سورية

وصفها بأنها «دولة مهمة في المنطقة».. وأكد تشجيع ومناصرة بلاده لعودة دورها الإقليمي والعربي … السفير الليبي لـ«الوطن»: الجسر الجوي مستمر وهناك مباحثات لإرسال شحنات نفطية

| موفق محمد

اعتبر سفير ليبيا في سورية، محمد بن شعبان، أن سورية «دولة مهمة في المنطقة»، وأكد أن بلاده تتمنى أن يعود لها «دورها الريادي»، و«تشجع وتناصر» عودتها إلى ممارسة دورها الإقليمي والعربي، ورجوعها إلى جامعة الدول العربية، مؤكداً أن ليبيا مع الشعب السوري في ظل الكارثة التي أحدثها الزلزال وستساعده قدر المستطاع، وأن الجسر الجوي للمساعدات الليبية مستمر وهي مقدمة من الشعب الليبي إلى الشعب السوري.

وأوضح، أن مجمل طائرات المساعدات التي قدمتها القيادة العامة للجيش الليبي وحكومة الوحدة الوطنية ووصلت من ليبيا إلى سورية حتى يوم الخميس الماضي هو 19 طائرة تقريباً، وكشف أن هناك مباحثات في ليبيا لإرسال شحنات من المساعدات النفطية.

وفي مقابلة خاصة مع «الوطن»، أوضح بن شعبان في رده على سؤال حول المساعدات التي أرسلتها ليبيا إلى سورية لمساندتها في مواجهة تداعيات الزلزال ومن الذي يرسل طائرات المساعدات خصوصاً أنه يوجد في ليبيا عدة أطراف، أوضح أن «طائرات المساعدات الليبية أقلعت من مدينتي طرابلس وبنغازي محملة بالمواد الإغاثية والغذائية والطبية وعناصر من فرق الإنقاذ».

وأضاف: «موضوع أن هناك عدة أطراف في ليبيا، نحن نمثل الشعب الليبي ولا نمثل الأطراف. القيادة العامة للجيش الليبي (بقيادة المشير خليفة حفتر) أرسلت طائرات (مساعدات) السيد عبد الحميد دبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية وبتوجيهات منه تم إرسال عدة طائرات».

فزعة

وشدد بن شعبان في المقابلة التي جرت الخميس الماضي في مقر السفارة الليبية بدمشق، على أن «هذه مساعدات من الشعب الليبي إلى الشعب السوري، وليس لها علاقة بالسياسة الداخلية أو سياسة ليبيا تجاه سورية (…)، ونحن نقول بالعامية «فزعة ليبيا لسورية» من دون أطر سياسية».

وأوضح أنه تم إرسال طائرتين محملتين بالمساعدات وتم إنزالهما في بيروت، وقد استأجرت الطائرتان حكومة الوحدة الوطنية، كما أقلعت «طائرة 330» تحمل 25 طناً من طرابلس إلى دمشق وكان بصحبتها عدد من شباب الكشافة الذين زاروا المدن المنكوبة وعملوا على مساعدة الناس.

وذكر بن شعبان، أن القيادة العامة للجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر أرسلت 14 طائرة «ليوشن 76» وكل طائرة تحمل 40 طناً من المساعدات، وأضاف: «هناك جسر جوي. كل يوم هناك طائرة على مدار الـ16 يوماً (الماضية) والطائرة رقم 16 حطت يوم (الخميس الماضي)، بمعنى الجسر الجوي من القيادة العامة للجيش الليبي لم يتوقف».

وقال: «استشعرنا حجم الكارثة التي ألمت بسورية وتنادينا وحاولنا نتكلم مع الأطراف في ليبيا التي يمكن أن تساعد، وكان مُرحباً جداً (بقرارهم) بأنهم سيساعدون، وقد أتت فرقة إنقاذ من الجيش الليبي وذهبت إلى حلب للعمل هناك وجهدهم كان مشكوراً».

وأضاف: «نحن مع الشعب السوري في هذه الضائقة، وسنساعده على قدر المستطاع والجسر الجوي مستمر. عندما تكلمت مع المشير خليفة حفتر ورئيس الحكومة، لم يعزوا الفضل لهما، وقالا هذه مساعدات من الشعب الليبي إلى الشعب السوري(…) واليوم كان هناك 5 سيارات إسعاف على ظهر «ليوشن».

وأوضح السفير الليبي، أن مجمل طائرات المساعدات التي قدمتها القيادة العامة للجيش الليبي وحكومة الوحدة الوطنية ووصلت من ليبيا إلى سورية هو «19 طائرة تقريباً»، مشيراً إلى أن طائرة «ليوشن 76» تحمل ما بين 40 – 50 طن مساعدات، مؤكداً أن إرسال المساعدات من ليبيا إلى سورية سيستمر وهي مساعدات غذائية وخيم وتدفئة ومعلبات ومساعدات طبية وبطانيات.

وبعدما كرر التأكيد على أن هذه المساعدات مقدمة من الشعب الليبي إلى الشعب السوري، أضاف «هذه ليست أموال السفير محمد بن شعبان وليست أموال رئيس الحكومة، هذه أموال الشعب الليبي والشعب الليبي مسرور لهذه المساعدات التي ترسل إلى الشعب السوري الشقيق(…) ونحن سررنا بهذا السرور».

وأعرب السفير الليبي عن رفضه لمسألة قيام أي أحد بتجيير هذا الأمر لنفسه لكي «يعمل منه نصراً وهمياً أو إعلامياً ويقول أنا الذي قدمت»، وأضاف: «الشعب الليبي هو الذي يقدم المساعدات للشعب السوري، بعيداً عن السياسة وبعيداً عن التجاذبات السياسية أو غيرها المساعدات الإنسانية لغرض المساعدات الإنسانية فقط».

نفط

ورداً على سؤال إن كانت ليبيا سترسل في هذه الفترة مساعدات نفطية إلى سورية التي تعاني منذ ما قبل كارثة الزلزال من أزمة محروقات أثرت على جهود الحكومة في التعامل مع تداعيات الزلزال خصوصاً أن ليبيا تعتبر من الدول الغنية بالنفط، قال بن شعبان: «نعم. الموضوع يتم التباحث فيه الآن لأنني طلبته بشكل رسمي، واليوم طلبت من القيادة العامة أن توفر ذلك، كما طلبت من المؤسسة الوطنية للنفط أن يتدارسوا في موضوع العقوبات المعلقة وبإذن اللـه ستكون هناك شحنة».

وأضاف: «لو لدينا حدود برية كان الوضع أفضل حتى لو تم الأمر بشكل غير قانوني، ولكن اليوم عندما تريد قطع البحار يجب أن يكون هناك إجراءات». وتابع «لو كنا مكان أي من الدول الحدودية لما كان الوضع هكذا. مستحيل أن نترك سورية».

وحول مستقبل العلاقات بين سورية وليبيا، خصوصاً أن هناك ملامح تشير إلى أن ليبيا تسير نحو استقرار بشكل عام، أوضح بن شعبان أن «العلاقات السورية- الليبية علاقات ضاربة في التاريخ»، مشيراً إلى أنه في ليبيا هناك عائلات محاربين شاركت في الحرب العربية الكبرى سنة 1947، كما لدينا 300 ألف مواطن سوري يعيشون في ليبيا ويمارسون عملهم فيها ويعيشون بين أبناء الشعب الليبي ومرحب بهم، مؤكداً أن الجالية السورية من أكثر الجاليات المرحب بها في ليبيا.

ولفت بن شعبان إلى أن هناك عمقاً تاريخياً للعلاقات الشعبية بين شعبي البلدين وكذلك للعلاقات بين القيادات السياسية، ففي سبعينيات القرن الماضي كانت سورية وليبيا دولتين متحدتين فالرئيس المرحوم حافظ الأسد والعقيد القذافي رحمه اللـه عملوا هذا الاتحاد ونتج عنه شركات اتحادية منها «الشركة السورية – الليبية للزراعة» و«الشركة السورية – الليبية للنقل» و«شركة المقاولات المتحدة» و«شركة التأمين المتحدة»، موضحاً أنه وللناحية الاقتصادية هناك «تداخل اقتصادي بشكل كبير بين البلدين».

وأضاف: «لدينا مشايخ ودكاترة جامعات متخرجين من سورية، وعندنا إخوة ليبيون متزوجون من سوريات ولدينا سوريون متزوجون من ليبيات، بمعنى رابط الدم قوي فيما بيننا»، وتابع: «من الممكن أن تختلف الحكومات والتوجهات، ولكن العلاقة الشعبية من المستحيل أن تنتهي، خاصة أننا في دولتين تربينا على القومية العربية والقضية الفلسطينية ومؤازرتها، ولكن بعد 2011 حصلت مؤامرة كبيرة وتغيير كبير في الخريطة العربية وتدخلت بعض الدول «القزمية» في ملف ليبيا وحاولت تشويهه والإعلام اشتغل على ليبيا بشراسة، واشتغل ضد سورية بشراسة لتمزيقها».

وذكر، «هم كانوا يطالبون بتغيير ما يقال عنها «الدكتاتورية» واليوم الوضع حروب (…) وتشتت في العراق واليمن وليبيا وسورية. نحن اليوم في ورطة يجب أن نخرج منها بأقل الأضرار. أسباب أن الثورة ومعها أو ضدها نحن خارجون من هذا الموضوع. نحن ندفع بكل أطيافنا السياسية بأن نذهب إلى انتخابات نزيهة، ونعمل قاعدة دستورية وننشأ برلماناً منتخباً يشرف على دستور موحد للدولة، وتوحيد الأرض الليبية والمؤسسة العسكرية الليبية والأمنية، وتوحيد الرأي السياسي، ومكافحة الإرهاب، وهذا هو توجه جميع الأطراف».

وأشار إلى أن الصراعات السياسية موجودة في دولة فيها تعددية حزبية، ولكن نحن نتمنى أن تكون لدينا قاعدة دستورية تمنعنا من التحارب، وتكون الصراعات سياسية بحتة لمصلحة الوطن والمواطن، موضحاً أن التوجه لجميع الأطراف هو «لا للإقصاء، وعدالة انتقالية وأن نذهب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية ونحن في خطوات متقدمة في هذا الأمر».

ورداً على سؤال إن كان تحقيق ذلك يمكن أن يتحقق قريباً أم سيستغرق وقتاً طويلاً، قال بن شعبان، «أعتقد أننا في ليبيا استهلكنا الكثير من الوقت، والأطراف السياسية في ليبيا فهمت أنه لا مضيعة لمزيد من الوقت. اليوم صار هناك نضج سياسي»، مشيراً إلى أن تجربة التعددية السياسية في ليبيا جديدة، إذ لم يكن لدينا أحزاب و«نحن لا نطعن في قيادة العقيد القذافي رحمه اللـه أو نطعن في قيادة الملك، ولكن نحن في تجربة تعددية جديدة في ليبيا وهذه دائماً فيها سلبيات».

وأضاف «حكمنا الملك إدريس رحمه اللـه ولم يكن هناك أحزاب، إذ كان هناك مجرد حركات سياسية بسيطة. وبعد ذلك حكم العقيد القذافي رحمه اللـه 42 سنة ولم يكن هناك تعددية حزبية، ومن ثم صار الانفجار في التعددية الحزبية والآراء السياسية المختلفة التي تولد نوعاً من الصراعات، واليوم صار هناك نضوج عام بين السياسيين ونتوقع أن يكون هناك حلول قريبة جداً».

دور ريادي

وأعرب السفير الليبي لدى دمشق عن تمنياته بأن يعود لسورية دورها الريادي، فهي «دولة مهمة في المنطقة، ونحن ضد انفراد بعض الدول «القزمية» بالرأي العربي».

وأضاف «نتمنى رجوع سورية إلى الجامعة العربية لأنها دولة مؤسسة في الجامعة»، واصفاً التحركات السياسية التي تقوم بها الدولة السورية بأنها «ممتازة» سواء لانفتاحها على أطراف إقليمية أم لناحية مبادرة سورية الرائعة للسلم التي تخدم مصلحة الشعب السوري.

وتابع: «نحن نراقب ونشجع أن ترجع سورية إلى دورها الإقليمي والعربي ومناصرين لهذا الأمر»، موضحاً أن هناك دولاً عربية كثيرة تشجع جداً عودة سورية للجامعة العربية، بمعنى هناك تقدم على هذا الصعيد.

وأشار السفير الليبي إلى أنه تم الطلب بشكل رسمي بإعادة افتتاح وعمل السفارة السورية في طرابلس وكذلك القنصلية السورية في بنغازي، معرباً عن أمله في أن يتم الأمر قريباً، مشيراً إلى أن أفراد الجالية السورية في ليبيا يعانون من مشكلة عدم وجود سفارة أو قنصلية في ليبيا «فمن يضيع جوازه يعاني من مشكلة كبيرة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن