ثقافة وفن

كفى مساساً بهذه الحضارة وهذا الإنسان.. وكفى حصاراً عليه وضرباً لقيمه … وزيرة الثقافة لـ«الوطن»: العدو الصهيوني يريد أن يزعزع ثقتنا بأنفسنا وبقدرتنا على بناء وطننا

| الوطن- تصوير: طارق السعدوني

استفاقت دمشق على وقع عدوان إسرائيلي غاشم استهدف المدنيين والمناطق السكنية في دمشق، وكان هذا العدوان متميزاً في حقده حيث طال قلعة دمشق الأثرية العظيمة، ودمر معهديها التقاني للفنون التطبيقية والآثار إضافة إلى تدمير المكاتب الإدارية للمديرية العامة للآثار والمتاحف.

وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح تفقدت قلعة دمشق وثقافي كفرسوسة، وطلبت مسح الأضرار الناجمة عن هذا العدوان.

«الوطن» التقت وزيرة الثقافة وقد تحدثت عن فداحة استهداف المواقع الآثرية والثقافية والتعليمية.

في حديث خاص لـ«الوطن» أكدت وزيرة الثقافة د. لبانة مشوّح أن هذه ليست المرة الأولى التي يطول فيها الكيان الصهيوني بعدوانه وصواريخه وإثمه المدنيين، لكن اليوم هناك استهداف مباشر للمواقع الأثرية المسجلة على قوائم التراث العالمي ولقلعة دمشق بكل رمزيتها بالنسبة للدمشقيين والسوريين.

وقالت: «داخل حرم القلعة هناك معهدان تقنيان للفنون التطبيقية ومكاتب إدارية للآثار والمتاحف، والصاروخ الصهيوني استهدف هذه المواقع مباشرة والحمدلله لم تصب القلعة بأي أضرار وفي هذا معجزة حقيقية لأن مكان سقوط الصاروخ وانفجاره لا يبعد إلا أمتاراً قليلة عن جسم القلعة، وحتى الآن لم نلاحظ أي أضرار عليه، لكن المعهد التقاني للفنون التطبيقية بمخابره وأبنيته الإدارية أصبح أثراً بعدها، كما وقع ضرر كبير على المباني الإدارية للمديرية العامة للآثار والمتاحف».

وأضافت: «هذا العدوان يدل على ما يرمي إليه العدو الصهيوني لتدمير الإنسان دون أن يفرق بين مدني وعسكري، وبات يطول المواقع الثقافية لأن المساس بالموقع الثقافي هو مساس بثقافة الإنسان ونفاذ إلى إيمانه بهويته وتمسكه بها، وتفاؤله بأنه بتاريخه وقيمه يستطيع أن ينهض ويبني كما بنى أجداده ليحافظ على هذا الإرث».

وأشارت إلى أن العدو الصهيوني يريد أن يزعزع ثقتنا بأنفسنا وبقدرتنا على إعادة بناء وطننا كما استلمناه من أجدادنا وطناً عظيماً، منوهة إلى أن الكارثة التي حلت في سورية خلال الزلزال والهزات الارتدادية لم تثن هذا العدو العنصري البغيض عن المساس بنا مرة أخرى ولم تثنه مرات ومرات لأنه هكذا هو ديدنه.

وتابعت: «اليوم نحن نتوجه إلى المنظمات الدولية المعنية بالإنسان والتراث المادي واللامادي ولاسيما اليونسكو ليرفعوا صوتهم بأنه كفى مساساً بهذه الحضارة وهذا الإنسان، وكفى حصاراً عليه وضرباً لقيمه، نحن قادرون أن نعيد بناء وطننا لكن عليكم أن تساعدونا وأن تمدوا لنا يد العون لأن هذا واجبكم في الدرجة الأولى وفي ميثاقكم وقوانينكم، لكن نحن نعلم أن يدكم مغلولة أحياناً وأنكم لا تستطيعون أن تتصرفوا إلا بما يسمح لكم به المانحون وهم الدول الغربية وأميركا غالباً ولكنّ لديكم هامشاً عليكم أن تتصرفوا».

وأوضحت أن التقييمات الأولية لموقع القلعة تشير إلى خسائر كبيرة جداً فهناك مبانٍ كاملة مهدمة على الأرض، ومن أجل إعادة العملية التدريسية يجب أولاً القيام بمسح للخسائر، ومسح للموقع من الناحية العسكرية للتأكد من خلوه من أي عبوات متفجرة قد تشكل خطراً على العاملين وهذا ما قامت به الجهات المختصة في البداية، ولفتت إلى أن العملية التدريسية ستستمر بدءاً من الأحد القادم في المكان ذاته لما له من خصوصية لمدرسيه وطلابه لذلك ستتدبر الوزارة هذه الأمور بكل استطاعتها بما يضمن أمن وسلامة الطلبة.

مسجلة على لائحة التراث

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» كشف مدير عام الآثار والمتاحف محمد نظير عوض أن: «حجم الأضرار المادية كبير جداً ونحن الآن في طور تقدير وتقييم الأضرار ولدينا مبان تربوية تعليمية جاء فيها الصاروخ بشكل مباشر وهذا المعهد يعلم الكثير من الدراسات التي لها علاقة بالآثار أصيب في ضرر بأجزاء منه والمبنى نفسه تعرض إلى تصدع وقد يكون غير قابل لاستقبال الطلاب ونحن في منتصف العام والمبنى الآخر هو مبنى العلوم التطبيقية دمر بالكامل وهو يعلم كل ماله علاقة بالصناعات الإبداعية والفنون كالنحت على الحجر والخشب والسينما وغير ذلك ولكن المبنى تاريخي قديم مسجل مع القلعة دمر بالكامل مع الأثاث الموجود فيه».

وأضاف عوض: «الغريب أن كل الاتفاقيات الدولية تمنع التعدي وقصف المواقع الأثرية في حالة الحروب هذا الموقع قصف ومدينة دمشق مسجلة على لائحة التراث العالمي وقلعة دمشق هي جزء من هذه المدينة».

تدمير العقول

ومن جهته قال رئيس قسم الضوئي والتلفزيوني في المعهد طارق السواح: «الذي نفذ هذا العمل ألم يلاحظ أن المكان يعود لمنشأة تعليمية؟ ما الغاية من تدميرها غير تدمير العقول بأي بند تصرف في الديمقراطية بل إنني أرى ديموتخريبية».

محزن جداً

الأستاذ في معهد الفنون التطبيقية عبد الرحيم قدورة قال: «منذ 23 عاماً أدرس هنا وأنا ابن المعهد، ما حدث محزن جداً وبفضل الله لا توجد أضرار كثيرة أترحم على الشهداء بصراحة الوضع لا يوصف».

الاستهداف بحقد

مدير العلاقات الثقافية في المعهد فراس دادوخ: «العدوان استهدف مكاناً في المدينة لا يوجد أي عسكري هنا من الغريب أن يتم استهدافها بهذا الحقد والمستهدف الغاية منه التأثير على المنشآت الثقافية والتراثية ويرجعنا خطوات إلى الوراء».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن