شؤون محلية

في اجتماع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة … قطنا من روما: سورية تحتاج الآن إلى الدعم من الجميع ومن الصندوق الدولي للتنمية الزراعية لتنفيذ مشروعات تنقذ سكان المناطق الريفية

| الوطن

مثّل وزير الزراعة محمد حسان قطنا سورية خلال اجتماعات الدورة الـ 46 لمجلس محافظي الصندوق الدولي للتنمية الزراعية «إيفاد»، التي عقدت أمس في مقر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في العاصمة الإيطالية روما، تحت عنوان «تسريع العمل لتحقيق الأمن الغذائي» وذلك في ظل الوضع الحرج الذي تتميز به الأزمات العالمية والعواقب المدمرة على نحو متزايد لتغير المناخ، والقلق العميق إزاء توفر الغذاء والوقود والأسمدة وغيرها من المدخلات والقدرة على تحمل تكلفتها.

وفي كلمة له أكد وزير الزراعة على أهمية الموضوع الرئيسي الذي تناقشه الاجتماعات فيما يخص الأمن الغذائي الذي يؤثر ويتأثر بغيره من أهداف ومقاصد التنمية المستدامة 2030، مؤكداً ضرورة أن يسعى العالم إلى بذل المزيد من الجهود نحو تحويل نظم الزراعة والغذاء لتصبح أكثر كفاءةً واستدامةً وشمولاً وقدرةً على الصمود.

وبيّن الوزير أن التحديات التي يواجهها العالم بشكل عام ومنطقة الشرق الأدنى بشكل خاص في مسألة الغذاء والأمن الغذائي في ظل الأزمات المتلاحقة، والتغيرات المناخية، أثرت سلباً ليس في إمدادات وأسعار الغذاء فقط، بل أيضاً في تأمين مستلزمات الإنتاج كالطاقة والأسمدة، الأمر الذي يقودنا إلى ضرورة وأهمية التفكير في مواجهة هذه التحديات، لافتاً إلى أن الظروف الاستثنائية التي واجهت سورية خلال العقد الماضي، تسببت في أضرار كبيرة تعرضت لها البنى التحتية الخاصة بالزراعة والري، وفي الوقت الذي يسعى العالم فيه لعدم ترك أي شخص يتخلف عن الركب، يُترك الشعب السوري اليوم عُرضةً لتحديات جسيمة لاستعادة حياته وأمنه الغذائي ويُمنع من استثمار موارده وتطوير نظمه الزراعية والغذائية في ظل التدابير القسرية الأحادية الجانب المخالفة للقانون الدولي، والتي ساهمت في تقويض أركان المسار التنموي الذي كانت سورية قد قطعت فيه شوطاً كبيراً وكانت من خلاله منخرطة في العمل الدولي نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.

وأشار الوزير إلى أن الصندوق الدولي للتنمية الزراعية يعتبر أحد أهم الصناديق التي نتطلع للاستفادة منها في سورية لتمويل عدد من المشروعات التنموية التي تم إقرارها من الحكومة السورية ضمن إستراتيجية تطوير القطاع الزراعي في سورية 2023-2030، كما نتطلع إلى تعزيز التعاون المشترك بين حكومة الجمهورية العربية السورية والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وخاصة أن سورية عانت خلال اثني عشر عاماً من الإرهاب والحصار وفقدت الكثير من مصادر الطاقة ومواردها الأرضية والمائية، حيث تضررت كل شبكات الري الحكومية والخاصة وتدهورت الأراضي الزراعية وفقد الفلاحون القدرة على إعادة تأهيل الأصول الإنتاجية المدمرة من منشآت الثروة الحيوانية ومعامل الصناعات الغذائية والآبار وشبكات الري ومعامل الأعلاف والآلات الزراعية وآبار مياه الشرب ووسائل تطوير الإنتاج الزراعي، ويعمل الفلاحون ومربو الثروة الحيوانية حالياً على استثمار مواردهم المتاحة بالحدود الدنيا وبطرق تقليدية، ليأتي بعد كل ذلك زلزال مدمر يضرب سورية وتركيا، وقد خلّف الكثير من الضحايا والدمار النفسي والجسدي والاقتصادي والاجتماعي لدى السكان.

وقال الوزير: سورية تحتاج الآن إلى الدعم من الجميع ومن الصندوق الدولي للتنمية الزراعية لتنفيذ مشروعات تنموية تهدف إلى إنقاذ سكان المناطق الريفية من محنتهم ومساعدتهم على العودة إلى الاستثمار الزراعي المأمول نحو زراعة حديثة ذكية مستدامة وتنموية، موضحاً أن الأمن الغذائي كان أولوية أولى في الدول التي تعاني من هشاشة مواردها الأرضية والمائية والاقتصادية لأسباب مختلفة منها ما يتعلق بموقعها الجغرافي ومنها ما يتعلق بتحكم دول المحيط بمواردها المائية عندما تكون المياه الدولية مشتركة، ولكن أصبح الآن الأمن الغذائي أولوية أولى في كل دول العالم، منوهاً إلى أن العامل الرئيسي لتحقيقه هو زج كل الإمكانيات المادية والفنية في المناطق الريفية التي تحتاج إلى الكثير عن مشروعات التنمية التي تمكن السكان من استثمار مواردهم بشكل مستدام وتحقق لهم القدرة على الاستمرار في تحقيق سبل العيش والتنمية المحلية المتكاملة.

وذكر الوزير أن استمرار نشوء الأزمات الجديدة من نوعها وغير المتوقعة أحياناً، سيؤدي إلى اتباع سياسات اقتصادية دفاعية لبناء الاكتفاء الذاتي من خلال استخدام غير مستدام للموارد الطبيعية المتاحة، بشكل ينذر بالخطر والوصول إلى نقطة اللاعودة في فقدان التنوع الحيوي وانهيار النظم الإيكولوجية، وما يتبعه من تراجع لنظم الزراعة وإنتاج الغذاء كماً ونوعاً، ما يهدد مستويات الأمن الغذائي خاصةً في الدول الأقل قدرةً على تمويل الاستثمارات الزراعية المستجيبة للتغيرات المناخية وحالة الموارد الطبيعية، الأمر الذي سيجلب مخاطر الركود والتحديات التنموية الاقتصادية والاجتماعية، ويفرض ضغوطاً تضخمية تواجه هذه الدول، وتنشأ نتيجة ذلك عواقب اقتصادية واجتماعية وأزمات في سبل العيش، تُفضي إلى موجات من الهجرة غير الطوعية.

وتابع الوزير: لقد آن الأوان لاتخاذ إجراءات سريعة وذات آثار مبرمجة فيما يتعلق بتحويل نظم الزراعة والغذاء، وزيادة الاستثمارات في الزراعة الذكية مناخياً، والاقتصاديات الخضراء، وزيادة الاعتماد على الابتكار والتكنولوجيا، والتحول الريفي الشامل للجميع، وإيجاد فرص العمل والدخل للفئات الأكثر هشاشة وصغار المنتجين الزراعيين من النساء والشباب وذوي الإعاقة، ومن شأن العمل على هذه المحاور معاً أن يفضي إلى ضمان وجود أنماط إنتاج واستهلاك مستدامة من خلال سلاسل قيمة زراعية وغذائية كفوءة وشاملة وقادرة على الصمود في ظل تغيرات المناخ، وبالتالي التقدم نحو القضاء على الجوع وتسريع العمل لتحقيق الأمن الغذائي، وحماية النظم الإيكولوجية وصيانتها واستدامتها، وتكون النتيجة نمواً اقتصادياً شاملاً قائماً على الحد من أوجه عدم المساواة ويصب في مصلحة جميع سكان الكوكب، وهنا يكمن الدور الأساسي والبارز للصندوق الدولي للتنمية الزراعية من خلال تعزيز بناء القدرات وتكثيف الجهود وزيادة حجم التمويل في المجالات والدول ذات الأولوية، مع التركيز على تعزيز التنمية الريفية المتكاملة، وبناء القدرة على الصمود في وجه الصدمات والضغوط وإدارة المخاطر.

وأضاف الوزير: يعتبر التعاون القائم بين سورية والصندوق الدولي للتنمية الزراعية والنجاحات الكبيرة التي تم تحقيقها في المشروعات المنفذة، أنموذجاً ناجحاً في ضوء الأثر الإيجابي على سبل عيش سكان المناطق الريفية التي تم استهدافها، بدءاً من مشروعات الاستصلاح وانتهاء بمشروع تطوير الثروة الحيوانية. ومنذ عام 1992، نجحت سورية بالتعاون مع الصندوق على مدى عقود في تسجيل نجاحات كبيرة، حيث ركز الجيل الأول من المشروعات على التنمية الزراعية واستصلاح الأراضي لزراعتها بمختلف أنواع المحاصيل والأشجار المثمرة التي وصل عددها إلى مئات الآلاف حتى عام 2011، في حين صُمّم الجيل الأخير من المشروعات لتمكين صغار المزارعين ومربي الماشية والفئات الهشة من الفقراء والنساء الريفيات والشباب وأصحاب الإعاقة، وكان آخرها مشروع التنمية المتكاملة للثروة الحيوانية الذي حقق نتائج جيدة ساهمت في زيادة الإنتاجية وتحسين المستوى المعيشي للمربين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن