اقتصاد

أساتذة كلية الاقتصاد وقراءة في تداعيات الزلزال.. بحاجة إلى 100 ألف منزل جديد … مطالبات بإحداث هيئة وطنية لإدارة الكوارث يتبع لها صندوق وطني للبناء والتنمية

| علي محمود سليمان

ناقش عدد من الخبراء والأساتذة الجامعيين ضمن «سيمنار» قسم الاقتصاد الشهري في جامعة دمشق أمس، مجموعة من المحاور ضمن عنوان «التداعيات الاقتصادية والإنسانية على سورية جراء الزلزال»، طالبوا خلاله بإحداث هيئة وطنية لإدارة الكوارث بإشراف الجهات الحكومية ومشاركة القطاع الخاص والأهلي لتكون قادرة على إدارة ملف الكارثة وإدارة المساعدات والتبرعات.

المراحل الثلاث

الدكتور عدنان سليمان بيّن بأن استيعاب الصدمة الأولى وسرعة الاستجابة الحكومية والمجتمعية الطارئة للتعامل مع تداعيات الزلزال، كانت سريعة وفعالة وتتناسب مع مفهوم الكارثة – الصدمة (تقييم الأيام العشرة الأولى بعد الزلزال).

أما المرحلة الثانية وهي ما بعد الصدمة، فتحتاج إلى التخطيط والاستجابة المتوسطة للإيواء وإيجاد بدائل سريعة لاستدامة استيعاب كل المهجرين من بيوتهم، وإلى جهود مضاعفة، وأوضح أنه وعلى المدى المتوسط (بعد متطلبات الإيواء والغذاء والدواء) تأتي مرحلة المدارس والجامعات والوظائف والدخل وهي مرحلة تتراوح بين شهرين إلى سنتين، فيما لا يزال حجم الخسائر وحصر الأضرار وعدد المهجرين غير واضح رسمياً، وبالتالي سيكون من الصعب الآن الإعلان الرسمي عن المرحلة الثالثة للتعامل مع الكارثة، ولكنه لا يبرر التأخر في التخطيط والإعداد لها، للوصول إلى استدامة الاستقرار المكاني للمتضررين (منازل بديلة ومستدامة وبنى تحتية ووظائف واستقرار بيئة حياة كريمة).

لافتاً إلى أن إدارة الأزمة – الكارثة تعاني من تعدد الجهات الحكومية (وزارة الإدارة المحلية – وزارة الشؤون الاجتماعية – وزارة الأشغال والإسكان..) إضافة إلى المنظمات والجمعيات والنقابات والأجهزة المحلية في المحافظات، الأمر الذي يولد حالة من غياب التنسيق وحصر مسؤولية القرار والافتقاد إلى مرجعية مؤسسية واحدة للإدارة الفعالة.

تقديرات أولية

وعن تقديرات الخسائر أشار سليمان إلى أن التقديرات ستكون أولية وغير نهائية، فإن أعداد المهجرين من منازلهم وبيئتهم يتراوح بين 400 إلى 500 ألف، وبالتالي قد تكون الحاجة إلى مئة ألف منزل جديد (تكلفة بناء المنزل تتراوح بين 500 إلى 700 مليون ليرة بدون البنى التحتية والمرافق العامة) في المحافظات الثلاث (وحدها حلب يقدر عدد الأبنية المتضررة فيها من 40 إلى 50 بالمئة، من خلال ما أضافه الزلزال على تبعات اثني عشر عاماً من الحرب) في حي العامرية وحده هناك ألفا منزل قابل للهدم أو لا يصلح للسكن مقابل 12 ألفاً من السكان يحتاجون لمنازل بديلة.

أما الخسائر الأولية غير النهائية الناجمة عن الأبنية المتهدمة والمتضررة وتوقف النشاط الإنتاجي والتجاري والممتلكات الخاصة والبنى التحتية وخسارة النمو الاقتصادي فتقدر بما يتراوح بين 10 إلى 15 مليار دولار (المحافظات الأربع) إذ تقدر مساهمتها بالناتج الإجمالي ما نسبته 35 بالمئة خاصة أن حلب تساهم وحدها بأكثر من 15 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

فيما تقدر خسائر النمو الاقتصادي الإجمالي وضياع التنمية التراكمية بسبب الكارثة من سنتين إلى ثلاث سنوات وإذ تضاف إلى 20 سنة خسارة تنمية التراكمية خلال 12 سنة من الحرب، الأمر الذي يرجح تعثر النمو الاقتصادي من النصف إلى ثلاثة أرباع النقطة ليتراوح النمو في عام 2023 عند 1.5 بالمئة مع ما يرافق ذلك من إعادة توجيه الإنفاق العام وفقاً لتداعيات الزلزال، الأمر الذي سيزيد من عجز الموازنة العامة.

أما التقديرات الأولية لإعادة إعمار ما دمرته الحرب في سورية على امتداد 12 سنة فيتراوح بين 400 إلى 500 مليار دولار، وفقا لتقديرات المؤسسات المالية الدولية يضاف إليها كلفة إعادة ما دمره الزلزال وسطياً بـ20 مليار دولار.

هيئة وطنية لإدارة الكوارث

وأكد سليمان ضرورة الإشارة إلى عدم كفاية الهياكل والبنى المؤسسية الإغاثية بالتعامل مع تداعيات الكوارث الكبرى (كالفيضانات والزلازل والحروب الكبرى) وبالتالي تصبح الحاجة ضرورية إلى هيئة وطنية لإدارة الكوارث يتبع لها إحداث الصندوق الوطني للبناء والتنمية الذي يمثل الجهة المالية الوحيدة لتلقي مخصصات الكوارث والطوارئ من مخصصات حكومية سنوية وتبرعات من أي جهة أهلية أو عربية، للتدخل الطارئ والمستدام وإعادة بناء وإصلاح ما تهدم بفعل الزلازل.

وهناك فرصة تاريخية أمام الحكومة السورية بعد الكارثة لأن تبني على موقف الدول العربية والدول الصديقة بكفاءة وعقلانية والاستفادة من البيئة الإيجابية التي تشكلت بعد الزلزال على المستوى السياسي والإنساني في أن تساهم دول الخليج والصين وإيران في إعادة الإعمار والبناء والتنمية والاستثمار الكبير في البنى التحتية

دعه يعمل دعه يمر

أما الدكتور علي كنعان فطرح آليات المعالجة لآثار الأزمة التي تعيشها البلد منذ اثني عشر عاماً وما نتج عن كارثة الزلزال، ومما تقدم به المطالبة بإحداث هيئة عليا للإغاثة، وإحداث فروع في المحافظات المتضررة (حلب – إدلب – حماة – اللاذقية).

إضافة إلى ضرورة زيادة الأجور لكي تصل إلى 60 بالمئة من حجم الناتج الإجمالي تدريجياً، وتحرير الاستثمار من كل القيود الإدارية والخطط بحيث يقوم المستثمر بتأسيس مشروعه من دون أي قيود، وتخفيض الضريبة على المنشآت القائمة والمنشآت الجديدة لتشجيع الاستثمار وإقامة منشآت بكل أشكالها، مع ضرورة إعادة النظر بالدعم الاجتماعي المقدم للسلع الغذائية والمحروقات وتوزيعه نقداً إضافة إلى تشجيع إقامة شركات مساهمة عامة لنستطيع تجميع الأموال الصغيرة والمتوسطة بهدف تكوين رأسمال وطني كبير، وإلغاء الأنظمة والقوانين التي ظهرت في فترة الأزمة والتي تعيق التجارة والصناعة أو التعامل بالقطع الأجنبي والقيود على الصادرات والواردات بحيث تصبح كلها على مبدأ (دعه يعمل دعه يمر).

الأضرار

وقدم كنعان إحصائية مبدئية للأضرار الناتجة عن الزلزال مشيراً إلى أن الأضرار البشرية تصل إلى 20 مليار دولار، وهي ناتجة عن خسارة الكفاءات والأرواح البشرية، بالإضافة إلى تكاليف الإيواء وتأمين مستلزمات المتضررين لعدة سنوات.

أما الأضرار المادية المباشرة وغير المباشرة في كل القطاعات التجارية والصناعية والسكنية فتصل لنحو 20 مليار دولار، وبالتالي يكون المجموع حوالي 40 مليار دولار وهو رقم أولي وقابل للزيادة وقد يصل إلى 100 مليار دولار ما بين خسائر مباشرة وغير مباشرة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن