ثقافة وفن

تنزفُ محابرنا

| منال محمد يوسف

تنزفُ من أنين كلّ موجوعٍ على سوريتنا الحبيبة

تنزفُ كقصيدةٍ تاهت حروفها في ليل الزلزال المدمّر

تنزفُ كما «مجدليات الوجع» وبعض أبجدياته التي تُكتبُ الآن

تُكتبُ في وطنٍ تكثرُ فيه الأوجاع، هذا الوطن الذي ينزفُ قهراً على «أحباء هذه الأرض الطاهرة»

وتنزفُ محابرنا

من عيني طفلة تُحاول أن تقوم من «ركام الزمن» تحاول أن تحمي أخيها من «صخرة الأيام» التي تكاد أن تقع عليه

وتنزفُ أقلامنا

من صرخة أم ثكلى تنادي على من بقي من أطفالها ولا تجد إلا «صوت العصف المأكول»

وتنزفُ محابرنا من حزنٍ لا يمكن أن يلتئم بين رفّة عين وأخرى

لا يمكن أن ننسى كيف كانت الأرض تهتزُ بنا؟

كيف جاء الزلزال ليبتلع ما تبقى لنا من أمنياتٍ؟ كيف جاء ليقتل آخر سنبلات القمح في هذا الوطن الحزين؟

وتنزفُ محابرنا

تنزفُ في وقتٍ تكتظُ الشوارع «بجنازات الأحبة» تكتظُ بصرخات تشتكي «ويلات ما حصل» تشتكي من نزفٍ غائر الجرحِ يضعنا بين قابيّ الموت أو الحياة

وتنزفُ أقلامنا

تنزفُ في بضع أيام تأتي وكأنّها أصبحت «مُضافة الحزن والأحزان» مُضافة الآمال التي ما تزال تبحثُ عن ناجين عن من يشبهون «طائر الفينيق» سينهضون وننهضُ معهم من تحت ركام هذا الزمن

وتنزفُ محابرنا

في وقتٍ أصبح الوجع ذاك البحر الهائج الذي يأتي إلينا من كلّ حدبٍ وصوبٍ، يأتي ليذكّرنا بمرثيات سنوات الحرب وسنبلاتها العجاف

ويُضيف إلى «روايات الحرب فصولاً جديدة» وقد يمتثل أبطالها ويسمّون «بأبناء الوجع الحقيقي» أبناء الكوارث الذي تخجلُ الأقلام من صبرهم، ومن قوّة جأشهم، تخجلُ من أرواحٍ تستفيقُ من تحت الركام لتروي لنا مئات القصص التي دُفنتْ مع أصحابها..

وتنزفُ محابرنا

في «وطنٍ لا يمكن أن يُضيع بوصلة الحياة رغم الأوجاع» لا يمكن إلا أن يستفيق رغم جراحاته، رغم حزنه الشديد على أطفال ما زالوا تحت «ركام الزمن» ما زالوا يصرخون برداً

يصرخون جوعاً، وأملاً في الحياة الكريمة

وما زالت محابرنا تنزفُ

وتكتبُ رغم «أوجاع الزلزال» تكتبُ سِفراً آخر من التحدي

وتحاول أن تُمزّق «أكفان ما حصل» وتنهض من تحت ركام الأيام…… ومن تحت ركام هذا الزلزال المدمّر

تنهضُ.. وننهض معها «كطائر الفينيق من تحت أوجاعنا» ونُلقي السّلام على أرواح من رحلوا، ونكتبُ بمحابرنا «إننا نعشق الحياة رغم ما نمرُّ به من أوجاع الحرب وكل ما حصل من فاجعة الزلزال إنّنا نعشقُ الحياة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن