شؤون محلية

إدارة الكوارث فن يتقنه قليلون!

| د. سعـد بساطـة

تعـرّضت سوريتنا – عـلى مدى السنوات العـشر المنصرمة – لخيانة أشقائها العـرب؛ وتآمر دولي ممنهج لتخريبها؛ وقد صمدت.

ها قد أتانا الزلزال (مرة أخرى من جار السوء «تركيا»)؛ وتضررت مبان واستشهد آلاف؛ ووضعـنا تحت امتحان جاهزيتنا مرة أخرى. دعـونا نستعـرض الخسائر الناتجـة عـنه؛ وهذه يمكن تقسيمها لنوعـين؛ خسائر مادية وأخرى لامادية.

الخسائر المادية: هنالك مشكلة في إحصائها؛ ففي كل ساعـة تبرز مستجدات.

1- مئات الأبنية متهـدّمة ومنهارة؛ وآلاف العـقارات المتشقـّقة والتي تعـتبر خطرة عـلى السكان.

2- توجد آلاف الوفيات وعـشرات آلاف المصابين ((والعـدد مرشح للزيادة)).

3- هنالك مئات السيارات التي تحطمت تحت وطأة الأشجار التي تساقطت.

4- آلاف الألواح للطاقة الشمسية تكسرت؛ ومئات الصحون اللاقطة سقطت من الأسطحة فوق رؤوس المارة.

5- حالات عـديدة لخزانات وقود تسرب من شقوقها السائل وضاع في الأسيقة.

6- الخسائر الفردية في البيوت (ولاسيما في الطوابق العـالية) من زجاج ومرايا وآنية خزفية منزلية.

7- بعض الحرائق شبت في بيوت نتيجة تدحرج المدافئ واشتعـال المازوت.

أما الخسائر اللامادية: فهي بالأهمية نفسها:

1- وضع حالة الجاهزية الهشة لدى:- بسبب طول الأزمة عـلى سورية- الدفاع المدني؛ الإطفاء؛ المشافي والمستوصفات.

من ناحية الآليات؛ العـناصر البشرية؛ والمعـدات والأمر الإيجابي اهتمام شخصي من السيد الرئيس مترافقاً بزيارات ميدانية؛ وكذلك رئيس الحكومة وطاقمه.

2- مستوى الأخلاقيات الإيجابي:

* أطباء وصيدليات ومشافٍ: أعلنت عـن استقبال الحالات مجاناً.

* محال تجارية: تتبرع بالبطانيات والملابس.

* تجار وصناعـيون وأشخاص عـاديون: تبرعـات سخية مالية وعـينية.

* جهات أخرى: أماكن بالمئات لإيواء من تهدمت بيوتهم.

* الدولة: حالة جاهزية قصوى.

* الجمعـيات الأهلية لم تقصـّر بواجبها.

السلبي:

* انتشار الشائعات بمعـلومات مغلوطة تسببت بذعـر الأهالي.

* نشط اللصوص لسرقة البيوت الخالية والتي نزل أصحابها للعـراء خشية من هزات أخرى.

* تجار التطرّف الديني الذين أخذوا بمواعـظ أن سبب الزلزال هو الفسق وترك الصلاة والبعـد عـن الدين.

* انكشف النفاق حول التضامن العـربي (الذي لايزال حبراً عـلى ورق) – فلم تصل سوى مساعـدات محدودة من: العـراق؛ تونس؛ الجزائر؛ مصر والأمارات وقريباً سلطنة عـُمان.

* الشيزوفرينيا العـالمية للدول التي تنادي بالمبادئ والإنسانية ولم تتحرك سوى لنجدة تركيا.

هنا لابد من أن أورد تصنيفاً دولياً للنساء كقائدات للكوارث؛ أفضل مقارنة بالرجال، وذلك بعد مراجعة تقييمات أكثر من 60 ألف قائد.

نظراً لأن المديرات من النساء هن أمهات مسؤولات عن صغارهن في أغلب الأحيان، فإن ذلك ينعكس على أدائهن كقائدات في أماكن العمل، حيث يؤكد تقرير صادر عام 2020 أجري على عينة قوامها 5388 شخصاً، أنه نظراً لكون النساء يقمن بتدريب صغارهن بشكل أفضل، فإن الموظفين الذين يعملون تحت إشراف النساء يتفوقون على أولئك الذين يعملون لدى الرؤساء الرجال.

وكان التقرير الصادر عن منصة دولية للبحوث -وهي منصة رقمية للوظائف والعمل قائمة على الذكاء الاصطناعي تساعد الشركات على تقييم المرشحين وتوظيفهم- أظهر أن النساء يتفوقن في التطوير التنظيمي وتدريب المواهب مقارنة بالرجال، حيث يتفوق نحو 6.56 بالمئة من المهنيات في التطوير التنظيمي وتدريب المواهب مقارنة بـ3.26 بالمئة من الرجال المهنيين.

ويعزو التقرير ذلك بشكل أساسي إلى القدرة على التنشئة والتواصل العاطفي المذهل الذي تمتلكه النساء.

وهذا يدحض الحديث الضعـيف غـير المسنود «لا يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة»! نرجع بالذاكرة سنة حيث كانت أنجيلا ميركل عـلى مدى ست عـشرة سنة.. (فإما ميركل ليست امرأة؛ أو أن ألمانيا كانت فاشلة خلال تلك الفترةّ!).

لا بأس بطرفة لتطرية جو الحزن: سئل أحدهم عـن الفرق بين المصيبة والكارثة؟ أجاب: «المصيبة أن تسقط الطائرة التي تحمل حماتك؛ أما الكارثة فهي أن تنجو من الموت»..!

ختاماً أضم صوتي للفيلسوف الذي دعـا الله قائلاً: «يا ربي لا تخفف أحمالي؛ بل امنحني ظهراً كفيلاً بتحمّل عبئها.. »!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن