شؤون محلية

صندوق السكن السوري السليم

| ميشيل خياط

يؤسفنا أن نقول إن فاجعة الزلزال الرهيبة فجر السادس من شباط الجاري التي أودت بحياة 1414 سورياً وجرحت 2944 مواطنا وشردت 35467 عائلة أي ما يقرب من 212802 نسمة على الأقل، (والارقام ليست نهائية على أي حال)، في حلب واللاذقية وإدلب وحماة بشكل خاص، قد أحيت فينا مشاعر كادت تموت، مع توحش الغلاء وحيتانه، والانتشار غير المسبوق للفساد والفاسدين، مستغلين نتائج الحرب الكارثية على سورية، وضعف المؤسسات، وتخلخل الإدارة.

الفزعة المحلية والمغتربية التي شهدناها، أعادت الروح إلى إيماننا بشهامة السوريين ولهفتهم وإغاثتهم المحتاج، وتضحياتهم بما يملكون لراحة من أوجعتهم الكارثة. مشهد (خلية النحل التي تعمل ليل نهار)، التهافت للتبرع العيني والمالي السخي جدا، لعل ذلك كله يحفزنا على أن نستفيد من هذا الكنز السوري الثمين وأن نجعله مستداما، ولاسيما أن تداعيات الزلزال طويلة الأمد، وما شهدته سورية من مصائب عبر حرب استمرت وما تزال مستمرة منذ اثنتي عشرة سنة، قد أنزل بها خسائر أقلها ألف مليار دولار.

سارعت وزارة الإدارة المحلية إلى تأمين 275 مركز إيواء مؤقتاً وأعلن الرئيس التنفيذي للجنة الإنقاذ الإنسانية في الأمم المتحدة أن 15مليون سوري، بحاجة الآن إلى مساعدات إنسانية، وشاهدنا سيلاً من الطائرات والشاحنات والقوافل تحمل إلى سورية من الدول الصديقة وأغلب الدول العربية مساعدات هائلة من الطعام والمياه والدواء والبطانيات والخيام.

أحدث تصريح وزير الإسكان والأشغال العامة، عن وجود 300 شقة مسبقة الصنع ستكون جاهزة بعد شهر، تحولاً نوعياً كبيراً في التعاطي مع الإغاثة، وأن تلك الشقق ستكون دفعة أولى لمنكوبي الزلزال.

بتحفيز من السيد الرئيس بشار الأسد تأجج أداء الحكومة وبتوجيه منه، حولت تلك المساكن لمنكوبي الزلزال، وزيادة في الخير الذي نتمناه لسورية نقترح صندوقا للسكن السوري السليم، فالوطن هو البيت وهو سورية.

لا حياة دون بيت. الإنسان في أحد تعريفاته كائن بيتي، فلنجير كل هذه الحماسة نحو تغيير جذري في خريطة السكن السورية، من سكن في 58 تجمعا عشوائيا ببيوت جلها غير آمن وبعضها قابل للسقوط، بالعواصف الشديدة والأمطار الغزيرة والثلوج الكثيفة، إلى سكن سليم في ضواح جديدة على امتداد الوطن، عبر هذا الصندوق الوطني للسكن السليم، بالاستفادة من التبرعات السخية لإعادة إسكان الـ35476 عائلة مبدئياً، ثم السعي إلى استبدال كل البيوت المتهالكة وبعد ذلك بناء بيوت جديدة، بالتعاون مع الأصدقاء والحلفاء.

ومؤخرا زار وفد إيراني سورية وأبدى استعداده للمشاركة في إنجاز أبنية مسبقة الصنع. لقد قدم الحلفاء الإيرانيون مثالاً مذهلاً عندما أنجزوا ما يقرب من 7000 شقة ومتجر في الضاحية الجنوبية في بيروت خلال ثلاث سنوات، بعد تدمير إسرائيل الوحشي لها في الحرب على لبنان. ويذكر بعضنا تجربة البناء بالقالب المنزلق لـ21 طابقاً خلال أيام. فليكن البيت وهو وطن، جزءاً من إعادة إعمار سورية، ولنا في سكن الشباب خير مثال قبل الحرب، إذ كان مطروحا إنجاز 64 ألف شقة سكنية خلال 5 إلى 12سنة، وبالفعل تم إنجاز الدفعة الأولى بتسهيلات مالية ميسرة جدا إلى أن جاءت الحرب المجنونة، وقلبت الطاولة رأسا على عقب.

لعل الحكماء هم من يحولون النقمة إلى نعمة. فليحدث صندوق السكن السوري السليم وليفتح باب التسجيل فيه للجميع، بعد تأمين منكوبي الزلزال، ويمكن للمغتربين، المساهمة فيه وقد تسجل أحياء بكاملها بأسمائهم ويمكن أن يربحوا ماليا أيضاً عبر أسهم تدخل البورصة السورية هي مبادرة تستفيد من الفزعة المذهلة التي عاشها السوريون في الداخل والخارج متعاطفين مع المنكوبين، مبادرة تخفف من المصائب مهما تنوعت وأكثرها إيلاما سقوط وانهيار الأبنية على رؤوس أصحابها. وتصوغ ادخارا وطنيا رابحا وهذا معروف في مجال العقارات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن