ثقافة وفن

الآثار المسجلة على لائحة التراث العالمي لها الأولوية … وزيرة الثقافة لـ«الوطن»: ترميم المواقع الأثرية يحتاج إلى جهد كبير وخبرات وطنية وعالمية

| إسماعيل مروة

• ماذا قدمت وزارة الثقافة بعد الكارثة التي تعرضت لها سورية؟

الوزارات المعنية بالخدمات هي التي استنفرت منذ اللحظة الأولى ونحن بطبيعة الحال أوقفنا كل أنشطتنا إلى موعد يحدد لاحقاً ووضعنا كل إمكانيات مراكزنا الثقافية بكل المحافظات وليس فقط بالمناطق المنكوبة في خدمة الجهود الإغاثية سواء لتجميع هذه الإعانات العينية وتصنيفها وتوضيبها ونقلها إلى المحافظات المعنية، أم لخدمة الذين أصبحوا بلا مأوى أو الذين غادروا منازلهم خوفاً من سقوطها بأي لحظة حيث كان الطقس سيئاً للغاية لذلك كان لابد من فتح جميع الأبواب لاستقبالهم، كما أن المجتمع الأهلي والوزارات والمنظمات المحلية والمنظمات الإغاثية كلٌّ لم يقصر ونحن كنا جزءاً من هذا الحشد لإغاثة أهالي بلدنا.

• ما أبرز الأضرار التي لحقت بالمواقع الأثرية والثقافية إثر هذا الزلزال، وهل هناك خطة لترميمها؟

في الواقع المراكز الثقافية أضرارها محدودة ومقدور عليها، أما المواقع الأثرية فقد تضررت بشكل متوسط إلى كبير خاصة في حلب حيث سقط برج من أبراج قلعة حلب وتضررت ثكنة هنانو، وبيت أجق باشا، والأسواق القديمة بشكل كبير، والأخطار في القلاع صعبة لأنه عندما تنهار أجزاء منها تتسبب بأضرار على محيطها فناهيك عن الضرر التاريخي والأثري للمكان سيكون هناك خطر على السكان أيضاً، ففي أحد مداخل قلعة حلب هناك أضرار بالغة لذلك منعنا دخول أي شخص إليها من غير المختصين.

لذلك ترميم هذه المواقع الأثرية يحتاج إلى جهد كبير وخبرات وطنية وعالمية والآن نحن نستقبل خبراء من اليونسكو مختصين بالآثار والأضرار التي تطول المباني التاريخية والقلاع نتيجة الزلزال لأن لديها معايير عالمية لابد من اتباعها.

• هل سيكون هناك تمييز لدى اليونسكو بين الآثار المسجلة وغير المسجلة على قائمة التراث العالمي؟

نحن نطلب المساعدة وهم يرسلونها لنا ولكن في طبيعة الحال الآثار المسجلة على لائحة التراث العالمي لها الأولوية مثل أسواق حلب القديمة وقلعة حلب وقلعة الحصن، القلاع الأخرى تهمنا نحن ونطلب مساعدة اليونسكو والجهات الدولية المعنية وهم من حيث المبدأ لا يبخلون لكن مساعدتهم لهذه الآثار محدودة لأن لهم أنظمتهم الخاصة ويقدمون الدعم بمقدار، مثلاً بالنسبة للأماكن المتضررة والمسجلة على لائحة التراث العالمي لديهم ما يسمى بصندوق دعم الطوارئ وهو عبارة عن مبالغ بسيطة تساعد في ترميم ما قد يؤول إلى الهدم.

• هل من الممكن أن تقوم الوزارة الآن بوضع جدول زمني؟

من الصعب القيام بوضع جدول زمني، فعلينا أولاً حصر الأضرار فما زال هناك هزات ارتدادية والتي بدورها تعني أضراراً إضافية، لذلك نحن اليوم في مرحلة الحصر والتقييم لتقدير الكلفة التقديرية لهذه الأضرار والتي ستكون كبيرة جداً.

• هذه المساكن هل ستكون دائمة أم مؤقتة؟

لا يمكن أن تكون دائمة فهي عبارة عن مبان مسبقة الصنع ولكل مرحلة إجراءات مختلفة، فالمرحلة الأولى كانت الإيواء السريع تحت أي سقف، والمرحلة الثانية كانت تجهيز مراكز للإيواء، وفي المرحلة الثالثة انتقلنا إلى مرحلة بناء سكن سواء كان مسبق الصنع أو خيماً مجهزة بكل مستلزماتها، أو بناء أبنية للسكن لكنها تحتاج إلى وقت طويل ومبالغ كبيرة وتخطيط.

• ما التغييرات التي طرأت على مهام الوزارة بعد كارثة الزلزال؟

مسكين هذا الوطن كم عانى خلال هذه السنوات الاثنتي عشرة الماضية، ومسكين الإنسان فيه كم تحول من حال إلى حال ولكن هذه هي حال الدنيا لا شيء يدوم لا الوضع السيئ ولا حتى الجيد، ونحن في مرحلة علينا أن ننظر فيها إلى أولوياتنا، ما الاحتياجات؟ ما المتطلبات؟ ما الأولويات؟، ووزارة الثقافة لم تتغير مهامها أبداً فهي لديها أهدافها الأساسية الواضحة في قانون إحداثها ولديها خطة إستراتيجية واضحة. لكن أولوياتنا الآن تصب في ثقافة الطفل بالأماكن المنكوبة، لذلك انتقلنا الآن إلى مرحلة حصر أعداد النساء والأطفال في مراكز الإيواء حيث عملت مديرية ثقافة الطفل على إجراء هذه المسوحات بالتعاون مع مديري ثقافة حلب واللاذقية وهم الآن بعداد القيام بخطة عمل تنفيذية وبرامج عمل واضحة من أجل تقديم الدعم النفسي للمتضررين وذلك بالتعاون مع مرشدين نفسيين من وزارة التربية.

وبالتأكيد لن نتخلى عن موجوداتنا الأساسية كدعم اللغة العربية وبرامجنا الإستراتيجية في حماية وتوثيق تراثنا المادي واللامادي، ودعم المفكرين والمبدعين، واحتضان المواهب، ولكن اليوم أولويتنا هي الدعم النفسي للأطفال وإن شاء الله نعود إلى برامجنا الطبيعية قريباً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن