليس الشعب السوري هو من المتضررين من هذا الزلزال المدمر؟ وإلى الذين يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان نسألهم من هم المتضررون؟ حان وقت اختبارهم والآن من المفروض أن يأتوا ويظهروا صدقهم، أين هي الآن الدول الأوروبية؟

هم يقولون إننا ساعدنا ونحن نقول لهؤلاء المسؤولين الأوروبيين، ومنهم مندوب الصليب الأحمر الدولي، تدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان والآن مئات الأبنية دُمرت في حلب واللاذقية وإدلب وحماة، من هي الدول التي تساعد اليوم في رفع الأنقاض في المحافظات المنكوبة؟ أين هؤلاء الغربيون؟ هؤلاء معتادون على إصدار القرارات والبيانات.

نحن أثبتنا دائماً أننا أصدقاء حقيقيون للشعب السوري، وكذلك بالنسبة لهذه المساعدات هم يريدون الاشتغال على «البروبوغندا» بأن إيران لا تقدم أي مساعدة للسوريين، والشمس لن تغيب خلف السحاب بل ستظهر، الشعب السوري يرى ذلك وما تقوم به إيران في مساعدة السوريين، وهذه الطائرات التي تصل للمطارات السورية هي أمر واقع و«البروبوغندا» لا تغيّر الحقائق.

وبالنسبة للادعاءات الغربية، لدينا مصطلح لافت في إيران نقول فيه: «مع القماش الوسخ لا نستطيع تنظيف الزجاج»، الغرب يدعي أنه يساعد الشعب السوري، لكنهم كاذبون، ونحن كنا ولا نزال إلى جانب السوريين، سواء أعجب هذا الأمر العدو أم لم يعجبه، ونقول لهم كونوا منزعجين من أفعالكم.

أنا في نهاية المقابلة أتمنى ألا يرى الشعب السوري أبداً أي مصيبة أو معاناة، وإن ينعم دائماً بالصحة والفرح ونحن كنا إلى جانبكم وسنكون دائماً بجانبكم أن شاء الله.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن